البهجة ((تقرت)) عروسة الواحات

البهجة ((تقرت)) عروسة الواحات

الاثنين، 14 يناير 2013

التواصل البصري مع خطاب الصورة التربوية


   التواصل البصري مع خطاب الصورة التربوية 
          ـ الأيقونة التربوية في الكتاب المدرسي للطور الابتدائي ـ  أنموذجا ـ 


                                                                    الدكتور: محمد الأمين شـيخة
          جامعة الوادي  ـ الجزائرـ

تقديم:
        إذا كانت السيميائيات تنظر إلى النص الأدبي على أنّه نظام سمائي مادته الجوهرية
 في التبليغ هي اللغة، فإنّ الصورة أو الأيقونة المدرجة بهذا النص هي مستوى علامي آخر يدعم المنظومة الدلالية للنص، بل يساهم جنبا إلى جنب مع هذا الأخير في تشكيل سيميائية موحّدة تسعى إلى تحقيق السعة والشمولية، ومن خـلالها الكثافة الدلالية المتوخاة من جرّاء وضع هذه النصوص، والتنويع في دوالها اللغوية، وغير اللغوية. وكمحاولة منّا لخلق تركيبة منهجية تتموقع في الإطارين السيميولوجي والتربوي ( البيداغوجي)، فإننا حاولنا من خلال
 هذه المقاربة السيميولوجية الالتزام بقراءة تحليلية ناقدة لكيفيات وتنظيـم وبرمجة الصورة التربوية ضمن الكتاب المدرسي للطور الابتدائي، بوصفها نظاما أيقونياً أو رمزيًا، وهـو
 مجال اعتنت به النظرية الموسعة للسيميوطيقا عند ( تشارلز ساندرس بيرس)، ومن تبعه
 في هذا المجال الذي أتاح للدارسين إعادة إمكانات الإنتاج الأيقوني لجميع الوقائع الدلالية وفضاءتها ومدلولاتها .
النظم اللغوية والتواصل:
  غدت فكرة التواصل في العلوم الإنسانية هدف وغاية تسعى من خـلاله إلى تحقيق مختلف أهدافها رغـم اختلاف هذه العلوم في وضع وتسطير أسس ومعايير وشـروط هذا التواصل
ولم يبتعد البحث اللساني الحديث عن هذا المبتغى، إذ عدّه من أهم أهدافه الإنسانية من خلال نظريات الإيصال اللسانية المختلفة من مثل ما جاء عند (دي سوسير) في تركيزه على الطابع الاجتماعي للغة، وعند (رومان ياكبسون) بتركيزه على التواصل الجمالي من خلال الوظيفة الشعرية, إلا أنّ هذا التواصل اتخذ من اللغات بمختلف مستوياتها موضوعا لها، ولم يتعدّاه
 إلى مستويات أخرى أشمل ، وهـو ما أوكلت به السيميائيات بوصفها علم أشمل وأعم من اللسانيات ـ حسب رأي دي سوسير  ـ  وهي بذلك تتجاوز مجال اللغة إلى دراسة مختلف العلامات داخل الحقل الاجتماعي(( ...إذ أنّها العلم العام الذي يدرس الرموز اللغوية، وغير اللغوية التي بفضلها يتم التواصل بين البشر ))(1 ), و بذلك يتم الإحاطة بالمعنى الخفي لكل نظام علاماتي في إطار وكنف الحياة العامة (2 )، ومنه فالدوال غير اللغوية التي قد تصاحب العلامات اللغوية، أو المستغنية  بنفسها عنها أحيانا أخرى تعدّ من قبيل الاتصال .
لقـد أشار (فردينالد دي سوسير) إلى ضرورة إيجاد هذا النوع من البحث الواسع و الشامل
في مجال الدلالات التواصلية، لأنّ اللغة ليس المنظومة الإشارية الوحيدة، وأنّ ثمة منظومات أولية إشارية أخـرى تساهم في تحقيق صـور تواصلية يفترض أن تندرج في هـذا العلم المفترض(3)، كما لم يغفل اللسانيون من الذين لا يتوقفون عند المقاربات البنائية الخارجية
 إلى الجوانب الإيحائية للعلامات اللغوية في حدّ ذاتها، وأجمعوا على أنّ  قـراءة الخطاب اللغوي مُختزلاً هكذا في بعده السـردي السطحي دون التطـرق إلى الإمكانات الإشـارية والرمزية والأيقونية، لا يمكنه من الآن إلا أن يُعلن عن فقره وجموده، ومن ذلك كله يطرح المجال السميائي نفسه بديلا كإجراء ومنهج فعّال بتفرعه إلى مجالي التبليغ والدلالة, و في استثمار جميع إمكانات النص اللغوية وغير اللغوية، لرصد جميع الدلالات العاجلة والآجلة.
العلامة والارتباط الدلالي: 
  إنّ فكرة العلامة أو(sema ) عند اليونان تشير إلى مبدأ العلاقة بين طرفي الدال والمدلول
 أو اللفظ والمعنى، أو الشكل والمضمون، وهـي مفاهيم شغلت ولعصور طـويلة الفلاسفة
و الأدباء ونحاة الشعوب والأمم القديمة، ومازالت تلقى صداها في الدراسات اللغوية الحديثة
 إذ يـحاول رواد المجال اللساني والسميائي جـاهدين للوصول إلى حصر مجال العـلامة
في مفاهيم موحدة تبتعد عن النسبية، وتقترب من موضوعية العلم الـذي يتبناها كمادة بحث أولية، ومن خلال ذلك يقف مصطلح العلامة (signe ) ضمن هذا المجال السميائي للإشارة
إلى وجود علاقة ما بين شيئين متصلين ببعضهما على نحو يجعل دلالاتهما تنحصر في نوعية تلك العلاقة(( ...أو هي ماهية قابلة للإدراك(المدلول) ليست لها معنى في حد ذاتها إذا أدركت من غير ارتباطـها بالمجموعة أو العنصر القابل للإدراك ( وهو الدال)........ ))(4 )، فعلم العلامة أو السيمياء هو في حقيقته المقاربة الموضوعية العلمية للعلامة بجميع أصنافها وفـق نظام منهجي خاص، يبرز ويحدد صنف العلامة ودورها التواصلي، ويرصد طبيعة العـلائق الدلالية التي يكشف التحليل السميائي عن وجودها، وأنماط عملها داخـل هذا النظام التواصلي (5 )، الذي كثيرا مـا يشترط في كل حالاته وجود المتلقي (( .. فالنشاط السميائي كغيره من النشاطات الإنسانية لا يرى نفسه إلا جزءا من الدراسات الثقافية، فيؤكد تأكيدا حادا على أهمية المستقبل، ولهذا يتصل بنقد استجابة القارئ، ونظرية الاستقبال )) (6 )
العلاماتية والصورة الأيقونية:
      يتسع مجال السيمياء( علم العلامة) لـيتناول مجالات غير لغوية تتصل بحياة المجتمع
 في إطـار حيّز و نسق بيئي، واجتماعي خاص ومحدود بـمفاهيم وأعـراف المجتمع ذاته  وفي ذلك يشير الباحث واللغوي الفرنسي( بيار جيرو) إلى هذا المعني في حديثه عن السيمياء
 إذ يرى أنّه العلم الذي يهتم بدراسة الأنساق الاجتماعية للغات والإشارات وأنماط التـواصل وهذا التحديد يجعل من اللغة في حدّ ذاتها جزءا لا يتجزأ من الأنماط العلامية السائدة (7  )
وهو ما أكده ( سوسير) من قبل عند مقارنته بين اللسانيات و السميولوجيا، فأشار إلى أنّ هذه الأخيرة (السميولوجيا) ستكون جزءا من علم النفس الاجتماعي، إذ أنّها تدرس حياة العلامات داخل المجتمع وهي في ذات الوقت لا يمكنها أن تقوم ما لم تقم على أساسيات علم النفس (8)  وهو ما يفسر انتهاج وتـركيز بعض السيميائين صوب هـذه الجوانب الاجتماعية النفسانية
في العلامة السيميائية,  ومنهم ( مارسيلو داسكال ) الذي أشار إلى أهمية العلامة السيميائية
في ظل التواصل الاجتماعي من جهة، والتعبير عن الفكر من جهة أخرى (9 ) .
وفي إطار النظرية الموسعة للعلامة ضمن السيميوطيقا عند( ت. س. بيرس )، والتي تتأسس على الفلسفة الظاهراتية ؛ أي في دراسة ما يظهر بالقوة والفعل,وتسعى إلى الدراسة المنظمة والمنتظمة لجميع العلامات والإشارات(10), تفتح هذه النظرية آفاق البحث في مجال الأنظمة والأنماط الدلالية المختلفة من إشارات، ورموز، وأيقونات..(11 )، إذ تُعد (الصورة الأيقونية ) من أخصب مجالات الـدراسة السيميائية الحديثة نظرا للتطور الحاصل في مجالات التخطيط والتصوير والتجسيم ، وقد لا نخالف الصواب إذا قلنا بأهمية العلامة أو الصورة الأيقونية، وما يترتب عنها من عمل تصوري وإيحائي مدعم للـدلالة ومآزر للخطاب اللساني الذي أصـبح يستند إليها بعد أن كان أساسا لكل دلالة, ثم أنّها بما توفره من محاكاة حقيقية، ورسم، وتشكيل للواقعة، تمنح للدلالة نفسها صدقا وموضوعية في أقصى حدودهما بتطابق العلاقة بين طرفيها فتغدو وسيلة فعّالة في نقل المدلولات المختلفة استجابة لأي طلب أو رغبة في استخدامها(12 ) والعلامة الأيقونية في عُرف السيميائيين؛ هـي تلك التي تبين مدلولها عن طريق ( المحاكاة ) بين الدال(الصورة)، والمدلول(الواقع) مثل ما تمثله صور الأشياء، والرسوم البيانية, والنماذج
والخرائط، والمجسمات، وقد تقع هذه العلاقة بالمحاكاة في أجود صورها، من مثل ما يحدث
 في مجال الصور الفوتوغرافية، وبعض المُجسمات، فتكون الأيقونة( أيقونة عالية) ، كما قد تنخفض إلى محاكاة شـبه حقيقية (أيقونة منخفضة ) في بعض الصور التشكيلية و التقريبية للمدلولات، إلى جانب ذلك ما تمثله العلامة الرمزية في الحياة الاجتماعية الراهنة،ومساهمتها الفعّالة بجانب الأيقونة في نقل الدلالات، رغم القدر التمثيلي و المحاكاتي البسيط الذي تقدمه للمتلقي، أو مستخدم الرمز.
   إنّ المتتبع للحركة التربوية النشطة التي شهدتها جُلُّ البرامج والمناهج التعليمية في العالم المعاصر، وبفضل التقنية التي دخلت مجال التعليم، يلاحظ تلك الحاجة الملحة عند مشرعي
 و مبرمجي هذه المناهج إلى توظيف الصورة الرمزية والأيقونية ضمن المقررات الرسمية الدراسية، وخاصة في مراحل  الدراسة الأولية ، فكانت الحاجة و الضرورة لتجنيد معالجي الصور والرسومات, قصد تدعيم الدلالات والمفاهيم المقدمة للمتلقي ، إلى جانب النصوص اللغوية المصاحبة لهذه الصور، ورغم أنّ بعض الدول قطعت شوطا في مجال توظيف هذه التقنية على أسس علمية ( لسانية/نفسية/اجتماعية /جمالية  ..) تبقى بعض التجارب الأخرى بعيدة عن الاستفادة من المعطيات التي قدمتها اللسانيات التطبيقية (مجال التعليمية ), وعلم العلامات في مجال الاختصاص , ومن جملة ما يمكن أن تقدمه السيمياء في مجال التربية والتعليم، وبخاصة في المراحل التربوية الأولى وجود متخصصين( المرسل) أكفاء ودوي
دراية واسعة في مجال معالجة, واختيار الصور, والرموز المناسبة ( الرسالة) وفق شـروط  موضوعية تراعي القدرات الذهنية، والنفسية، والمعرفية للمتقبل(المرسل إليه) في هذه المرحلة إذا أريد لمثل هذه العلامات أن تؤدي الدور المنوط بها في تحقيق  التكامل الدلالي بين خطاب اللغة وخطاب الصورة في النص التربوي، ولنا في تجربة  كتب السنة الـرابعة ابتدائي, من خلال كتاب (التربية المدنية وكتاب الفرنسية) بعض المقاربات السيميولوجية حول استخدام
 )  الرمز والصورة كعلامة أيقونية موازية لخطاب اللغة, ومن أهمها ما يأتي :ä (
ـ المبرمج (المرسل): وهو واضع الصورة الذي يحاول ترجمة الخطاب اللغوي الموازي    والذي يتخذ (الخطاب اللغوي) وضعيات مختلفة في مقابل الصورة.
ـ الصورة (الرسالة ) : التي تتخذ في هذا المرجع وضعيات وصفات مختلفة من حيث العدد والحجم, ونوعية الصورة ( فوتوغرافية /  تشكيلية فنية  / رمزية/ إشارية)
ـ المتلقي (المرسل إليه): التلميذ في هذا المستوي التعليمي.
أمّا فيما يخص أهم الملامح السيميولوجية المشتركة والفارقة التي ميزت الكتابين معاً:
ـ الحفاظ على أيقونات تصورية ثابتة لأهم المراحل الإجرائية التي يمر بها الدرس بجانب عناوين: أتذكرُ / ألخصُ / ألاحظُ/ .../أقرأٌ / أتعرفُ ..... في الكتابين (ينظر الأشكال كلها)
ـ  الحفاظ على الصيغة المضارعة في أفعال الخطاب اللغوي (عناوين الفقرات)،والاستغناء عن صيغة الأمر لـدلالة تحفيز المتلقي ( التلميذ ) في التـواصل الجيد مع خطاب صورة
في الكتابين.(ينظر الأشكال كلها)
ـ تقسيم كتاب الفرنسية إلى ثلاثة مشاريع (كتابة قصة / كتابة نصوص وصفية / كتابة الشعر) مع الحفاظ على الشكل أو الصورة ( ورقة / بالون / زهرة)، واللون المعين لكل إطار في أعلى كل صفحة داخل كل مشروع (المشروع 1 ـ أخضر / المشروع 2 ـ أزرق /المشروع 3 ـ أحمر), لتسهيل عملية فتح الكتاب من قبل المتلقي في المشروع المحدد, والبحث عن الـدرس من دون أن تكون للمبرمج نيّة في دلالة اللون غير نيّة تحديد المشروع, والوصول إلى الدرس بيسر.(ينظر الأشكال5 . 6 .7 .)
ـ   الاعتماد على خلفيات لونية مختلفة لنصوص القراءة لا تطابق اللـون المعين للمشروع
المناسب بل تختلف من نص لآخر, ومن هنا غابت نيّة تحديد تموّقع النص ضمن مشروعه
مع إغفال تخصيص خلفية لونية معينة (مفارقة) لصاحب الكتاب وعنوان كتابه في آخر النص مع صغر حجم الخط الذي يمثله، مما لا يساعد المتلقي على التركيز البصري في حين يطلب منه تحديد صاحب الكتاب وعنوانه في آخر الصفحة, وهو ما يبرز عدم عناية المبرمج بأهمية التواصل البصري مع حجم الخـط في سياق الخطوط، ولا مع الخلفية اللونية التي تساعد على توجيه النظر إلى وضع معين .(ينظر الأشكال5 . 6 .7 .)
ـ الانعدام شبه الكلي للصورة الفوتوغرافية في هذا المرجع رغم حاجة بعض المواضيع لهذا الصنف من الصور ( الشكل 6 ), والاعتماد على الصور التقريبية التشكيلية التي تـحاول أن تختصر الموضوع, ولو على حساب القدرات الذهنية والبصرية لدى المتلقي.
ـ قُـسم  كتاب التربية المدنية من نفس المستوى إلى مجالات مختلفة (سبع مجالات ) تضم
 في طياتها عدّة وحدات تربوية إجرائية ( أربـع وحدات لكل مجال), مع الحفاظ على الإطار اللوني لكل مجال بوحداته في حواشي الصفحات من دون أي دلالـة رمزية في اختيار اللون غير نيّة التحديد والفصل بين كل مجال ومجال, وهو عامل ايجابي يسهل على المتلقي التعامل مع هذا المرجع.
ـ الحفاظ على الخلفية اللونية المعينة للخطابات اللغوية داخل كل مجال في فقرات ( أقرأُ / ألخص)، وتركها في فقرات (نشاط خارج القسم / نشاطات فردية / توظيف المكتسبات /...) لأهمية الفقرات الأولى في مقابل الثانية عَملياً عند المتلقي.
ـ التنويع في توظيف مختلف أصناف الصور( فوتوغرافية بنسبة كبيرة جدا /رمزية/تشكيلية فنية/ بيانية /...), ويبدو أن لجوء المبرمج إلى اعتماد الصور الفوتوغرافية يعود إلى اعتبارها  الأقدر على ترجمة الواقع المدني المحيط بالمتلقي (ينظر الأشكال 2 . 3 . 4 .).
أماّ فيما يخص موضوع الصورة الأيقونية, وعلاقتها بالخطاب اللغوي, ودورها في عملية التواصل البصري, فقد ارتأينا أن نسجل هذه المقاربة السيميولوجية التي تتأسس على تحليل أقطاب التواصل, وأنساقه, ودلالاته الرمزية, ومن ثمة حوصلة وتقييم لهذه العملية فيما يأتي:
 ـ في كتاب التربية المدنية ضمن المجال السابع( الأعياد والمناسبات) في الوحدة 3, والتي يمثلها ( الشكل 1):

أ ـ أقطاب التواصل:
المبرمج : هو واضع الصورة في (الشكل 1) من خلال فقرة (ألاحظ) ليختار صورة تشكيلية رمزية, هي في الحقيقة ترجمة للخطاب اللغوي في السؤال/الجواب 1 ( ثورة نوفمبر) بالجمع بين رمزية العلم, والحدث في الصورة المشخصة. 
الصورة:  منفردة وتقريبية تمثل شخـوص غير معروفة لدى المتلقي, وفي وضعيات مختلفة تشمل الصفحة كاملة تداخل فيها الخطاب البصري مع الخطاب اللغوي في شكل توازي بصري يعيق عملية التواصل 
المتلقي / التلميذ : في وضعية حرجة جراء التداخل اللغوي والتصويري من جهة, والتداخل بين أيقونة( ألاحظ ) وأيقونة الحدث الثوري من جهة أخرى
ب ـ أنساق التواصل:
النسق التاريخي الوطني :  يمثله الخطاب التصوري في ثـوبه الفني التشكيلي والـرمزي
  من خلال حضور رمزية العلم والشخوص التاريخية غير الموصوفة بعينها, إلا من خلال الوضعيات والعتاد الذي تحمله في مقابل بعض القرائن اللغوية الدالة والمصاحبة في الخطاب اللغوي, وأهمها الوحدات اللغوية ( اندلاع الثورة / المناسبات الوطنية / الاحتفالات/ أعيادا ) 
النسق الطبيعي:  تمثله البيئة الطبيعية التي تنقلها الصورة, وهي بيئة مجردة من كافة المعالم الحضارية ( معالم الاحتفال) التي يعرفها المتلقي, والتي ركز عليها الخطاب اللغوي في فقرة (أتذكر), وفي فقرة ( ألاحظ 1 . 2 ) .
ج ـ الدلالات الرمزية:
وبالتركيز على خطاب الصورة وأنساقها نخلص إلى الدلالات الآتية:
 الوطنية : من خلال رمزية العلم في تموقعه أعلى الصورة, والحركة التي يمثلها
 الثورة  : التنظيم, والبساطة, والشمولية (القائد / البيئة/ الشخوص)

  
د ـ التقويم :
     من خلال هذا التحليل نشير إلى محاولة المبرمج الإحاطة بالموضوع, وبالخطاب اللغوي عن طريق الصورة بالكيفية التي ميزها ما يأتي:
ـ أجاد المبرمج اختيار صنف الخطاب التصويري التشكيلي لعدم وجود ما يمثل الموضوع
 ( الثورة)  برمزية أكثر شمولية مما وضع.
ـ التداخل الواضح بين الخطابين مما يعيق التواصل البصري
ـ تموّقع أيقونة (ألاحظ) داخل الخطاب التصويري
ـ إغفال أي خطاب تصويري يترجم مظاهر الاحتفال الذي ركز عليه الخطاب اللغوي.
 أمّا في المجال السادس ( البيئة والصحة) ضمن وحدة  2 (الحفاظ على البيئة ), والتي
يمثلها (الشكل2
أ ـ أقطاب التواصل:
المبرمج: واضع لمجموعة من الصور مختلفة الأحجام (الشكل 1 . 2 . 3  في الكتاب)
كخطاب تصويري, وأسفله خطاب لغوي يرتبط بموضوع الخطاب الأول.
الصورة: مجموعة صور فوتوغرافية متداخلة, ومنفصلة, ومختلفة الأحجام ترتبط الصورتان المتداخلتان بموضوع حرائق الغابات كما هو وارد في الخطاب اللغوي الأول, أمّا الصورتان المنفصلتان فترتبطان بالاعتداء على الغابة .
المتلقي: في حالة اختبار من قبل المبرمج للتدقيق في الصور والمقارنة بينها.
ـ  أنساق التواصل:  ب
النسق الطبيعي: تمثله جميع الصور, وبالتركيز على أشجار مختلفة, وبأبعاد متفاوتة، إذ لا تمثل الصورتان المتداخلتان الدلالة المشار إليها في الخطاب اللغوي الأول( الحريق ), أمّا الصورتان الأخريان فتعكسان دلالة الموضوع في الخطاب اللغوي الثالث ( قطع الأشجار/ العبث بالطبيعة)
النسق التوعوي: استدراج المتلقي إلى التواصل مع الجمال الطبيعي في الصورتين المتداخلتين والوعي بالأخطار المحدقة بهذا المشهد في الصورتين الأخريين.

ج ـ الدلالة الرمزية:
الطبيعة  : حب الطبيعة والحفاظ عليها.
السلوك  : الموقف الإيجابي إزاء المحيط .
د ـ التقويم:
حاول المبرمج نقل الدلالات الرمزية من خلال حشد خطابات تصويرية بالكيفية التي ميزها ما يأتي:
ـ الفصل الايجابي بين أيقونة (ألاحظ) وبين خطاب الصورة وبين خطاب اللغة مما يساعد على التواصل الجيد مع جميع الخطابات
ـ غياب تام للحدث الدلالي (النار) في الشكل المشترك 1 .2 مما لا يساعد المتلقي على الربط بين الخطاب اللغوي والخطاب التصويري.
ـ التداخل بين الشكل 1 و2 مع تباين في الأبعاد, وتقارب الألوان مما يصعب الفصل بينهما عند المتلقي في هذا المستوى.
وفي المجال  الخامس (الأمن والتأمين) ضمن وحدة 1 ( قواعد المرور) التي يمثلها (الشكل3 ):
أ ـ أقطاب التواصل:  
المبرمج: واضع الصورة في الأشكال (1 .2 . 3 ) ضمن الكتاب, وهي ثلاث صور مختلفة الأحجام والأبعاد اختيرت قصد ترجمة الموضوع المعين في الوحدة, وهو اطلاع المتلقي على بعض الإشارات المرورية.
الصورة:  صور فوتوغرافية مناسبة لنقل الدلالة (بشرط الجودة)  تتناول وضعيات مرورية مختلفة, ومدعمة بصور شخوص, وسيارات، وعلامات.
المتلقي: في موقف اختبار لتحديد نوع المخالفة بالجمع بين شيئين( رمزية اللوحة والمشهد المصاحب )
ب ـ أنساق التواصل:
النسق الحضاري: تمثله المشاهد الحضرية بالصور الثلاث ( سيارات / الشرطة / أرصفة / مباني), و بأبعاد مختلفة .
النسق التوعوي: تمثله الإشارات المرورية (  منعية / إلزامية ), وبعض الشخوص (الشرطة/ الأطفال ).
ج ـ الدلالة الرمزية:
القانون  : من خلال الإشارات المرورية / حضور الشرطة كرادع
السلوك : احترام القانون / الحفاظ على السلامة الجسدية
د ـ التقويم:  
عرض المبرمج هذه الوحدة بالاعتماد على صور تترجم الدلالات السابقة بـ:
 ـ حضور الأطفال في( الشكل 3 ) ضمن الكتاب كهدف رئيس في التواصل البصري.
ـ حضور السيارة في (الشكل 2 ) من الكتاب كمسبب رئيس في الإشكال.
ـ حضور الشرطة في (الشكل 1) من الكتاب كـوسيلة مساعدة في حل الإشكال يجب
   على المتلقي التنبيه لها.
ـ الجمع بين إشارتين ( إلزامية/منعية) قد يعيق تفهم المتلقي لنوع المخالفة المطلوبة تحديدها في (الشكل 1)  ضمن الكتاب, و كذلك تكرارها في (الشكل 2 ).
من المجال الرابع (المؤسسات الخدماتية), وضمن وحدة 2 (البريد في خدمة المواطن )
والتي يمثلها (الشكل 4) :
أ ـ أقطاب التواصل:
المبرمج: واضع الصور الفوتوغرافية في الأشكال (من 1 ـ 6 ) ضمن الكتاب, وهي صور حقيقية لمجموعة مطبوعات إدارية خاصة بأقسام البريد مع حضور صورة خارجية لمكتب البريد, القصد منها اطلاع المتلقي على هذه الوثائق, ومصدرها.
الصورة: عبارة عن صور ذات أحجام مختلفة مع الحفاظ على ألوانها الحقيقية مع صورة
 في الأعلى لمكتب بريدي يحيط به مجموعة من الزبائن.
المتلقي: يطلب منه كتابة كل العبارات الواردة في الوثائق من خلال الخطاب اللغوي المرفق أسفل الصور مع الاعتماد ـ طبعا ـ على تفحص كل العبارات الواردة بها.


ب ـ أنساق التواصل:
 النسق الحضاري: تمثله المظاهر والمشاهد الحضرية ( مكاتب/ سيارات / زبائن/ لافتات/ وثائق رسمية)
النسق المعرفي: تمثله بالخصوص الوثائق الرسمية البريدية التي يسعى المبرمج إلى تعريف المتلقي بها, ومن ثمة التعريف بهذا المجال الحيوي.
ج ـ الدلالة الرمزية:
لا تبدو أي دلالة رمزية واضحة من خلال اختيار الصور في الأشكال (صور الوثائق), لأنّها ثابتة شكلا ومضمونا, ولا تخضع لإرادة المبرمج إلا في الصـورة الفوتوغرافية الأولى التي حاول المبرمج أن يشير إلى اللافتة الدالة على مصدر الوثائق ( مكتب البريد ) بـالنظر إلى الخطاب اللغوي الأول, و حضور الشخوص للدلالة على الخدمات المقدمة.
د ـ التقويم:
 مما يمكن أن نسجله في تعامل المبرمج مع هذا المجال :
ـ الحفاظ على فصل أيقونات الفقرات ( أتذكر/ ألاحظ ) عن بقية الصور.
ـ الحفاظ على تموقع الشكل الأول في أعلى الصفحة لتوجيه المتلقي إلى مصدر الوثائق
ـ الحفاظ على لون وبيانات الوثيقة كما هي في الواقع, وهذا عامل إيجابي في حالة وجود لغة واحدة, وبأحجام متباينة.
ـ  التداخل بين اللغتين (الفرنسية / العربية)  يعيق التواصل البصري, وخاصة إذا طلب من المتلقي كتابة العبارة المدرجة في كل شكل ( ينظر الخطاب اللغوي الأول) .
أمّا في كتاب الفرنسية للسنة الرابعة ابتدائي فقد خُصَّ هذا الكتاب من قبل المبرمج بأيقونات تقريبية(محاكاة منخفضة) في جلِّه، ولم يستخدم صاحبه الصور الأيقونية الحقيقية (محاكاة عالية) كما في المرجع الأول.
  إنّ ما يميز استخدام الصورة الأيقونية في كتاب الفرنسية ذي الطابع الأدبي أكثر منه مَدني واقعي هو سعي المبرمج إلى ترجمة الخطابات اللغوية الأدبية إلى خطابات تصورية محاكية
وهي مَهمة صعبة في مثل هذه النصوص الموجهة لهذا المستوى ناهيك عن عائق اللغة الذي يترصد بالمتلقي, ويمكن أن نجمل الخصائص السيميولوجية لعملية التواصل في هذا الكتاب ضمن أقطابها الثلاثة بما يأتي:
أ ـ المبرمج/والمتلقي:
 اعتنى المبرمج بعدة جوانب إيحائية أهمها: (ينظر الأشكال 5 .6 . 7 )
ـ  الجانب التحديدي للمشاريع الثلاثة بالاعتماد على اللون الخاص, والأشكال التزينية المرفقة بكل مشروع, مما يسهل الوصول إلى المشروع,  ومن ثمة الدرس عند المتلقي.
ـ الموازاة البصرية بين الخطاب اللغوي الموازي والخطاب التصويري في كامل المرجع مما يساعد المتلقي على الربط بين الدلالتين .
ـ صيغة السؤال المعتمدة في العبارة الأولى من فقرة ( أقرأُ) قبل الخطابين اللغوي والتصويري في كامل المرجع كمقدمة تحفيزية للمتلقي .
ـ ثبوت الخطاب اللغوي بـشكله الخطي, وتـرتيب عناصره في كامل المرجع مع الأيقونة المصاحبة له ضمن فقرة ( أتعرفُ)، مما يساعد المتلقي المبتدئ على انجاز المطلوب بمجرد     تفحص الخطاب اللغوي بصرياً.    
ب ـ الصورة :
  ما يميز توظيف الصورة الأيقونية في هذا المرجع ما يأتي:
ـ  لم تتداخل في هذا المرجع الخطابات اللغوية بالتصويرية ـ كما رأينا في بعض المواضيع بالكتاب الأول ـ  بل حافظ المبرمج على نظام التوازي المضطرد بينها, وإذا اضطر المبرمج لهذا التداخل بسبب ضيق المساحة المخصصة للفقرة (أقرأُ) و(أتعرفُ), فإنه يَعمَدُ إلى فصل الخطابين بخلفية لونية مختلفة لكل خطاب ( ينظر الشكل 6 ) .
ـ  التدرج في مستوى توظيف الصورة وفق صعوبة الخطاب اللغوي الأدبي المصاحب لها وفق ما يأتي :
      أ ـ في المشروع الثالث والأخير ( كتابة الشعر) :
      وظف المبرمج صور تقريبية منخفضة إلى أقصى حدودها إيحائيا ودلاليا في مقابل
      الخطاب اللغوي الشعري لصعوبة تحقيق المقابلة الدلالية (ينظر الشكل 7 )
              ب ـ في المشروع الثاني (كتابة نص وصفي تقريري):
            وظف المبرمج صور تقريبية تشكيلية بسيطة ـ غالبا ـ تحاول حصر دلالات                  الموضوع الوصفي التقريري حصرا مجملا, برغم أن هذا المشروع في حاجة
             ماسة إلى صور فوتوغرافية حيّة تترجم الواقع الموصوف بذاته لا بذات وقلم                 المبرمج. (ينظر الشكل 6 )
       ج ـ في المشروع الأول (كتابة قصة ):
              وظف المبرمج صـور تقريبية تشكيلة هي أكثر إيحاء من سابقتيها لـتركيز                    الصورة على الشخوص المفترضة, وأهـم الحوادث كعناصر دلالية رئيسة
              وهو مجال لا يحتاج فيه المبرمج إلى الصور الحقيقة, لأنها لا تفي بالغرض
             ورغم ذلك لم ينتبه المبرمج لبعض العناصر أو البؤر الدالة ضمن صـوره                       المفترضة, ومنها (الشكل 5) الذي غابت فيه الدلالة من خلال انعدام الربط     
               بين الخطاب اللغوي الذي يشير إلى( حشرات النمل الضخمة), واختفاء هذا
               العنصر في الصورة.
خاتمة :
      ومن خلال تتبع دور العلامة كمادة بحث وتقصي ضمن علم العلامة , والعلاقة الحيوية  بين طرفيها، ودور العلامة والأيقونية في إثراء البحث السيميائي، نخلص إلى أبراز دور هذه الأخيرة في مجال التعليميات الحـديثة، وفي ظل هـذا التقدم الحادث على مستوى المناهـج
و الوسائل، وبخاصة في المراحل الأولية للتعليم, لما لها من أهمية في تنمية الإدراك البصري عند المتلقي إدراكاً يقيم فيه مكانة اللون, والحجم, والشكل, والموقع,  وإثراء وتدعيم التحصيل المعرفي الذي لم يعد يعتمد على اللغة فقط، بل وعلى الصورة الناطقة بالواقع، وكذا المساهمة في تيسير تعليم اللغات الأجنبية للصغار عن طريق اللغة والصورة  للوصول في فيما بعد إلى مرحلة الصوت بشتى وسائله التقنية، وأن لا تبقى المعارف السيميائية حبيسة البحوث اللسانية النصية، أو وسيلة من وسائل الاستهلاك الاشهاري, و الإعلامي, أو الاقتصادي .


الهوامش:
 1ـ محمد إقبال عروي : السيميائيات وتحليلها، عالم الفكر ، م ،و ،ث ، ف ، آ ،الكويت
                          مج 24 ، ع 3 ، 1996م ، ص 191  
2 ـ ينظر: سعيد بنكراد ، السيميائيات ،مفاهيمها ، منشورات الزمن ، ك 11 ، ص 6
3ـ ينظر :خريستو تودوروف ، نقد مفهوم علم الأدب عند رولان بارط ، (تر) حسين جمعة            مجلة الآداب الأجنبية ، ع 97 ، اتحاد الكتاب العرب ، سوريا ، (دتا) ، ص 71 .
4ـ سمير سعيد حجازي: قاموس مصطلحات النقد الأدبي المعاصر، دار الآفاق العربية
                         ط 1 ، القاهرة ، 2001 م ، ص 122 .
5ـ ينظر : المرجع نفسه ، ص 120 .
6ـ ميجان الرويلي / سعد البازعي : دليل الناقد الأدبي ، المركز الثقافي العربي  ، ط2                                            بيروت / المغرب ، دتا ، ص 115 .
7ـ ينظر: بيار جيرو ، علم الإشارة ( السيميولوجيا ) ، (ت) منذر عياشي ، دار طلاس                ط1   سوريا ، 1988م ، ص 22 ـ 32
8 ـ ينظر : المرجع السابق ، ص 114 .
9ـ ينظر : مارسيلو داسكال ، الاتجاهات السيميولوجية ،(ت) مبارك حنون ، إفريقيا الشرق             المغرب ، 1987 م ، ص 10 ـ 11 .
10ـ ينظر : ميجان الرويلي / سعد البازعي ، دليل الناقد الأدبي ، ص 106 .
11 ـ ينظر : جميل حمداوي ، السيميوطيقا والعنونة ، عالم الفكر ، مج 25 ، ع 3 ،  م                  و ،ث ، ف ، آ ، الكويت ، 1997 م ، ص 92 .
Thomas pouel / le mirage linguistique .paris .e/minuit .1988.p1212  ـ
 ـ    ä
أ ـ ينظر : الجديد في التربية المدنية ، السنة 4 ابتدائي ، معالجة الصور (زهير  يحياوي) الديوان الوطني للمطبوعات المدرسية ، 2009/2010 م ، ص 121 .
Mon livre de français/ 4 année primaire .maquette / karim  ب ـ ينظر:    
                                                                             hamoum.2009.2010.onps .p22

التواصل البصري مع خطاب الصورة التربوية


   التواصل البصري مع خطاب الصورة التربوية 
          ـ الأيقونة التربوية في الكتاب المدرسي للطور الابتدائي ـ  أنموذجا ـ 


                                                                    الدكتور: محمد الأمين شـيخة
          جامعة الوادي  ـ الجزائرـ

تقديم:
        إذا كانت السيميائيات تنظر إلى النص الأدبي على أنّه نظام سمائي مادته الجوهرية
 في التبليغ هي اللغة، فإنّ الصورة أو الأيقونة المدرجة بهذا النص هي مستوى علامي آخر يدعم المنظومة الدلالية للنص، بل يساهم جنبا إلى جنب مع هذا الأخير في تشكيل سيميائية موحّدة تسعى إلى تحقيق السعة والشمولية، ومن خـلالها الكثافة الدلالية المتوخاة من جرّاء وضع هذه النصوص، والتنويع في دوالها اللغوية، وغير اللغوية. وكمحاولة منّا لخلق تركيبة منهجية تتموقع في الإطارين السيميولوجي والتربوي ( البيداغوجي)، فإننا حاولنا من خلال
 هذه المقاربة السيميولوجية الالتزام بقراءة تحليلية ناقدة لكيفيات وتنظيـم وبرمجة الصورة التربوية ضمن الكتاب المدرسي للطور الابتدائي، بوصفها نظاما أيقونياً أو رمزيًا، وهـو
 مجال اعتنت به النظرية الموسعة للسيميوطيقا عند ( تشارلز ساندرس بيرس)، ومن تبعه
 في هذا المجال الذي أتاح للدارسين إعادة إمكانات الإنتاج الأيقوني لجميع الوقائع الدلالية وفضاءتها ومدلولاتها .
النظم اللغوية والتواصل:
  غدت فكرة التواصل في العلوم الإنسانية هدف وغاية تسعى من خـلاله إلى تحقيق مختلف أهدافها رغـم اختلاف هذه العلوم في وضع وتسطير أسس ومعايير وشـروط هذا التواصل
ولم يبتعد البحث اللساني الحديث عن هذا المبتغى، إذ عدّه من أهم أهدافه الإنسانية من خلال نظريات الإيصال اللسانية المختلفة من مثل ما جاء عند (دي سوسير) في تركيزه على الطابع الاجتماعي للغة، وعند (رومان ياكبسون) بتركيزه على التواصل الجمالي من خلال الوظيفة الشعرية, إلا أنّ هذا التواصل اتخذ من اللغات بمختلف مستوياتها موضوعا لها، ولم يتعدّاه
 إلى مستويات أخرى أشمل ، وهـو ما أوكلت به السيميائيات بوصفها علم أشمل وأعم من اللسانيات ـ حسب رأي دي سوسير  ـ  وهي بذلك تتجاوز مجال اللغة إلى دراسة مختلف العلامات داخل الحقل الاجتماعي(( ...إذ أنّها العلم العام الذي يدرس الرموز اللغوية، وغير اللغوية التي بفضلها يتم التواصل بين البشر ))(1 ), و بذلك يتم الإحاطة بالمعنى الخفي لكل نظام علاماتي في إطار وكنف الحياة العامة (2 )، ومنه فالدوال غير اللغوية التي قد تصاحب العلامات اللغوية، أو المستغنية  بنفسها عنها أحيانا أخرى تعدّ من قبيل الاتصال .
لقـد أشار (فردينالد دي سوسير) إلى ضرورة إيجاد هذا النوع من البحث الواسع و الشامل
في مجال الدلالات التواصلية، لأنّ اللغة ليس المنظومة الإشارية الوحيدة، وأنّ ثمة منظومات أولية إشارية أخـرى تساهم في تحقيق صـور تواصلية يفترض أن تندرج في هـذا العلم المفترض(3)، كما لم يغفل اللسانيون من الذين لا يتوقفون عند المقاربات البنائية الخارجية
 إلى الجوانب الإيحائية للعلامات اللغوية في حدّ ذاتها، وأجمعوا على أنّ  قـراءة الخطاب اللغوي مُختزلاً هكذا في بعده السـردي السطحي دون التطـرق إلى الإمكانات الإشـارية والرمزية والأيقونية، لا يمكنه من الآن إلا أن يُعلن عن فقره وجموده، ومن ذلك كله يطرح المجال السميائي نفسه بديلا كإجراء ومنهج فعّال بتفرعه إلى مجالي التبليغ والدلالة, و في استثمار جميع إمكانات النص اللغوية وغير اللغوية، لرصد جميع الدلالات العاجلة والآجلة.
العلامة والارتباط الدلالي: 
  إنّ فكرة العلامة أو(sema ) عند اليونان تشير إلى مبدأ العلاقة بين طرفي الدال والمدلول
 أو اللفظ والمعنى، أو الشكل والمضمون، وهـي مفاهيم شغلت ولعصور طـويلة الفلاسفة
و الأدباء ونحاة الشعوب والأمم القديمة، ومازالت تلقى صداها في الدراسات اللغوية الحديثة
 إذ يـحاول رواد المجال اللساني والسميائي جـاهدين للوصول إلى حصر مجال العـلامة
في مفاهيم موحدة تبتعد عن النسبية، وتقترب من موضوعية العلم الـذي يتبناها كمادة بحث أولية، ومن خلال ذلك يقف مصطلح العلامة (signe ) ضمن هذا المجال السميائي للإشارة
إلى وجود علاقة ما بين شيئين متصلين ببعضهما على نحو يجعل دلالاتهما تنحصر في نوعية تلك العلاقة(( ...أو هي ماهية قابلة للإدراك(المدلول) ليست لها معنى في حد ذاتها إذا أدركت من غير ارتباطـها بالمجموعة أو العنصر القابل للإدراك ( وهو الدال)........ ))(4 )، فعلم العلامة أو السيمياء هو في حقيقته المقاربة الموضوعية العلمية للعلامة بجميع أصنافها وفـق نظام منهجي خاص، يبرز ويحدد صنف العلامة ودورها التواصلي، ويرصد طبيعة العـلائق الدلالية التي يكشف التحليل السميائي عن وجودها، وأنماط عملها داخـل هذا النظام التواصلي (5 )، الذي كثيرا مـا يشترط في كل حالاته وجود المتلقي (( .. فالنشاط السميائي كغيره من النشاطات الإنسانية لا يرى نفسه إلا جزءا من الدراسات الثقافية، فيؤكد تأكيدا حادا على أهمية المستقبل، ولهذا يتصل بنقد استجابة القارئ، ونظرية الاستقبال )) (6 )
العلاماتية والصورة الأيقونية:
      يتسع مجال السيمياء( علم العلامة) لـيتناول مجالات غير لغوية تتصل بحياة المجتمع
 في إطـار حيّز و نسق بيئي، واجتماعي خاص ومحدود بـمفاهيم وأعـراف المجتمع ذاته  وفي ذلك يشير الباحث واللغوي الفرنسي( بيار جيرو) إلى هذا المعني في حديثه عن السيمياء
 إذ يرى أنّه العلم الذي يهتم بدراسة الأنساق الاجتماعية للغات والإشارات وأنماط التـواصل وهذا التحديد يجعل من اللغة في حدّ ذاتها جزءا لا يتجزأ من الأنماط العلامية السائدة (7  )
وهو ما أكده ( سوسير) من قبل عند مقارنته بين اللسانيات و السميولوجيا، فأشار إلى أنّ هذه الأخيرة (السميولوجيا) ستكون جزءا من علم النفس الاجتماعي، إذ أنّها تدرس حياة العلامات داخل المجتمع وهي في ذات الوقت لا يمكنها أن تقوم ما لم تقم على أساسيات علم النفس (8)  وهو ما يفسر انتهاج وتـركيز بعض السيميائين صوب هـذه الجوانب الاجتماعية النفسانية
في العلامة السيميائية,  ومنهم ( مارسيلو داسكال ) الذي أشار إلى أهمية العلامة السيميائية
في ظل التواصل الاجتماعي من جهة، والتعبير عن الفكر من جهة أخرى (9 ) .
وفي إطار النظرية الموسعة للعلامة ضمن السيميوطيقا عند( ت. س. بيرس )، والتي تتأسس على الفلسفة الظاهراتية ؛ أي في دراسة ما يظهر بالقوة والفعل,وتسعى إلى الدراسة المنظمة والمنتظمة لجميع العلامات والإشارات(10), تفتح هذه النظرية آفاق البحث في مجال الأنظمة والأنماط الدلالية المختلفة من إشارات، ورموز، وأيقونات..(11 )، إذ تُعد (الصورة الأيقونية ) من أخصب مجالات الـدراسة السيميائية الحديثة نظرا للتطور الحاصل في مجالات التخطيط والتصوير والتجسيم ، وقد لا نخالف الصواب إذا قلنا بأهمية العلامة أو الصورة الأيقونية، وما يترتب عنها من عمل تصوري وإيحائي مدعم للـدلالة ومآزر للخطاب اللساني الذي أصـبح يستند إليها بعد أن كان أساسا لكل دلالة, ثم أنّها بما توفره من محاكاة حقيقية، ورسم، وتشكيل للواقعة، تمنح للدلالة نفسها صدقا وموضوعية في أقصى حدودهما بتطابق العلاقة بين طرفيها فتغدو وسيلة فعّالة في نقل المدلولات المختلفة استجابة لأي طلب أو رغبة في استخدامها(12 ) والعلامة الأيقونية في عُرف السيميائيين؛ هـي تلك التي تبين مدلولها عن طريق ( المحاكاة ) بين الدال(الصورة)، والمدلول(الواقع) مثل ما تمثله صور الأشياء، والرسوم البيانية, والنماذج
والخرائط، والمجسمات، وقد تقع هذه العلاقة بالمحاكاة في أجود صورها، من مثل ما يحدث
 في مجال الصور الفوتوغرافية، وبعض المُجسمات، فتكون الأيقونة( أيقونة عالية) ، كما قد تنخفض إلى محاكاة شـبه حقيقية (أيقونة منخفضة ) في بعض الصور التشكيلية و التقريبية للمدلولات، إلى جانب ذلك ما تمثله العلامة الرمزية في الحياة الاجتماعية الراهنة،ومساهمتها الفعّالة بجانب الأيقونة في نقل الدلالات، رغم القدر التمثيلي و المحاكاتي البسيط الذي تقدمه للمتلقي، أو مستخدم الرمز.
   إنّ المتتبع للحركة التربوية النشطة التي شهدتها جُلُّ البرامج والمناهج التعليمية في العالم المعاصر، وبفضل التقنية التي دخلت مجال التعليم، يلاحظ تلك الحاجة الملحة عند مشرعي
 و مبرمجي هذه المناهج إلى توظيف الصورة الرمزية والأيقونية ضمن المقررات الرسمية الدراسية، وخاصة في مراحل  الدراسة الأولية ، فكانت الحاجة و الضرورة لتجنيد معالجي الصور والرسومات, قصد تدعيم الدلالات والمفاهيم المقدمة للمتلقي ، إلى جانب النصوص اللغوية المصاحبة لهذه الصور، ورغم أنّ بعض الدول قطعت شوطا في مجال توظيف هذه التقنية على أسس علمية ( لسانية/نفسية/اجتماعية /جمالية  ..) تبقى بعض التجارب الأخرى بعيدة عن الاستفادة من المعطيات التي قدمتها اللسانيات التطبيقية (مجال التعليمية ), وعلم العلامات في مجال الاختصاص , ومن جملة ما يمكن أن تقدمه السيمياء في مجال التربية والتعليم، وبخاصة في المراحل التربوية الأولى وجود متخصصين( المرسل) أكفاء ودوي
دراية واسعة في مجال معالجة, واختيار الصور, والرموز المناسبة ( الرسالة) وفق شـروط  موضوعية تراعي القدرات الذهنية، والنفسية، والمعرفية للمتقبل(المرسل إليه) في هذه المرحلة إذا أريد لمثل هذه العلامات أن تؤدي الدور المنوط بها في تحقيق  التكامل الدلالي بين خطاب اللغة وخطاب الصورة في النص التربوي، ولنا في تجربة  كتب السنة الـرابعة ابتدائي, من خلال كتاب (التربية المدنية وكتاب الفرنسية) بعض المقاربات السيميولوجية حول استخدام
 )  الرمز والصورة كعلامة أيقونية موازية لخطاب اللغة, ومن أهمها ما يأتي :ä (
ـ المبرمج (المرسل): وهو واضع الصورة الذي يحاول ترجمة الخطاب اللغوي الموازي    والذي يتخذ (الخطاب اللغوي) وضعيات مختلفة في مقابل الصورة.
ـ الصورة (الرسالة ) : التي تتخذ في هذا المرجع وضعيات وصفات مختلفة من حيث العدد والحجم, ونوعية الصورة ( فوتوغرافية /  تشكيلية فنية  / رمزية/ إشارية)
ـ المتلقي (المرسل إليه): التلميذ في هذا المستوي التعليمي.
أمّا فيما يخص أهم الملامح السيميولوجية المشتركة والفارقة التي ميزت الكتابين معاً:
ـ الحفاظ على أيقونات تصورية ثابتة لأهم المراحل الإجرائية التي يمر بها الدرس بجانب عناوين: أتذكرُ / ألخصُ / ألاحظُ/ .../أقرأٌ / أتعرفُ ..... في الكتابين (ينظر الأشكال كلها)
ـ  الحفاظ على الصيغة المضارعة في أفعال الخطاب اللغوي (عناوين الفقرات)،والاستغناء عن صيغة الأمر لـدلالة تحفيز المتلقي ( التلميذ ) في التـواصل الجيد مع خطاب صورة
في الكتابين.(ينظر الأشكال كلها)
ـ تقسيم كتاب الفرنسية إلى ثلاثة مشاريع (كتابة قصة / كتابة نصوص وصفية / كتابة الشعر) مع الحفاظ على الشكل أو الصورة ( ورقة / بالون / زهرة)، واللون المعين لكل إطار في أعلى كل صفحة داخل كل مشروع (المشروع 1 ـ أخضر / المشروع 2 ـ أزرق /المشروع 3 ـ أحمر), لتسهيل عملية فتح الكتاب من قبل المتلقي في المشروع المحدد, والبحث عن الـدرس من دون أن تكون للمبرمج نيّة في دلالة اللون غير نيّة تحديد المشروع, والوصول إلى الدرس بيسر.(ينظر الأشكال5 . 6 .7 .)
ـ   الاعتماد على خلفيات لونية مختلفة لنصوص القراءة لا تطابق اللـون المعين للمشروع
المناسب بل تختلف من نص لآخر, ومن هنا غابت نيّة تحديد تموّقع النص ضمن مشروعه
مع إغفال تخصيص خلفية لونية معينة (مفارقة) لصاحب الكتاب وعنوان كتابه في آخر النص مع صغر حجم الخط الذي يمثله، مما لا يساعد المتلقي على التركيز البصري في حين يطلب منه تحديد صاحب الكتاب وعنوانه في آخر الصفحة, وهو ما يبرز عدم عناية المبرمج بأهمية التواصل البصري مع حجم الخـط في سياق الخطوط، ولا مع الخلفية اللونية التي تساعد على توجيه النظر إلى وضع معين .(ينظر الأشكال5 . 6 .7 .)
ـ الانعدام شبه الكلي للصورة الفوتوغرافية في هذا المرجع رغم حاجة بعض المواضيع لهذا الصنف من الصور ( الشكل 6 ), والاعتماد على الصور التقريبية التشكيلية التي تـحاول أن تختصر الموضوع, ولو على حساب القدرات الذهنية والبصرية لدى المتلقي.
ـ قُـسم  كتاب التربية المدنية من نفس المستوى إلى مجالات مختلفة (سبع مجالات ) تضم
 في طياتها عدّة وحدات تربوية إجرائية ( أربـع وحدات لكل مجال), مع الحفاظ على الإطار اللوني لكل مجال بوحداته في حواشي الصفحات من دون أي دلالـة رمزية في اختيار اللون غير نيّة التحديد والفصل بين كل مجال ومجال, وهو عامل ايجابي يسهل على المتلقي التعامل مع هذا المرجع.
ـ الحفاظ على الخلفية اللونية المعينة للخطابات اللغوية داخل كل مجال في فقرات ( أقرأُ / ألخص)، وتركها في فقرات (نشاط خارج القسم / نشاطات فردية / توظيف المكتسبات /...) لأهمية الفقرات الأولى في مقابل الثانية عَملياً عند المتلقي.
ـ التنويع في توظيف مختلف أصناف الصور( فوتوغرافية بنسبة كبيرة جدا /رمزية/تشكيلية فنية/ بيانية /...), ويبدو أن لجوء المبرمج إلى اعتماد الصور الفوتوغرافية يعود إلى اعتبارها  الأقدر على ترجمة الواقع المدني المحيط بالمتلقي (ينظر الأشكال 2 . 3 . 4 .).
أماّ فيما يخص موضوع الصورة الأيقونية, وعلاقتها بالخطاب اللغوي, ودورها في عملية التواصل البصري, فقد ارتأينا أن نسجل هذه المقاربة السيميولوجية التي تتأسس على تحليل أقطاب التواصل, وأنساقه, ودلالاته الرمزية, ومن ثمة حوصلة وتقييم لهذه العملية فيما يأتي:
 ـ في كتاب التربية المدنية ضمن المجال السابع( الأعياد والمناسبات) في الوحدة 3, والتي يمثلها ( الشكل 1):

أ ـ أقطاب التواصل:
المبرمج : هو واضع الصورة في (الشكل 1) من خلال فقرة (ألاحظ) ليختار صورة تشكيلية رمزية, هي في الحقيقة ترجمة للخطاب اللغوي في السؤال/الجواب 1 ( ثورة نوفمبر) بالجمع بين رمزية العلم, والحدث في الصورة المشخصة. 
الصورة:  منفردة وتقريبية تمثل شخـوص غير معروفة لدى المتلقي, وفي وضعيات مختلفة تشمل الصفحة كاملة تداخل فيها الخطاب البصري مع الخطاب اللغوي في شكل توازي بصري يعيق عملية التواصل 
المتلقي / التلميذ : في وضعية حرجة جراء التداخل اللغوي والتصويري من جهة, والتداخل بين أيقونة( ألاحظ ) وأيقونة الحدث الثوري من جهة أخرى
ب ـ أنساق التواصل:
النسق التاريخي الوطني :  يمثله الخطاب التصوري في ثـوبه الفني التشكيلي والـرمزي
  من خلال حضور رمزية العلم والشخوص التاريخية غير الموصوفة بعينها, إلا من خلال الوضعيات والعتاد الذي تحمله في مقابل بعض القرائن اللغوية الدالة والمصاحبة في الخطاب اللغوي, وأهمها الوحدات اللغوية ( اندلاع الثورة / المناسبات الوطنية / الاحتفالات/ أعيادا ) 
النسق الطبيعي:  تمثله البيئة الطبيعية التي تنقلها الصورة, وهي بيئة مجردة من كافة المعالم الحضارية ( معالم الاحتفال) التي يعرفها المتلقي, والتي ركز عليها الخطاب اللغوي في فقرة (أتذكر), وفي فقرة ( ألاحظ 1 . 2 ) .
ج ـ الدلالات الرمزية:
وبالتركيز على خطاب الصورة وأنساقها نخلص إلى الدلالات الآتية:
 الوطنية : من خلال رمزية العلم في تموقعه أعلى الصورة, والحركة التي يمثلها
 الثورة  : التنظيم, والبساطة, والشمولية (القائد / البيئة/ الشخوص)

  
د ـ التقويم :
     من خلال هذا التحليل نشير إلى محاولة المبرمج الإحاطة بالموضوع, وبالخطاب اللغوي عن طريق الصورة بالكيفية التي ميزها ما يأتي:
ـ أجاد المبرمج اختيار صنف الخطاب التصويري التشكيلي لعدم وجود ما يمثل الموضوع
 ( الثورة)  برمزية أكثر شمولية مما وضع.
ـ التداخل الواضح بين الخطابين مما يعيق التواصل البصري
ـ تموّقع أيقونة (ألاحظ) داخل الخطاب التصويري
ـ إغفال أي خطاب تصويري يترجم مظاهر الاحتفال الذي ركز عليه الخطاب اللغوي.
 أمّا في المجال السادس ( البيئة والصحة) ضمن وحدة  2 (الحفاظ على البيئة ), والتي
يمثلها (الشكل2
أ ـ أقطاب التواصل:
المبرمج: واضع لمجموعة من الصور مختلفة الأحجام (الشكل 1 . 2 . 3  في الكتاب)
كخطاب تصويري, وأسفله خطاب لغوي يرتبط بموضوع الخطاب الأول.
الصورة: مجموعة صور فوتوغرافية متداخلة, ومنفصلة, ومختلفة الأحجام ترتبط الصورتان المتداخلتان بموضوع حرائق الغابات كما هو وارد في الخطاب اللغوي الأول, أمّا الصورتان المنفصلتان فترتبطان بالاعتداء على الغابة .
المتلقي: في حالة اختبار من قبل المبرمج للتدقيق في الصور والمقارنة بينها.
ـ  أنساق التواصل:  ب
النسق الطبيعي: تمثله جميع الصور, وبالتركيز على أشجار مختلفة, وبأبعاد متفاوتة، إذ لا تمثل الصورتان المتداخلتان الدلالة المشار إليها في الخطاب اللغوي الأول( الحريق ), أمّا الصورتان الأخريان فتعكسان دلالة الموضوع في الخطاب اللغوي الثالث ( قطع الأشجار/ العبث بالطبيعة)
النسق التوعوي: استدراج المتلقي إلى التواصل مع الجمال الطبيعي في الصورتين المتداخلتين والوعي بالأخطار المحدقة بهذا المشهد في الصورتين الأخريين.

ج ـ الدلالة الرمزية:
الطبيعة  : حب الطبيعة والحفاظ عليها.
السلوك  : الموقف الإيجابي إزاء المحيط .
د ـ التقويم:
حاول المبرمج نقل الدلالات الرمزية من خلال حشد خطابات تصويرية بالكيفية التي ميزها ما يأتي:
ـ الفصل الايجابي بين أيقونة (ألاحظ) وبين خطاب الصورة وبين خطاب اللغة مما يساعد على التواصل الجيد مع جميع الخطابات
ـ غياب تام للحدث الدلالي (النار) في الشكل المشترك 1 .2 مما لا يساعد المتلقي على الربط بين الخطاب اللغوي والخطاب التصويري.
ـ التداخل بين الشكل 1 و2 مع تباين في الأبعاد, وتقارب الألوان مما يصعب الفصل بينهما عند المتلقي في هذا المستوى.
وفي المجال  الخامس (الأمن والتأمين) ضمن وحدة 1 ( قواعد المرور) التي يمثلها (الشكل3 ):
أ ـ أقطاب التواصل:  
المبرمج: واضع الصورة في الأشكال (1 .2 . 3 ) ضمن الكتاب, وهي ثلاث صور مختلفة الأحجام والأبعاد اختيرت قصد ترجمة الموضوع المعين في الوحدة, وهو اطلاع المتلقي على بعض الإشارات المرورية.
الصورة:  صور فوتوغرافية مناسبة لنقل الدلالة (بشرط الجودة)  تتناول وضعيات مرورية مختلفة, ومدعمة بصور شخوص, وسيارات، وعلامات.
المتلقي: في موقف اختبار لتحديد نوع المخالفة بالجمع بين شيئين( رمزية اللوحة والمشهد المصاحب )
ب ـ أنساق التواصل:
النسق الحضاري: تمثله المشاهد الحضرية بالصور الثلاث ( سيارات / الشرطة / أرصفة / مباني), و بأبعاد مختلفة .
النسق التوعوي: تمثله الإشارات المرورية (  منعية / إلزامية ), وبعض الشخوص (الشرطة/ الأطفال ).
ج ـ الدلالة الرمزية:
القانون  : من خلال الإشارات المرورية / حضور الشرطة كرادع
السلوك : احترام القانون / الحفاظ على السلامة الجسدية
د ـ التقويم:  
عرض المبرمج هذه الوحدة بالاعتماد على صور تترجم الدلالات السابقة بـ:
 ـ حضور الأطفال في( الشكل 3 ) ضمن الكتاب كهدف رئيس في التواصل البصري.
ـ حضور السيارة في (الشكل 2 ) من الكتاب كمسبب رئيس في الإشكال.
ـ حضور الشرطة في (الشكل 1) من الكتاب كـوسيلة مساعدة في حل الإشكال يجب
   على المتلقي التنبيه لها.
ـ الجمع بين إشارتين ( إلزامية/منعية) قد يعيق تفهم المتلقي لنوع المخالفة المطلوبة تحديدها في (الشكل 1)  ضمن الكتاب, و كذلك تكرارها في (الشكل 2 ).
من المجال الرابع (المؤسسات الخدماتية), وضمن وحدة 2 (البريد في خدمة المواطن )
والتي يمثلها (الشكل 4) :
أ ـ أقطاب التواصل:
المبرمج: واضع الصور الفوتوغرافية في الأشكال (من 1 ـ 6 ) ضمن الكتاب, وهي صور حقيقية لمجموعة مطبوعات إدارية خاصة بأقسام البريد مع حضور صورة خارجية لمكتب البريد, القصد منها اطلاع المتلقي على هذه الوثائق, ومصدرها.
الصورة: عبارة عن صور ذات أحجام مختلفة مع الحفاظ على ألوانها الحقيقية مع صورة
 في الأعلى لمكتب بريدي يحيط به مجموعة من الزبائن.
المتلقي: يطلب منه كتابة كل العبارات الواردة في الوثائق من خلال الخطاب اللغوي المرفق أسفل الصور مع الاعتماد ـ طبعا ـ على تفحص كل العبارات الواردة بها.


ب ـ أنساق التواصل:
 النسق الحضاري: تمثله المظاهر والمشاهد الحضرية ( مكاتب/ سيارات / زبائن/ لافتات/ وثائق رسمية)
النسق المعرفي: تمثله بالخصوص الوثائق الرسمية البريدية التي يسعى المبرمج إلى تعريف المتلقي بها, ومن ثمة التعريف بهذا المجال الحيوي.
ج ـ الدلالة الرمزية:
لا تبدو أي دلالة رمزية واضحة من خلال اختيار الصور في الأشكال (صور الوثائق), لأنّها ثابتة شكلا ومضمونا, ولا تخضع لإرادة المبرمج إلا في الصـورة الفوتوغرافية الأولى التي حاول المبرمج أن يشير إلى اللافتة الدالة على مصدر الوثائق ( مكتب البريد ) بـالنظر إلى الخطاب اللغوي الأول, و حضور الشخوص للدلالة على الخدمات المقدمة.
د ـ التقويم:
 مما يمكن أن نسجله في تعامل المبرمج مع هذا المجال :
ـ الحفاظ على فصل أيقونات الفقرات ( أتذكر/ ألاحظ ) عن بقية الصور.
ـ الحفاظ على تموقع الشكل الأول في أعلى الصفحة لتوجيه المتلقي إلى مصدر الوثائق
ـ الحفاظ على لون وبيانات الوثيقة كما هي في الواقع, وهذا عامل إيجابي في حالة وجود لغة واحدة, وبأحجام متباينة.
ـ  التداخل بين اللغتين (الفرنسية / العربية)  يعيق التواصل البصري, وخاصة إذا طلب من المتلقي كتابة العبارة المدرجة في كل شكل ( ينظر الخطاب اللغوي الأول) .
أمّا في كتاب الفرنسية للسنة الرابعة ابتدائي فقد خُصَّ هذا الكتاب من قبل المبرمج بأيقونات تقريبية(محاكاة منخفضة) في جلِّه، ولم يستخدم صاحبه الصور الأيقونية الحقيقية (محاكاة عالية) كما في المرجع الأول.
  إنّ ما يميز استخدام الصورة الأيقونية في كتاب الفرنسية ذي الطابع الأدبي أكثر منه مَدني واقعي هو سعي المبرمج إلى ترجمة الخطابات اللغوية الأدبية إلى خطابات تصورية محاكية
وهي مَهمة صعبة في مثل هذه النصوص الموجهة لهذا المستوى ناهيك عن عائق اللغة الذي يترصد بالمتلقي, ويمكن أن نجمل الخصائص السيميولوجية لعملية التواصل في هذا الكتاب ضمن أقطابها الثلاثة بما يأتي:
أ ـ المبرمج/والمتلقي:
 اعتنى المبرمج بعدة جوانب إيحائية أهمها: (ينظر الأشكال 5 .6 . 7 )
ـ  الجانب التحديدي للمشاريع الثلاثة بالاعتماد على اللون الخاص, والأشكال التزينية المرفقة بكل مشروع, مما يسهل الوصول إلى المشروع,  ومن ثمة الدرس عند المتلقي.
ـ الموازاة البصرية بين الخطاب اللغوي الموازي والخطاب التصويري في كامل المرجع مما يساعد المتلقي على الربط بين الدلالتين .
ـ صيغة السؤال المعتمدة في العبارة الأولى من فقرة ( أقرأُ) قبل الخطابين اللغوي والتصويري في كامل المرجع كمقدمة تحفيزية للمتلقي .
ـ ثبوت الخطاب اللغوي بـشكله الخطي, وتـرتيب عناصره في كامل المرجع مع الأيقونة المصاحبة له ضمن فقرة ( أتعرفُ)، مما يساعد المتلقي المبتدئ على انجاز المطلوب بمجرد     تفحص الخطاب اللغوي بصرياً.    
ب ـ الصورة :
  ما يميز توظيف الصورة الأيقونية في هذا المرجع ما يأتي:
ـ  لم تتداخل في هذا المرجع الخطابات اللغوية بالتصويرية ـ كما رأينا في بعض المواضيع بالكتاب الأول ـ  بل حافظ المبرمج على نظام التوازي المضطرد بينها, وإذا اضطر المبرمج لهذا التداخل بسبب ضيق المساحة المخصصة للفقرة (أقرأُ) و(أتعرفُ), فإنه يَعمَدُ إلى فصل الخطابين بخلفية لونية مختلفة لكل خطاب ( ينظر الشكل 6 ) .
ـ  التدرج في مستوى توظيف الصورة وفق صعوبة الخطاب اللغوي الأدبي المصاحب لها وفق ما يأتي :
      أ ـ في المشروع الثالث والأخير ( كتابة الشعر) :
      وظف المبرمج صور تقريبية منخفضة إلى أقصى حدودها إيحائيا ودلاليا في مقابل
      الخطاب اللغوي الشعري لصعوبة تحقيق المقابلة الدلالية (ينظر الشكل 7 )
              ب ـ في المشروع الثاني (كتابة نص وصفي تقريري):
            وظف المبرمج صور تقريبية تشكيلية بسيطة ـ غالبا ـ تحاول حصر دلالات                  الموضوع الوصفي التقريري حصرا مجملا, برغم أن هذا المشروع في حاجة
             ماسة إلى صور فوتوغرافية حيّة تترجم الواقع الموصوف بذاته لا بذات وقلم                 المبرمج. (ينظر الشكل 6 )
       ج ـ في المشروع الأول (كتابة قصة ):
              وظف المبرمج صـور تقريبية تشكيلة هي أكثر إيحاء من سابقتيها لـتركيز                    الصورة على الشخوص المفترضة, وأهـم الحوادث كعناصر دلالية رئيسة
              وهو مجال لا يحتاج فيه المبرمج إلى الصور الحقيقة, لأنها لا تفي بالغرض
             ورغم ذلك لم ينتبه المبرمج لبعض العناصر أو البؤر الدالة ضمن صـوره                       المفترضة, ومنها (الشكل 5) الذي غابت فيه الدلالة من خلال انعدام الربط     
               بين الخطاب اللغوي الذي يشير إلى( حشرات النمل الضخمة), واختفاء هذا
               العنصر في الصورة.
خاتمة :
      ومن خلال تتبع دور العلامة كمادة بحث وتقصي ضمن علم العلامة , والعلاقة الحيوية  بين طرفيها، ودور العلامة والأيقونية في إثراء البحث السيميائي، نخلص إلى أبراز دور هذه الأخيرة في مجال التعليميات الحـديثة، وفي ظل هـذا التقدم الحادث على مستوى المناهـج
و الوسائل، وبخاصة في المراحل الأولية للتعليم, لما لها من أهمية في تنمية الإدراك البصري عند المتلقي إدراكاً يقيم فيه مكانة اللون, والحجم, والشكل, والموقع,  وإثراء وتدعيم التحصيل المعرفي الذي لم يعد يعتمد على اللغة فقط، بل وعلى الصورة الناطقة بالواقع، وكذا المساهمة في تيسير تعليم اللغات الأجنبية للصغار عن طريق اللغة والصورة  للوصول في فيما بعد إلى مرحلة الصوت بشتى وسائله التقنية، وأن لا تبقى المعارف السيميائية حبيسة البحوث اللسانية النصية، أو وسيلة من وسائل الاستهلاك الاشهاري, و الإعلامي, أو الاقتصادي .


الهوامش:
 1ـ محمد إقبال عروي : السيميائيات وتحليلها، عالم الفكر ، م ،و ،ث ، ف ، آ ،الكويت
                          مج 24 ، ع 3 ، 1996م ، ص 191  
2 ـ ينظر: سعيد بنكراد ، السيميائيات ،مفاهيمها ، منشورات الزمن ، ك 11 ، ص 6
3ـ ينظر :خريستو تودوروف ، نقد مفهوم علم الأدب عند رولان بارط ، (تر) حسين جمعة            مجلة الآداب الأجنبية ، ع 97 ، اتحاد الكتاب العرب ، سوريا ، (دتا) ، ص 71 .
4ـ سمير سعيد حجازي: قاموس مصطلحات النقد الأدبي المعاصر، دار الآفاق العربية
                         ط 1 ، القاهرة ، 2001 م ، ص 122 .
5ـ ينظر : المرجع نفسه ، ص 120 .
6ـ ميجان الرويلي / سعد البازعي : دليل الناقد الأدبي ، المركز الثقافي العربي  ، ط2                                            بيروت / المغرب ، دتا ، ص 115 .
7ـ ينظر: بيار جيرو ، علم الإشارة ( السيميولوجيا ) ، (ت) منذر عياشي ، دار طلاس                ط1   سوريا ، 1988م ، ص 22 ـ 32
8 ـ ينظر : المرجع السابق ، ص 114 .
9ـ ينظر : مارسيلو داسكال ، الاتجاهات السيميولوجية ،(ت) مبارك حنون ، إفريقيا الشرق             المغرب ، 1987 م ، ص 10 ـ 11 .
10ـ ينظر : ميجان الرويلي / سعد البازعي ، دليل الناقد الأدبي ، ص 106 .
11 ـ ينظر : جميل حمداوي ، السيميوطيقا والعنونة ، عالم الفكر ، مج 25 ، ع 3 ،  م                  و ،ث ، ف ، آ ، الكويت ، 1997 م ، ص 92 .
Thomas pouel / le mirage linguistique .paris .e/minuit .1988.p1212  ـ
 ـ    ä
أ ـ ينظر : الجديد في التربية المدنية ، السنة 4 ابتدائي ، معالجة الصور (زهير  يحياوي) الديوان الوطني للمطبوعات المدرسية ، 2009/2010 م ، ص 121 .
Mon livre de français/ 4 année primaire .maquette / karim  ب ـ ينظر:    
                                                                             hamoum.2009.2010.onps .p22