البهجة ((تقرت)) عروسة الواحات

البهجة ((تقرت)) عروسة الواحات

الثلاثاء، 11 أكتوبر 2011

دراسة أكاديمية في تعليميّة النصوص الأدبية

 فَعَالية المُهيمنات المَعرفية و اللغوية  في النصوص  الأدبية
 نحو بديل إجرائي في بناء الحس الذوقي لدى المتعلم ـ ـ

                            د/ محمد الأمين شيـخة   
    

تقديم :
تسعى المناهج الدراسية في مختلف أطوار  التعليم للوصول ـ عادة ـ إلى مقاصد وأهداف عامة, وأخرى  خاصة  ترتبط بقيم تربوية, واجتماعية, وسياسية, وثقافية  وغيرها.. إلى جانب المعطيات المعرفية المراد تحصيلها من قبل المتعلم عن طريق  التدريب والتعليم, وفي هذا الإطار لا يمكن لمتتبع هذه البرامج أن ينكر دور المهتمين في هذا المجال, وسعيهم في مسايرة الحركة الاجتماعية, والصناعية, والثقافية....  وتقديم أفضل السّبل من أجل بناء صورة ايجابية  للمتعلم بوجهيها المادي والمعنوي  إلا أنّ هذه التجارب قد تحيد عن المقاصد والأهداف المرسومة بسبب بعض النقائص المسجلة على المستوى المادي, أو المنهجي, أو السّلوكي, ولنا في تجربة شُعب العلوم الإنسانية أمثلة ونماذج كثيرة تتصل بنشاط اللغة العربية وآدابها في المرحلة  الثانوية.
إنّ من أهم الشروط الأساسية التي يتطلبها هذا النشاط في المتعلم بالإضافة إلى  نصيب معين من الذكاء والفطنة القدرة على التخيل والتذوق و إتقاذ في الإحساس والعواطف، وربما قدر معين من الميول الفطرية تمكنه من تناول  النصوص الأدبية  تناولا يعتمد على الفهم والاستيعاب, ومن  ثمة التذوق الفني السليم عبر قراءة مفيدة  لأنّ النّص ـ في عرف أنصار نظرية التلقي ـ يتشكل من خلالها (( وّأن جوهره ومعناه لا ينتميان إلى النص, بل إلى العملية التي تتفاعل فيها الوحدات البنائية للنص مع تصوّر القارئ, ومن ثم فقد زُحزح النّص .... من مركز الدراسة الأدبية, وصار لا يعيش إلا من خلال القارئ حتى قِيل أنّ النّص هو القارئ  نفسه ))    .(1)ولا نزعم من خلال ذلك  بوجود قراءة واحدة سليمة لأي نص أدبي, لأنّه ليس (( من حق أحد أن يفرض على النص الأدبي قراءة واحدة  زاعما أنّها جمعت كل ما في النص, وكل ما يمكن أن يُقال فيه لأنّ مثل هذا الاتجاه في النقد الأدبي لايعني سوى شيء واحد  هو موت النص )) (2) , ومن خلال ذلك يتضح لنا جليًا  أهمية اختيار النصوص الأدبية  ذات القيم الفنية  البارزة  في بـناء مواضـيع المنهاج الدراسي, وبخاصية في الشعب الأدبية, والتي لا ينتظر  منها  ترجمة مختلف الأهداف التربوية  ( معرفية  سلوكية ، مَهارية.... ) فقط بل أهداف أخرى جَمالية  تتصل بكيفيات البناء السليم للحس الذوقي لدى المتعلم .
أ – الدرس الأدبي  في ظل المقاربات السّابقة .
إنّ المتبع للنصوص الأدبية في المرحلة الدراسة الثانوية  يلاحظ ذلك التركيز المُوغل على غايات أكثر ما تكون خادمة لأهداف سياقيه غير فنية ، فالنص الأدبي ضمن هذه الاختيارات وثيقة لتبرير أنساق واتجاهات مختلفة ترتبط بـمجالات: التاريخ  والاجتماع , و الحضارة , والثقافة,... وغيرها، وإن اتصلت بالأدب,  فإنّها تجري في مجرى  تطور الأدب وقضاياه الفنية العامة من دون التركيز على آليات الصياغة الفنية, والقيم الجمالية و الفنية , والتي إن تدرب عليها المتعلم لمكنته من أن يقطع شوطا  كبيرا في مجال اختصاصه .
ولرصد هذا الإشكال عن قرب  نقدم نموذجًا لأهداف وطرق تعليمية نشاط النصوص  الأدبية  في المقرر القديم الذي ظهر في سنوات  التسعينات 1993 م , إذ يشير  منهاج اللغة  العربية وآدابها إلى الأهداف الخاصة من تدريس مادة اللغة العربية   

لشعبة  الآداب السنة الثالثة  في ثلاثة أنواع  من الأهداف (3).
1-    الأهداف المعرفية الخاصة: ـ  التحكم في اللغة  العربية شَفهيا وكتابيا
                                ـ  اكتساب  ثقافة فنية وأدبية
2-    الأهداف المنهجية الخاصة : ـ متابعة إكساب المتعلم منهجية العمل و إتقانه
                              ـ متابعة  إكساب المتعلم منهجية  التعلم  .
3-    الأهداف التعليمية الخاصة – الممارسة  الشفهية  للغة
                             ـ الممارسة الكتابية  للغة
                 ـ توظيف المكتسبات المعرفية والمنهجية  للإنتاج و الإبداع .
   أمّا بخصوص سير نشاط تحليل النصوص, فيشير هذا المرجع إلى مراحل القراءة  الأدبية للنص الأدبي وفق ما يلي .(4)
التمهيد الأدبي والثقافي : الإطلاع على محيط النص(مناسبة النص/ صاحب النص 
التحليل و النقد :     ويشمل ما يأتي .
-       الفهم و التحليل  : منافسة تحليله عامة
-        نـقد النص : طرق العناصر البلاغية  في النص
-       التعليق : مدى  تأثر  المتعلم بالنص, وتجاوبه معه, وكشف مختلف القيم الفكرية و الإنسانية .
-        التعقيب :    تعقيب  الأستاذ على النص, وأحكامه العامة حوله .
-       التطبيق :     أسئلة  شفوية و أخرى كتابية .
وفي إحدى المراجع غير الرسمية  يتعرض أحد المختصين في مجال تدريس اللغة العربية وآدابها إلى تعليميه أنشطة اللغة العربية مشيرا إلى نشاط النصوص الأدبية, فيتطرق هذا المرجع إلى وجود مجالين هامين في النشاط  وهما  .(5)
-       المجال المعرفي  : أي قيمة  المعارف ونوعية  المقاومات التي يتحصل عليها المتعلم  من دراسة الأدب , وأهمها لغوية ، ثقافية ، نفسية . فالأدب يثري رصيد المتعلم المعرفي , وينمي مداركه ، ويزوده بالخبرات , ويوسع أفقه الثقافي .
- المجال الوجداني : تهذيب الشعور, وصقل الذوق, وتكوين  الميول و الاتجاهات, وبناء المواقف , و شحذ المهم  ورسم المثل .
أمّا بخصوص سير نشاط تحليل النصوص  في هذا المرجع, فإنّ صاحبه لا يعارض الطريقة المعتمدة رسميا, بل يضيف بُندًا أو خطوة سماها (الخاتمة النقدية ) وتتضمن أهم النتائج المستخلصة , وهي .(6)
- شخصية الأديب.
- بيئة  العصر.
-  القيم الواردة في النص ، ومن ضمنها القيم الفنية .
ومن خلال  رصد هده  العينات  نخلص إلى استنتاج بعض  الملاحظات, وأهمها :
1-    التدرج في طريقة التدريس من خلال تقديم المعطيات الإنسانية العامة  (  المؤلف / البيئة / المناسبة / الاتجاه... ) للوصول  إلى المعطيات الفنية  العامة التي  تشترك فيها جُلّ  النصوص، وعن طريق علوم اللغة وأهمها  البلاغة من دون الوقوف على المعطيات  الفنية  الخاصة  في بعض النصوص الموظفة .
2-    إقحام الأستاذ /المُلقن  كطرف أساسي في عملية التحليل مما يوسع المسافة بين النص و المتعلم في كل النصوص
3-    تركيز الأستاذ / الملقن على منهجية  العمل النقدي الموصى به , واحترام خطواته  المتتابعة في كل النصوص.
4-    سعي الأستاذ / الملقن إلى تقديم  ما أمكن من مكتسبات معرفية وثقافية وبعضها فنية من دون التركيز على أولوية بعض المكتسبات على أخرى, مع عدم مراعاة اختلاف المستويات الفنية أو الجمالية  لبعض النصوص عن نصوص أخرى .
5-    عدم الالتفات إلى القيم الفنية البارزة  إلا من  خلال الخامة النقدية في شكل أحكام نهائية, و من دون التطرق لتفاصيل هذه القيمة, ولا إلى أثرها الجمالي على المتعلم .
6-              إغفال جانب الأهداف الفنية  أو الـذوقية  في النصوص الأدبية  لتركيز الأستاذ على تحقيق مختلف الأهداف المعرفية, والمنهجية, والتعليمية رغم أهمية المجال الوجداني  في مثل هذه النصوص, وهذا بسبب موقف ونظرة  المشرع ومن خلاله الأستاذ  إلى النص باعتباره وسيلة  لا غير لتحقيق  مقاصد أخرى, وهو ما يجعل مختلف النصوص الأدبية  صورة واحدة ونمط واحد ينقل لنا في كل تحليل معطيات أو أفكار تتصل بمجالات لها علاقة بالأدب, وليس  بالأدب ذاته .
ب‌-    الدرس الأدبي في ظل المقاربات الجديدة
   تحاول المقاربات الجديدة للدرس الأدبي في المرحلة  الثانوية  إلى تقليص المسافة بين النص  الأدبي والمتعلم / المتلقي من خلال إعطاء أهمية خاصة لطبيعة هذا النشاط  و أبعاده  الفنية و الجمالية,  ومن خلال ذلك ثم اعتماد منهاج دراسي جديد  يسعى إلى مقاربة وقراءة جديدة للنص الأدبي في إطار ما يسمى بـ( المقاربة بالكفاءة )) أو  (التدريس  بالكفاءات) , وهو بذلك يشير  إلى تعريف الكفاءة  قائلا (( إنّ الكفاءة  الجديدة  بالاهتمام هي الخبرة أو الاتجاه الذي يُتوقع أن يكتسبه المتعلم بعد عملية  التدريس أو يستخدمه بالفعل في تعاملاته الحياتية أو يستعين به كرافد لاكتساب الكفاءات الأخرى )) (7) كما يشير إلى المبررات الحقيقية من وراء هذا التجديد بقوله (( فإننا حولنا أن نقـدم  بعض المستجدات  في الدراسات  النقدية  المعاصرة ، ولكن  بشيء من التبسيط حتى نواكب وتيرة  الحركة الفكرية و الأدبية...)). (8) ,  وهو ما يحيل
 إلى  التوجه  الحداثي للدراسات النقدية  التي وجهت اهتمامها نحو القراءة  القريبة   أي قراءة النص من داخله, وليس من خارجه, فلا  اهتمام بالخصائص السيكولوجية  ولا بالأبعاد الاجتماعية والثقافية التي ظهر النص من خلالها أو في ضوئها على حساب الخصائص الفنية  التي تنفرد بها النصوص الموجهة للمقاربة  النقدية  (9)
ولرصد هذا التوجه عن قرب نعرض محاولة البرنامج الجديد في مقررات السنة الثالثة  ثانوي  آداب  كتجربة لـترجمة هذا البعد المنهجي و المعرفي والسلوكي في بلوغ الأهداف و الكفاءات  المرجوة  ، إذ  يتضمن  على المحاور التالية (10):
1-    الزهد و المدائح النبوية و التصوف.
2-    نثر  الحركة العلمية.
3-    شعر المنفى عند شعراء المشرق و المغرب.
4-    النزعة الإنسانية  في شعر المشرق والمغرب.
5-    نكبة فلسطين في الشعر.
6-    الثورة الجزائرية عند شعراء المشرق و المغرب .
7-    ظاهرة  الحرب و الألم في الشعر المعاصر .
8-    توظيف الرمز والأسطورة  في القصيدة  العربية
9-    ظاهرة ازدهار الكتابة  الفنية ( المقالة نموذجا )
10 – الفن القصصي ( القصة القصيرة  في الجزائر )
11- الفن المسرحي في الجزائر
12- الفن المسرحي في الجزائر
ومن خلال  إطلالة  عابرة  على تنظيم  هذه المحاور وصياغتها يلاحـظ ذلك التنوع في اختيار هذه المواضيع واختلاف علائقها بالنص الأدبي مما يجعل بعضها أكثر ارتباط به كالمحور الثامن , وأخرى أكثر  بعداً  كالمحور الخامس, والمحور الأول  ومرد ذلك إلى  ارتباط بعض المحاور بمباحث لها صلة عامة بالأدب ؛ كتاريخ الأدب والأجناس الأدبية.....  ولا تتصل أو ترتبط بالصياغة الفنية كما هو مجسد بالمحور  الثامن (( توظيف الرمز والأسطورة  في القصيدة العربية )),  وهو  المحور الذي  اعتمده المشرع في البرنامج الجديد كنموذج لوضع بطاقات فنية  توضح سير نشاطات مادة اللغة العربية من خلال نشاط النص الأدبي ونشاط النص التواصلي ونشاط المطالعة الموجهة  بالإضافة إلى النشاط التطبيقي (انجاز مشروع أو تعبير كتابي)  (11) 
بالكيفية التالية  (12)

بطاقة فنية نموذجية رقم 1
المستوى : السنة الثالث ثانوي آداب .
النشاط : النص الأدبي
الأسبوع : الخامس عشر ( الأسبوع الموالي خصص لدراسة نص خطاب غير تاريخي على قبر صلاح الدين لأمل دنقل )
المحور : الثامن ( توظيف  الرمز والأسطورة في القصيدة العربية ).
الكفاءة  المرحلية : كتابة مقال نقدي حجاجي حول الرمز والأسطورة في الشعر  العربي المعاصر بتوظيف المكتسبات الفكرية و اللغوية   .
الأهداف التعليمة : ـ استنتاج مظاهر التجديد في القصيدة العربية المعاصرة .
                  ـ  إكتشاف مدى توظيف الرمز والأسطورة فيها
              ـ   تحديد نمط النص وتصنيفه وفق خصائصه .
   المراجع :  ـ الكتاب المدرسي
-       الديوان ( صلاح  عبد الصبور ).

الموضوع :   ( أبو تمام ) للشاعر  صلاح عبد الصبور .
المراحل
أنشطة التعليم
أنشطة  المتعلم
توجيهات
- صاحب النص
- تقديم النص
ـ مناقشة النص
ـ تقدير النص
 ـ تقييم النص
تقيما نحويا بطرق
البدل وعطف البيان

أسئلة حـول النص
متنوعة ومن أهمها أسئلة  مباشرة  حول الرمز



إجابات متوقعة

أسئلة لمعرفة علاقة النص لصاحبه

ملاحظة : اختصرنا سير هذا الدرس في عناوين داخل الجدول

بطاقة فنية نموذجية  رقم 2

المستوى : السنة الثالثة ثانوي  آداب
النشاط : نصوص تواصليه
الأسبوع:  الخامس عشر و السادس عشر .
المحور : الثامن ( توظيف الرمز والأسطورة في القصيدة العربية)
الموضوع : الرمز الشعري " د  . عز الدين إسماعيل : من كتابه الشعر العربي المعاصر قضاياه وظواهره الفنية .


الأهداف التعليمية : ـ استنتاج مظاهر التجديد  بالقصيدة العربية  على مستوى الرمز       و الأسطورة
                    ـ  اكتشاف مدى توظيف الرمز والأسطورة  في القصيدة العربية .

الوضعيات

أنشطة التعليم
أنشطة المتعلم
توجيهات

مناقشة  النص مناقشة  نقدية
 عامة (الرمز و أبعاده عند
 الناقد )

أسئلة حـول
 مضامين النص
    النقدي


إجابات متوقعة

يقوم المعلم بدور
المنشط لا المعلم  
 

ملاحظة : تم أيضا اختصار معطيات سير النشاط في شكل عناوين داخل الجدول

بطاقة فنية نموذجية رقم 3
المستوى: السنة الثالثة ثانوي آداب
المحور : الثامن (توظيف الرمز والأسطورة .....)
النشاط : مطالعة موجهة
الموضوع : الصدمة الحضارية ، متى نتخطاها : خالد زيادة
الأهداف التعليمية : ـ أحلل النصوص الفكرية وأناقشها
                    ـ أعبر عن وجهة نظري حول الموضوع معللا




الوضعيات
أنشطة التعليم
أنشطة التعلم
توجيهات

مناقشة البناء
الفكري للنص

أسئلة فكرية
حول النص


إجابات متوقَعة

توجيه الطلبة
إلى تلخيص
 النص الأول
والثاني
                                   
ملاحظة : اختصار سير النشاط داخل الجدول في شكل عناوين

كما أشار  البرنامج إلى طبيعة الكفاءة المرحلية المرجوة من هذا المحور, و المتمثلة  في توصل المتعلم إلى كتابة  مقال نقدي حجاجي ( إقناعي) حول الرمز والأسطورة  في الشعر  العربي  المعاصر  بتوظيف شتى المكتسبات الفكرية و اللغوية  من خلال الأهداف التعليمية  لكل نشاط بالشكل التالي :(13)

النص : (أبو تمام) لصلاح عبد الصبور
     ـ كشف  مدى توظيف الرمز والأسطورة
-       التعرف على البدل و عطف البيان
النص: خطاب غير تاريخي.. أمل دنقل
يقف عند مظاهر التجديد  في القصيدة العربية
النص التواصلي : الرمز الشعري
يقف عند اهتمام النقاد و الأدباء المعاصرين
 بالرمز و الأسطورة
نص المطالعة " الصدمة الحضارية "
ـ يضطلع على أهم الأفكار  السائدة حول
 موضوع الحضارة .

ومن خلال هذا  البيان الموجز لأهم نشاطات  مادة  اللغة العربية    لهذا المستوى  نخلص إلى عرض الملاحظات  التالية :
1-    رغم تخصيص هذا المحور لتناول جانب فني وظاهرة  لغوية  بارزة في النص الأدبي ( الرمز و الأسطورة ) إلا أنّ الجانب التنظيري و التأسيسي  لظاهرة  الرمز و الأسطورة  غائب بسبب الاعتماد على المناقشة و التنشيط  من قبل الأستاذ  مما قد يؤدي  إلى عدم  تمكن  المتعلمين  من معرفة المعطيات الأساسية لظاهرة الرمز والأسطورة  وحصرها في نماذج النص المدروس فقط .
2-    عدم تنبيه الملتقى أو المـتعلم إلى وجـود عناصر  فنية أخرى بجـانب الرمـز و الأسطورة ؛  مثل الصورة و الإيقاع  كقيمتين أخريين قد تختلط الأولى منها بالرمز ، فالرمز و الأسطورة  في النصين المدروسين يعدان قيمتين مهيمنتين لا غير .
3-    ضـرورة الربـط في مثل هذه النصوص بين القيمة المعرفية المهيمنة في النص  و الغائبة عند التحليل  أو التنشيط ( البعد السياسي أو الاجتماعي في نص خطاب غير تاريخي  على قبر صلاح الدين  لأمل انقل)،  وبين القيمة المعرفية  المهيمنة ( الرمز و الأسطورة ),  ومن خلال هذا الربط  يتحقق  الهدف الجمالي المنشود في ذهن الملتقى/ المتعلم في أسمى  صوره .
4-    العمل على تكامل النصوص و المواضيع المقترحة ضمن المحور الواحد في تناول  قضية ما ، وهو ما يُفتقد في هذا المحور بسبب اختلاف موضوع المطالعة الموجهة  عن النص الأدبي  و النص التواصلي .
5 ـ لا يمكن للمتعلم صياغة خطاب نقدي حجاجي  حول الرمز والأسطورة  ما لم  يعتمد  على مكتسباته  الفكرية واللغوية و مختلف  المكتسبات الجمالية  التي  يستقيها بنسب  مختلفة أثناء تفاعله مع النص الأدبي المدروس تفاعلا ايجابيا


ج ـ  أفاق  الدرس  الأدبي  في ظل القيم الفنية :
يُقرّ بعض النقاد و دارسي الأدب  بسيطرة  النص الفني  على صاحبه  ( قارئه ), وهذا  لا يتأتى  إلا إذا انصب  جهد القارئ على مقاربة  النص بطريقة  علمية  حين يضطلع بعملية  فك البناءات  اللغـوية و الفكرية  من أجـل إعادة بنائه دلاليا , وهذا ويستدعى   منه ضرورة  تحديد الأجزاء  المهمة أو المهيمنة،  وبيان دورها وكشف  علاقاتها (14)  كي يتوصل  إلى رصد  أبعادها المعرفية  البارزة  ، ولنا في  تجربة الدكتور  خليل الموسى  مع  بعض النصوص الأدبية  الحجة و الدليل, إذ يصرح  قائلا ((... رافقتني هذه النصوص  في تدريسي  لمادة الشعر العربي الحديث و المعاصر  بجامعة  دمشق ولاقت استحسانا  لدى الطلاب .... وكان معظم هؤلاء الطلبة  قد وَقَفُوا في مراحلهم الدراسية عند أسماء شعرية محددة , وهم يجهلون هذه الأسماء  باستثناء أسماء أصحاب النصوص  التي اجتاحتني ....))  (15)  , ومن خلال هذه التجربة نستكشف مدى الثأثير الجمالي الذي تخلفه القيمة الفنية  المهيمنة  في النص,  إذ لا تتصور أن   مجموع القيم الفنية  يمكن أن تحدث أثرا ما إلا  إذا انفردت إحداها بالنص  وارتبطت  من خارجه بقيمة  معرفية  ما ظلت  راسخة  بذهن  الملتقى/ المتعلم  ، وهو  ما  يطلق عليه الأسلوبين    (حالة التشبع  الفني أو الأسلوبي)،  ولنا في مجال النقد الحديث  عدّة قيم فنية وموضوعية  قد تؤدي  لا محالة  لنفس التأثير  إذا  تم حسن اختيار  النصوص التي تمثلها أحسن تمثيل،  ليتم توظيفها كمحاور أساسية  ضمن  البرامج الدراسية  مع التنبيه المستمر  إلى ارتباطها بقيم سياقية أخرى مهيمنة,  ومن ثمة رصد جماليات هذه العلائق  في  ذهن ونفس المتعلم,  وبها تحدث الكفاءة و تترسخ التجربة الجمالية . ومن جملة  المواضيع ذات الطابع الفني وذات  الوقع و القيمة الجمالية  البارزة  ما يأتي :



1-  أساليب  التطوير الفني في الشعر العربي الحديث .
يتضمن هذا المجال مباحث الصورة الفنية في الشعر العربي مع التركيز على ملامح التصوير الفني في  العصر  الحديث  من خلال التركيز على معطيات الصورة  الفنية  الحديثة ، وتعالقها بالحواس وتراسلها فيما بينها،  مع طرق مبحث الاستعارة  بوصفها (( طبيعة في الشعر العربي  من ناحية  وأحد ملامح الإبداع من ناحية  أخرى،  وليس غريبا أن تكون الاستعارة  شيئا  طبيعيا  في نسيج الشعر  لأنّ أكثر اللغة ـ كما  يقول ابن حني ومن يرى رأيه من القدماء ـ  مجاز لا حقيقة )) (16).
كمالا يجب اغفال  موضوع الصورة الكلية كملمح حداثي  ذي أثر جمالي فعّال , لينتقل ذهن المتعلم من فكرة الصورة الجزئية  إلى الصورة العامة التي تتكامل  فيها الصور الجزئية أو بـدونها  تماما كما في مثل  قول الشاعر : محمود غنيم في بقصيدته 
(  أنا وبناي)  ، إذ يقول في بيتين  منها :
"وأطـيبُ  سَاعٍ الحَياة لديَّا   - -   عَشية أخـلوا إلى وَلـدَيَّا 
متى ألج الباب يهتف  باسمي - -  الفطيم ويَحبُوا الرضيع اليَّا.
فالقصيدة خالية  من الصور الخيالية  الإستعارية  لكنها تتضمن صورة  واقعية  متكاملة  وهي صورة الجلسة العائلية  بشيئ من الشاعرية والشعرية   (17)  تتحد فيها  القيمة الفنية  بالمعطى الاجتماعي  كقيمة  معرفية مهيمنة .
2-  الأشكال الطباعية  في الشعر  العربي الحديث
يتضمن  هذا المجال  قضية الانحراف الشكلي الطباعي  في هيكل الشعر العربي  عبر العصور, ومن هنا صحّ لنا أن نتناول موضوع الشكل الشعري ضمن مباحث الانحراف الجمالي على مستوى النص الأدبي العربي الحديث مع التطرق لأشكال هذا الانحراف ومن أهمها انحراف الاستبدال الذي تمثله الاستعارة  بوصفها ـ  كما يقول جان كوهين – المنبع الأساسي لكل شعر وغاية  كل صورة (18), وكذا الانحراف الطباعي ، والذي يمثله الاستخدام الجديد للشعر العمودي في أشكال حرة  موزونة ومنثورة قصد التعبير  العميق و الصادق  عن التجربة الشعرية, وخلق  السياق المناسب لها (19)  , وكسر جو الرتابة  الشعرية, و الكبت النفسي, ومن خلال ذلك  يمكننا أن نستدعي في ذهن المتعلم  بعض المعارف النقدية الحديثة؛ كالتجربة النفسية, و الدفقة الشعورية....، وهي معطيات وقيم معرفية ترتبط بأشكال  فنية لغوية  تتمثل  في ظواهر  التكرار ، والحذف ،والإيقاعات  الصوتية  الداخلية  و الخارجية ... وغيرها  من  الظواهر التي تهيمن على جسّد النص,  لذلك تحدث النقاد المحدثون  عن أهمية  هذه  الظواهر  وترددها في الأشكال المختلفة  لكتابات الشعراء والمبدعين , مما يجعل من العمل  الأدبي  عملا قائما على تداخلات في شكل النص وفي لغته, وطريقة تشكيلها وبنائها تشكيلا وبناء خاصين يمنحانها مع الشكل العام مذاقا خاصا .(20) 
3-    الإيقاعات الجديدة في الشعر العربي الحديث :
أكدّ المحدثون شمولية الإيقاع مقابل السمات العروضية المعروفة ، ولقد أقرّ بعض النقاد  القدامى  هذا المفهوم؛ ومنهم قول ابن طباطا  ((... و للشعر  الموزون  إيقاع  يُطرب الفهم لصوابه, وما يَردُ عليه من حسن تركيبه,  واعتدال أجزائه))، وهو بذلك  يدرك أنّ الوزن ليس سوى  مظهراً  من مظاهر  الإيقاع (21) ,فالإيقاع بالمنظور الحديث  هو بحث جميع مظاهر وصور  التناغم الشكلي والدلالي في الشعر أو النثر  ، ولقد نبّه النقاد العرب المحدثون المبدعين الجدد إلى ضرورة  توظيف بعض  المعطيات  البلاغية كالجناس و التصريع ( اللذين حَفُل بهما الشعر  العربي, وضاقت بهما الأفاق)  توظيفا فنيا في قصائدهم ونصوصهم  النثرية ، لتفجير القيم التعبيرية  المعرفية  جديدة  وإثارة الجانب الموسيقي  ليصبح  بذاته عنصرا  إيحائيا  بارعا (22)  ومن أجود  أمثلة  هذا المجال  قصيدة " خاتمة " للشاعر أمل دنقل  يقول فيها :
-      آه من يوقف في صدري الطواحين
-      ومن ينزع من قلبي  السكــاكين
-      ومن يقتل أطفــــالي المساكين
-      لئلا يكبروا  في الشقق المفروشة  الحمراء – خدامين قوادين – ....
 فمثل  هذه النماذج حافلة بصور الإيقاعات الداخلية والخارجية  لارتباطاتها الدلالية بقيم معرفية  مهيمنة أهما البعد نفسي والاجتماعي, و المتمثل  في حالة القهر و الإذلال.
خلاصة :
ومن خلال هذا العرض التفسيري والتقويمي  لمتطلبات دراسة النص الأدبي وفق الحداثوية و الموضوعية, والتي  تسعى  إلى بناء الذوق الحسي و الجمالي لدى المتعلم ومن خلال  النص  وانطلاقاً منه للوصول إلى الأنساق المعرفية  الأخرى  أما حان لنا وقد انضمت الحواس البشرية  المختلفة بشكل أساسي إلى  وسيلة لتلقي والإبداع أن ننقل مفهوم الكتابة  و القراءة  وآلياتها وأبعادها إلى استكشاف النص أولا عبر مباحث علمية موضوعية لتستوعب كل ما هو مدرك بالذهن و الذوق و الحواس  قصد تحقيق ذلك  التمازج الحقيقي  و التفاعل الإيجابي من النص وقارئه  لبلوغ الشعرية, و التي بدونها لا تتحقق الكفاءات ولا تتجسد في سلوكيات هذا القارئ المستقبلي .


  




(1)   دليل  الأستاذ للسنة الثالثة ثانوي  ( وفق البرنامج الجديد  ) الديوان الوطني  للمطبوعات  المدرسية  ، وزارة  التربية الوطنية , إشراف  الشريف  مريبعي , ص 06
(2)  وهَب أحمد رومية : شعرنا القديم و النقد الجديد (مقال) , مجلة عالم المعرفة ، ع 207 , 1996 ,   المجلس الوطني للثقافة و الفنون  و الآداب , الكويت , ص 29
(3)  ينظر :  منهاج اللغة العربية وآدابها (وفق  البرنامج القديم)  ، مديرية  برنامج التعليم الأساسي  و الثانوي  ، ماي 1993 ,  الجزائر  ص   25 ـ 27 .
(4)   ينظر : المرجع نفسه ،  ص 154-155
(5)  بشير شعلال : دليل أستاذ اللغة العربية  وآدابها  ، منشورات بغدادي , 2000 م  , الجزائر  ,  ص 20 
(6)  ينظر المرجع نفسه ص 21
(7)  دليل الأستاذ للسنة الثالثة  ثانوي  ( وفق  البرنامج الجديد ) , ص 03
(8)  المرجع  السابق  ، ص 05
(9)  ينظر : شاكر عبد المجيد ،  التفضيل الجمالي ، مجلة عالم المعرفة ، ع 267  , سنة 2001  م  , المجلس الوطني  للثقافة  و الفنون و الآداب ، الكويت , ص 324 .
 (10)  دليل  الأستاذ للسنة الثالثة  ثانوي (وفق البرنامج الجديد )  , ص 59-60
(11)   ينظر  المرجع  السابق ,  ص 56-58
(12)   ينظر  المرجع نفسه  ,  ص 21-34
(13)  ينظر  المرجع  السابق ,  ص -53
(14)  ينظر المرجع  السابق ,  ص 05 
(15)  خليل موسى : قرارات  في الشعر العربي  الحديث و المعاصر  , من منشورات إتحاد للكتاب العرب ,  ص 7 
(16)  عبد الرحمن بن محمد القعود  ، شعرية  الشعر ، ط 1 ،  الرياض ,  2007 م ، ص 54 .
(17)   ينظر:  نفس المرجع  , ص 62.
(18)  ينظر: أحمد محمد ويس :  الانزياح من منظور  الدراسات الأسلوبية  ، المؤسسة  الجامعية  للدراسات و النشر ، ط 1  , بيروت ,  2005 م  ,  ص 112
(19)  ينظر : أحمد محمد  قدور , اللسانيات وآفاق  الدرس اللغوي ، ط1  , دار الفكر  المعاصر  ( بيروت ) ، دار الفكر   ( دمشق)  ,2001 م  , ص 118 .
(20)   ينظر:   عبد الرحمن  بن محمد القعود ,  شعرية  الشعر  ,  ص 08
(21) ينظر:   المرجع نفسه  , ص  37 
(22)  ينظر : علي عشري زايد , دراسات نقدية  في شعرنا الحديث ، مكتبة ابن سينا , ط 2 200 م  ,مصر الجديدة , القاهرة  , ص 132

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

شكرا جزيلا على الموضوع , بالمناسبة أنا طالب جامعي في السنة الرابعة ( تخصص لغة عربية وأدبها)ومقبل على إنجاز مذكرة التخرج , فهل بالإمكان إعتماد عنوان رسالة التخرج بما يوافق موضوعك وهو كالآتي"" تعليمية النص الأدبي في المستوى الثانوي""