البهجة ((تقرت)) عروسة الواحات

البهجة ((تقرت)) عروسة الواحات

الأربعاء، 12 أكتوبر 2011

المصطلح النقدي واشكالاته النظرية والعملية

                                               إشكالية المصطلح  في الممارسة النقدية
                                                                                                         الباحث : ميلود عبيد منقور
                                                                                                                        جامعة مستغانم ـ الجزائر  
مما لا شك فيه أن التقدم الهائل الذي حظيت به السرديات "علم السرد قد دفع نفرا من النقاد بحكم التأثر إلى وضع وتأسيس المصطلح في narratologie المسار النقدي المعاصر، الأمر الذي أحدث أزمة عكرت صفو الباحث، ولا تزال تعيق سبيله كلما تناول المصطلح في عملية الترجمة بسبب تعدد الآراء واختلاف وجهات النظر والتضارب في إصدار الأحكام الناتجة عن الصراعات الفكرية.وهذا راجع إلى أن الفكر العربي يعيش حالة من التبعية للفكر الغربي، حيث استمد الباحث أو الناقد العربي المفاهيم النقدية دفعة واحدة دون أن يعرف ويفهم مراحل الحركة النقدية الأجنبية وحيثياتها، متجاه ً لا نشأتها الطبيعية ومهتمًا بما "يلائم الإبداع الأدبي بل إن كثيرًا من المفاهيم النقدية التي أدخلت إلى الساحة العربية جاءت جاهزة قبل أن تنشأ الأعمال الأدبية التي تنطبق عليها، هذا ما جعل قضية المصطلح تبدو قضية ترجمة وتغريب في المحل الأول للمقابل الأجنبي إزاء ما يقترح .( من ألفاظ عربية"( ٢ إن إثارة موضوع إشكالية الترجمة في الفكر العربي يشير إلى البيئة التي ساعدت على تفشي هذه المعضلة، من ذلك الاختلاف بين بلدان المشرق العربي التي تعتمد الثقافة الإنكليزية في تعامله .
مع المصطلح الأجنبي، وبين بلدان المغرب العربي التي تميل أكثر إلى الثقافة الفرنسية، وتحاول أن تقترب أو تع ب أكثر من مصطلحاتها.وعن هذا التواصل أو ذاك، نجم تداخل المفاهيم الدلالية للمصطلح الواحد، ووجود مفهوم واحد لعدد من المصطلحات مما أدى إلى ضبابية في فهم المصطلح السردي، وذلك لأن علم السرد علم حديث في حقل النقد الأدبي المعاصر، ولا يمكن بأي حال من الأحوال "عزل narratologie رصيده الاصطلاحي عما تراكم من رصيد إصطلاحي في مجال النقد الأدبي واللسانيات الاجتماعية،أو ما يسمى بعلم اللغة الاجتماعي، واللسانيات النفسية أو ما يسمى بعلم اللغة النفسي وعلم السيمياء ( وغير ذلك من العلوم والحقول المعرفية ذات الصلة بتطور هذا العلم"(  من هذه العلوم مجتمعة استفاد علم السرد واستفاد بما لها من مصطلحات.كذلك السرديات أو علم narrativitè فالسيميائية السردية تتمفصل حول موضوع السردية تعتبر المصطلح عينه موضوعها وباستعمال اللفظة نفسها، لكن مدلول narratologie السرد المصطلح مختلف تمامًا، لأن طبيعة استعماله تخص الإطار النظري الذي يشغله، كما أن هذه المصطلحات هي تنتمي إلى إطارات نظرية مختلفة تشترك في الدلالة العامة. لكننا مع ذلك سنجد أنها تختلف جذريًا "فالراوي" في السرديات يلتقي مع "المرسل" في السيميائيات أو المتكلم في نظرية التلفظ، غير أن هذه المصطلحات لا تتحقق إلا في المجال النظري الذي تنتظم فيه ولا تتجسد إلا في إطار الحقل الدلالي والشبكة النسقية التي تنتمي إليها.
وإذن، فالمصطلحات تتحول وتتعدد دلالتها لا لشيء إلا لأنها تملك تاريخًا خاصًا بها، وبناء على هذا التحول تتغير لفظًا ودلالة. إن هذه التحولات تعطي للمصطلح الواحد إمكانات التعبير متعددة وتسمه بالاختلاف الدلالي، وهو ينتقل من الزمن أو يهاجر في المكان، وهذا حال المصطلحات السردية وهي تنتقل إلى الحقل الاصطلاحي العربي كما أن دلالة المصطلح تتحدد إلى جانب الطابع التاريخي أي الموقع الذي يحتله في الحقل الدلالي الذي ينتمي إليها، ومعنى هذا أن لأي مصطلح موقعه الخاص في التراتبية النظرية"فكلما تطورت المصطلحات اتخذ دلالات جديدة بناء على المقتضيات التي عرفتها في نطاق عملية.( التحول"وعندما يكون الوعي غائبًا والعمل على تجاوزها أمرًا لازمًا، يجب الحرص على نقل المصطلح بطريقة ذكية وواعية، لأن استقبال المصطلح ونقله إلى اللغة العربية، والاستعمال النقدي لا يعني نقل الكلمات ليس إلا...، ولكن نقل مفاهيم مثقلة بحمولات تاريخية ومعرفية ووظيفية.
من هنا، نريد أن نقف عند وضعية المصطلح السردي العربي.
لقد عرفت المصطلحية السردية العربية تحو ً لا كبيرًا حيث تزايد المشتغلون العرب بالتحليل السردي وبترجمة الدراسات السردية، فهناك عدد لا يستهان به من الباحثين الذين برزوا في التحليل السردي من خلال الترجمة. فكان أن ترجمت مقالات أو كتب حول السرد من الفرنسية أو الإنكليزية إلى العربية. للمؤلف "ولاص مارتين" recent theories of narrative وعن ترجمة الكتب نذكر مث ً لاحيث قامت الدكتورة "حياة جاسم محمد" بترجمته بعنوان "نظريات السرد (walace martin) الحديثة"، لأن الكتاب يتحدث عن النظريات السردية الحديثة، بدءًا من نظريات الرواية منذ القرن (prop) وبروب ،(boot) وبوث (frye) " العشرين، ومرورا بآراء كثير من النقاد أمثال "فاراي ليقف عند رؤية الشكلانيين الروس، وبعض الاتجاهات الحديثة، لكن ما يستحق التوقف عنده من فقد ترجم ب "السرد" وهناك narrative خلال هذه الترجمة هي مسألة ترجمة المصطلح الإنكليزي discours du بعنوان (Gerard genette) " كتاب آخر مترجم للناقد الفرنسي "جرار جينات فجاءت ترجمته بعنوان "خطاب الحكاية" وهنا نسجل ،narrative discours أو بالإنكليزية rècit
مقابلين لمصطلح واحد: الحكاية والسرد، لذلك نتساءل: على أي أساس يقوم المشتغلون في حقل السرديات بترجمة المصطلحات الأجنبية؟ وكيف يتفقون على توحيدها؟
.صحيح أن عملية الاستفادة من النظريات السردية الغربية أمر ضروري وحيوي لا يمكن الاعتراض عليها أيا كانت الدواعي والأسباب، ولكن حيث تتحقق عن طريق الترجمة أو التعريب تنجر عنها عدة مشاكل.ولا بد أن نميز في هذا المقام بين المترجم والدارس، فالأول عمله هو البحث عن المقابلات بناء على العمل الذي يزاوله، فتغدو المصطلحات بالنسبة إليه كالمفردات اللغوية التي يستعصي عليه إدراكها، فيستعين عليها بما توفر له من قواميس اللغة الأصلية أو القواميس المزدوجة نحو المنهل والمورد، ويجتهد في اقتراح المقابل الذي يراه مناسبًا "أما الدارس فليس الذي يعنيه هو حل مشكلة ( معجمية، إنما المصطلحات وكيف تشتغل أو توظف في نسق معين"( قد يستعين بالمعاجم اللغوية، لكنه قد لا يجد ضالته، فيتجه إلى توليد مصطلحات جديدة تتناسب ولادتها في سياقاتها المختلفة التي توظف فيها، ويتطلب منه ذلك فهم طبيعة المصطلح وكيفية تشكله وإيحاءاته المتعددة، كما أنه في الوقت نفسه ملزم بتقديم المقابل العربي الملائم وفق قواعد الصياغة العربية ودلالتها وحقولها المعرفية المتعددة، لأن ترجمة المصطلح في كل الحالات لا يستدعي إتقان
اللغة ليس إلا.. ولكن يقتضي من الدارس المعرفة السردية وشروط تحققهما وتطورهما ومجالاتهما المختلفة.وما يحكم عمل المترجم أو الدارس هو الانتقاء والانتقال الدائم من حقل إلى آخر، ومن نظرية إلى غيرها. فكثيرًا ما نجد ترجمة لمقال في موضوع، وقلما نجد مترجمًا في حقل بعينه. ومن هنا، تبقى إشكالية ترجمة المصطلح السردي قائمة، وللتمثيل على ذلك، نأخذ الفعل الذي تتعدد مقابلاته في اللغة العربية بشكل عجيب و ملفت: روى  سرد  خبر  حكى narrer  فهو الراوي أو الحاكي أو القصاص أو السارد، كما يترجم narrateur  قص، أما مصطلح ( ب السرد والقصة والحكاية فيقال مث ً لا سرد تاريخي أو سرد شعري( ٦ narration مصطلح مشاكل جمة إذ ترجم بالسردية والقصصية والحكائية فيتداخل narrativite وقد أثار مصطلح (٧) narratif سرديات وحكائيات وعلم السرد ومع الصفة narratologie مع لفظة "العلم" من جهة من أجل ذلك وّلد له "سعيد الغانمي" مصطلحًا جديدًا هو "الساردية"غير أن هذا المصطلح "يثير.( لبسا كذلك لأنه يشير إلى السارد أو الراوي وليس إلى العملية السردية ذاتها"( إن ما نلاحظه هو أن عددًا كثيرًا من المترجمين والنقاد لم يتقيدوا باستخدام اشتقاقات ذات جذر في حين ،narrataire والمروي له narrateur واحد، بل خلطوا بين الجذرين العربيين: راو
ترجمها الثنائي سمير المرزوقي وجميل شاكر ب "سارد" وخلاصة القول: إذا كان مصطلح السرد وما تفرع عنه من مصطلحات لا يزال عائمًا غائمًا مضطربًا في اللغة العربية، فهو يؤخذ مرة من الجذر "روى" ومن الجذر "سرد" تارة أخرى وطورًا آخر من الجذر "قص". هذا غيض من فيض، يدل على أن قضية التعامل مع المصطلح السردي لا تزال تشكل معضلة كبيرة في مجال التطبيقات عند الباحث العربي الذي حار وتاه أمام تراكمات اصطلاحية تحتاج إلى ضبط وتحديد وفق المستوى الإبستيمولوجي ثم المستوى التاريخي الإيديولجي. فلا بأس أن نأخذ عينة من النقاد وكتبهم التي ضمنوها مصطلحات ذات مقابلات مختلفة، على أن نقطع جزءًا من الوقت المستقبل  إن شاء الله  لرصد المصطلحية المترجمة من لدن النقاد والدارسين الذين يشتغلون بالمصطلح السيميائي السردي في البلاد العربية.
سبقت الإشارة إلى أن ترجمة المصطلح النقدي عامة، والمصطلح السيميائي السردي خاصة لاتزال قائمة، ولعل أسباب هذه الإشكالية تعود إلى المشاكل التي واجهت البحث السيميائي السردي،منها قلة البحوث والدراسات السيميائية، والفوضى في ترجمة النصوص "بحكم تعبيرها عن رغبة ( فردية تخضع لميول شخصية بد ً لا من أن تكون نتيجة لفعل معرفي جماعي"كما أن اختلاف بعض الباحثين "لا يؤدي في جميع الحالات إلى إجماع يؤسس لخطاب علمي ( جديد جدير بهذا الاسم المصطلح رشيد بن مالك عبد الحميد بورايو سعيد بن كراد لحميداني( مساعد( ١١ ) مساعد( ١٢ ) مساعد( ١٣ ) مساعد( ١٤ Adjuvant معارض معارض معيق( ١٥ ) معارض Opposant  ذات الحال ذات الحال ذات الحال ذات الحالة Supjet dètat  ( ذات الفعل ذات الفاعل( ١٦ ) ذات الفعل ذات الإنجاز( ١٧ Sujet de faire ؟ ( نظيرة ايزوطوبيا( ١٨ ) قطب دلالي( ١٩ ) تناظر( ٢٠ Isotopie ( نظمي ( ٢١ ) نظمي( ٢٢ ) توزيعي( ٢٣ ) تركيبي( ٢٤ Syntagmatique وصلة( ٢٥ ) اتصال اتصال اتصال Conjonction . فصلة( ٢٦ ) انفصال انفصال انفصال Disjonction  عامل فاعل( ٢٧ ) عامل عامل Actant ( الأداء( ٢٨ ) الأداء( ٢٩ ) الإنجاز( ٣٠ ) الإنجاز( ٣١ Performance
( مقطوعة( ٣٢ ) متتالية( ٣٣ ) مقطع( ٣٤ ) متتالية( ٣٥ Sèquence ؟ ( موضوعاتي تيمي( ٣٦ ) غرضي( ٣٧ ) تيمي( ٣٨ Thèmatique استعمال تحريك إيعاز تحريك دفع  تحريك الترغيب (في عن) Manipulation جهة كيفية صيغة صيغة ؟ Modalitè
إن أول ما ملاحظة نستنتجها إثر اطلاعنا على الجدول هو الاختلاف القائم بين المترجمين على مستوى المصطلح، فلكل واحد منهم منظومته المصطلحية الخاصة به، قد تقترب تارة وتبتعد طورًا آخر من بعضها البعض، وهذا ربما يدل على أن الباحث العربي يفتقر إلى تنسيق الجهود الجماعي في إطار مجمعات علمية.وإذا حاولنا فحص أسباب الاختلاف لوجدنا أنه مشكل نسقي لساني أي شكل المصطلح العربي بدليل أنه يعبر عن معطى ومفهوم واحد، فالتضارب يتموقع على مستوى الشكل ليس إلا.التي ترجمها رشيد بن مالك ب "الوصلة" وسعيد بن conjonction فلو أخذنا مثلا مصطلح كراد ب "الاتصال"، نلاحظ أن كلا المصطلحين يلتقيان في المفهوم فكل من الاتصال والوصلة يراد بهما اتصال الذات أو الفاعل بموضوع القيمة، لكن إذا كان سعيد بن كراد و بورايو ترجما مصطلح actant كذلك مصطلح communication ب "اتصال" فكيف يترجم مصطلح conjonction فهو عند رشيد بن مالك بن كراد ولحمداني "عامل" وترجم بورايو ب "الفاعل" في حين أن مصطلح يكون مرس ً لا ومتلقيًا وموضوع القيمة وهذا ما يجافي الصواب. actant .الذي isotopie كما نلاحظ أيضًا التعدد في وضع المقابل للمصطلح الأجنبي من ذلك مصطلح  عربه رشيد بن مالك ب "إزوطوبيا" بعد أن وضع له مقابلا "نظيرة" وقد ترجمه كل من الدكتور "عبد المالك مرتاض" والدكتور فيدوح في دراستهما الحديثة ب "التشاكل" في حين نجد من النقاد من ترجمه بالتناظر أو القطب الدلالي كما هو عند بورايو.ففي الوقت الذي تقدم اللغة الأجنبية مصطلحًا واحدًا، فإننا نجد عدد المصطلحات في اللغة
العربية بعدد الدارسين ولعل السبب كما يقول الدكتور عزوز. "إما عدم اقتناع كل باحث بما يقدمه غيره من الدارسين واجتهاداتهم في المجال المصطلحي وكذا الهيئات والمجامع، وإما عدم إطلاعه على ما قدمه غيره"( ٣٩ ) أو "برغبة فردية تخضع لميول شخصية بد ً لا أن تكون نتيجة لفعل معرفي جماعي"( ٤٠ ) كما قال باحث آخر في مقدمة كتابه. وبعد رصد المنظومة المصطلحية عند بعض الباحثين العرب من المغرب والجزائر. كيف السبيل إلى توحيد وضبط المصطلح؟
تجدر الإشارة في هذا المقام أن غياب الحوار في الوطن العربي يتوقف على أزمة المنهج وتحديد لغة الحوار ذاتها، وهي لغة الاصطلاح أو بالأحرى المصطلح بوصفه الإجرائية المثلى لتشكيل الآليات الخطاب النقدي توخيًا للغاية المنهجية والعلمية والمعرفية على حد سواء، ومن ثم فإن أي وعي بالمصطلح وملابساته هو وعي بالذات والهوية إذ كلما سعينا إلى توضيح المصطلح توضيحًا منهجيًا مقصودًا، فإن ذلك سيعبر أو ً لا عن وعي صاحب الخطاب.... ويحقق ثانية ذلك التعاقد الضمني الموجود بينه وبين القارئ( ٤١ ) خاصة عندما يتعلق الأمر بتقديم مصطلح جديد في إطار تحصيل مثاقفة فكرية ول  ما كان واقع المصطلح و الاصطلاح في الوطن العربي يتخبط في
مزالق منهجية لا حصر لها، بات من البديهي أن تتعثر عملية الحوار العربي على جميع المستويات، فالصياغة المصطلحية للخطاب السردي السيميائي لم ترق بعد لمهمة التعبير الواعي عن اللغة العربية وملابساتها الفكرية والثقافية.ومن ههنا نلمس تأثير المصطلح على الممارسة النقدية من نقص وقصور أديا إلى عجز النقاد عن المساهمة في بلورة جهاز مصطلحي عربي ثابت للخطاب السردي السيميائي وليس أدل على ذلك من غياب التنسيق بين الهيئات والمجامع اللغوية والمؤسسات التعريبية وبالتالي غياب التواصل الفعلي بين المشتغلين على تأسس ونقل المصطلح واستخدامه في الحقول المعرفية.

ليست هناك تعليقات: