النص الكامل لقصيدة (الأرض الخراب) –
للشاعر ( توماس ستيرانز إليوت )
ترجمة : محمد عبد الحي السيد يوسف
أبريل
فهو يستولد زهر الليل من الأرض الميتة
و يخلط الذكرى بالرغبة
ويهيج الجذور البليدة بأمطار الربيع
الشتاء
أبقانا دافئين
مدثرا الأرض بجليد النسيان
مطعما الدرنات الجافة للحياة الجديدة
الصيف
فاجأنا زاحفا نحو "سترانبرجنزي" بزخات المطر
فاحتمينا بممشى الأعمدة
ثم تابعنا تحت نور الشمس إلى " الهوفجارتن"
و شربنا القهوة .. و تحدثنا نحو ساعة ...
و عندما كنا صغارا مقيمين في "الأرشدوق" - قصر ابن عمي -
حملني على مزلجة ؛ فارتعبت ؛ فقال :
" ماري !! ... تمسكي جيدا يا ماري "
و انزلقنا هابطين بين الجبال .. هناك حيث تحس الحرية
- أ ما أنا فأقرأ جلّ المساء ، و أرتحل للجنوب في الشتاء
ما نفعها الجذور إن تشابكت و تصلبت
و أي فروع - من هده الحثالة الصخرية - تراها قد تنبت
يا ابن آدم ...
أنت لا تملك الجواب .. و لا تستطيع أن تخمنه
فما في عقلك غير كومة من المشاهد المشتتة
هنا .. حيث الشمس تلفح
و الشجرة الميتة لا تمنح مأوى
و صرصار الليل لا يمنح راحة
و على الصخر الجاف لا تلقى أ ثراً لمياه
فقط .. هناك ظل تحت هده الصخرة الحمراء
" فتعالى تحت ظل هده الصخرة الحمراء "
و سأريك شيئا مختلفا تماما
عن ظلك في الصباح الذي يعدو خلفك
عن ظلك في المساء الذي يهب لاستقبالك
سأريك الرعب ..
و أي فروع - من هده الحثالة الصخرية - تراها قد تنبت
يا ابن آدم ...
أنت لا تملك الجواب .. و لا تستطيع أن تخمنه
فما في عقلك غير كومة من المشاهد المشتتة
هنا .. حيث الشمس تلفح
و الشجرة الميتة لا تمنح مأوى
و صرصار الليل لا يمنح راحة
و على الصخر الجاف لا تلقى أ ثراً لمياه
فقط .. هناك ظل تحت هده الصخرة الحمراء
" فتعالى تحت ظل هده الصخرة الحمراء "
و سأريك شيئا مختلفا تماما
عن ظلك في الصباح الذي يعدو خلفك
عن ظلك في المساء الذي يهب لاستقبالك
سأريك الرعب ..
في حفنة من التراب
منذ عام عندما أهديتني زهور الياسنت لأول مرة
أسموني فتاة الياسنت
مؤخرا عندما عدنا متأخرين من حديقة الياسنت
- ذراعاك ممتلئتان وشعرك مبتل –
لم أقو على الكلام و تخاذلت عيناي
لم أكن بالحية أو الميتة
و أقفر عقلي من كل شيء
شاخصة .. أتفرس في قلب الضياء ..
في الصمت
مدام "سيزوستريس" العرافة الشهيرة أصيبت بنزلة برد شديدة ,
ومع ذلك
اشتهرت بأنها أكثر نساء أوربا مهارة
في استخدام رزمة الأوراق الكريه ... قالت :
ومع ذلك
اشتهرت بأنها أكثر نساء أوربا مهارة
في استخدام رزمة الأوراق الكريه ... قالت :
ها هو الكارت الخاص بك
البحار الفينيقي الغريق
" هاتان جوهرتان كانتا من قبل عينيه .. أنظر"
وها هي بيلادونا
سيدة الصخور .. سيدة المواقف
ها هو الرجل ذو العصي الثلاثة
وها هي عجلة الحظ
و ها هو التاجر ذو العين الواحدة
وهذا الكارت الخاوي هو شيء يحمله فوق ظهره
شيء ليس لي أن أراه ..
أنا لا أرى المشنوق ؛ فاحذر الموت غرقا
أني أرى جموع من الناس يدورون في حلقة
شكرا .. إذا رأيت السيدة "أكويتن"
أخبرها أني أجلب خرائط النجوم بنفسي
- المرء يجب أن
يأخذ حذره هذه الأيام –
إلى مدينة الوهم
تحت الضباب الأسمر لفجر أحد أيام الشتاء
تدفق جمع على جسر لندن .. جمع غفير
و لم أكن أحسب أن الموت قد غفل عن مثل هذا الجمع الغفير
و أطلقت التنهدات قصيرة و شحيحة
و كل شخص قد ثبت عينيه عليهم و وقف ليشاهد .
تدفق الجمع صاعدا التل ,
ثم هابطا شارع "الملك ويليام"
إلى حيث تحتفظ القديسة "ماري وولنوث" بالساعات
و مع اختفاء الصوت المخنوق لآخر دقات التاسعة
رأيت بينهم شخص اعرفه
فصحت أستوقفه :
تحت الضباب الأسمر لفجر أحد أيام الشتاء
تدفق جمع على جسر لندن .. جمع غفير
و لم أكن أحسب أن الموت قد غفل عن مثل هذا الجمع الغفير
و أطلقت التنهدات قصيرة و شحيحة
و كل شخص قد ثبت عينيه عليهم و وقف ليشاهد .
تدفق الجمع صاعدا التل ,
ثم هابطا شارع "الملك ويليام"
إلى حيث تحتفظ القديسة "ماري وولنوث" بالساعات
و مع اختفاء الصوت المخنوق لآخر دقات التاسعة
رأيت بينهم شخص اعرفه
فصحت أستوقفه :
- "ستيتسو" !! ..
أنت يا من كنت معي على السفن في "ميلاي"
تلك الجثة التي زرعتها العام الماضي في حديقتك
هل بدأت تنبت ؟
هل ستزهر هذا العام ؟
أم أن موجة البرد المفاجئة قد أزعجت مرقدها
آه .. فلتبق الكلب بعيدا عنها .. ذلك الصديق للإنسان
و إلا – بمخالبه - سينبش ليخرجها من جديد !! "
أنت يا من كنت معي على السفن في "ميلاي"
تلك الجثة التي زرعتها العام الماضي في حديقتك
هل بدأت تنبت ؟
هل ستزهر هذا العام ؟
أم أن موجة البرد المفاجئة قد أزعجت مرقدها
آه .. فلتبق الكلب بعيدا عنها .. ذلك الصديق للإنسان
و إلا – بمخالبه - سينبش ليخرجها من جديد !! "
و أنت أيها القارئ المنافق
الكرسي الذي جلست عليه فبدا كالعرش الوضـَّاء
تألق على الرخام
بينما المرآة قد رُفعت على حوامل نـُقشت عليها سوق نباتات مثمرة
أطل من بينها كيوبيد ذهبي يختلس النظر
و آخر يخفي عينيه بجناحه
فضاعفت المرآة شعلات الشمعدان السباعي
و عكست الضوء على الطاولة
فهب ألق الحـُليّ لاستقباله
متدفقا بسخاء من حقائبها الساتانية
و في قوارير من العاج و الزجاج الملون
- كمنت عطورها الغريبة المركبة – بلا سدادة
معجونة ، أو مطحونة ، أو سائلة ..
عطور قلقة ومختلطة
تغرق الحواس في الروائح
التي يحركها الهواء المتجدد الذي تبعثه النافذة
تلك الروائح المتصاعدة تمتزج بلهب الشموع
الذي يزداد استطالة ويلقي بدخانه بين الأثاث
مستثيرا لتلك الرسوم التي تجعل السقف يبدو كصندوق للتحف
أخشاب البحر الضخمة المطعمة بالنحاس
- ذات اللون الأخضر المحروق و البرتقالي -
حُفت بالأحجار الملونة
وفي هذه الأضواء الحزينة
كان الدلفين المحفور عائما
و فوق رف المدفأة الأثري
كان يبدو
و كأن نافذة قد فُتحت على المشهد الهمجي
"مسخ فيلوميلا على يدي الملك البربري"
حقا .. لقد اغتصبت بفظاظة
و برغم ذلك
كان العندليب يملأ الأرض بصوته الذي لا يستطيع أحد اغتصابه
وتستمر هي في الصراخ
ويستمر العالم في تشويشه " جوج .. جوج" على الآذان القذرة
كل هذا
و غيره من هشيم الزمن الذابل
كان يحكى على الجدران
و تلك الأشياء المحملقة الموضوعة بعناية
أو المركونة هناك
كلها كانت تبعث الهدوء الموحش في أرجاء الغرفة
أقدام تتحسس خطاها على السلم
و تحت المشاعل .. تحت الفرشاة
أنتشر شعرها كبقع نارية
... تتوهج عندما تهم بالكلام .. ثم ما تلبث أن تسكن سكونا وحشيا
" أن أعصابي متوترة هذه الليلة .. نعم متوترة .. فلتبق معي "
" تكلم معي .. لم لا تتكلم أبدا .. تكلم "
" في أي شيء تفكر ؟ .. فيم تفكر ؟ .. فيم ؟ "
" أنا ما عرفت قط أفكارك .. فكر !! "
أفكاري ... أننا في ضاحية الجرذان
حيث فقد الموتى عظامهم
" ما هذه الضوضاء ؟ "
- أنها الريح تحت الباب
" إذن .. ما هذه الضوضاء الآن ؟! .. ماذا تفعل الريح ؟ "
- لا شيء مجدداً .. لا شيء
" أما ...
أما تعلم أي شيء ؟ .. أما تعتقد أي شيء ؟!
أما تتذكر أي شيء !! "
- بلى أتذكر ...
( هاتان جوهرتان كانتا من قبل عينيه )
" هل أنت حي أم لا ؟!
أما يوجد في رأسك شيء؟!! "
لكن
آآآآه من تلك العبارة الشكسبيرية
أنها في غاية الرشاقة
وغاية الذكاء :
ماذا سأفعل الآن .. ماذا أفعل ؟
ربما سأخرج كما أنا
وأسير الشارع بشعري المسدل
ثم ماذا قد يحدث غدا ؟؟
ماذا قد يحدث في أي يوم ...
الحمام الساخن في العاشرة
و إذا كانت تمطر , فسنستقل عربة مغطاة عند الرابعة
و ربما نلعب دورا من الشطرنج
فاركين عيونا بلا أجفان
في انتظار طرقة على الباب
عندما سُرِّح زوج "ليل" من الجيش قلت
... ولم أزوق كلماتي - قلت لها مباشرة -
" فلتسرعن من فضلكن لقد حان وقت الإغلاق "
أما و الآن و قد أوشك " ألبرت " على الرجوع ، فيجب أن تتزيني ولو قليلا
فهو سيرغب في معرفة مصير ما أعطاك من مال لتجلبي
لنفسك بعض الأسنان .. لقد أعطاك المال , و قد شهدت ذلك
ربما يجب أن تخلعي جميع أسنانك يا "ليل" و تشتري طاقما جميلا
لقد قال - و أقسِم على ذلك - أنه لا يطيق النظر إليك يا "ليل"
و بصراحة .. أنا أيضا لا أحتمل ذلك
قلت لها فكري في " ألبرت " المسكين
لقد قضى في الجيش أربعة سنوات , وهو الآن سيرغب في قضاء وقت جميل
و إن أنت لم تمنحيه أياه .. هناك أخريات قد يفعلن
"ويلي .. أهناك أخريات" - هكذا سأَلـَت -
فقلت لها .. " شيء من هذا القبيل " ، فردت ...
"إذن حينها سأعرف تلك التي عليّ أن أشكرها على إسعاده "
ثم حدجتني بنظرة جامدة
" فلتسرعن من فضلكن لقد حان الوقت "
قلت لها .. وإن كنت تكرهين طاقم الأسنان , فما في وسعك إلا أن تتأقلمي معه
الأخريات هن من يملكن الانتقاء والاختيار ، لكن ليس أنت
فإن هجرك "ألبرت" .. فلن يكن ذلك لقلة الأقاويل عنك
قلت لها .. يجب أن تخجلي من منظرك العتيق الأشبه بالأنتيكات
- ذلك وهي لم تتجاوز الحادية والثلاثين بعد -
" أنا ما بيدي شيء " .. هكذا قالت وهي تمط وجهها عبوسا
" أنها تلك الحبوب التي تناولتها لأجهض "
- لقد أنجبت خمسا بالفعل , وكادت تموت أثناء ولادة جورج الصغير -
" لقد قال الصيدلي أن كل شيء سيكون على ما يرام
لكنني لم أعد قط كما كنت "
يالك من حمقاء بمعنى الكلمة !! - هكذا قلت -
فالآن حتى و إن لم يتركك " ألبرت " .. فها هي حالتك المزرية
فيم إذن تزوجت إن كنتِ لا ترغبين في الأطفال ؟!
" فلتسرعن من فضلكن لقد حان الوقت "
حسنا و أخيرا - في ذلك الأحد - عاد "ألبرت" إلى المنزل
و أعدوا لحم الخنزير المدخن الساخن
و دعياني لأدخل و أشاركهما العشاء
لأستمتع بجماله و هو في أوج سخونته
" فلتسرعن من فضلكن لقد حان وقت الإغلاق "
" فلتسرعن من فضلكن لقد حان وقت الإغلاق "
طاب مساؤكِ يا "بيل" .. طاب مساؤكِ يا " لو"
طاب مساؤكِ يا "ماي" .. طاب مساؤكَ
شكرا .. شكرا .. طاب مساؤكن سيداتي .. طاب مساؤكن
طاب مساؤكن سيداتي الجميلات
طاب مساؤكن .. طاب مساؤكن
الموعظة النارية
خيمة النهر مهدمة
آخر أصابع أوراق الأشجار تتشبث قليلا ،
ثم تهوي منغرسة في الشط البليل
الريح تعبر الأرض السمراء دون أن يسمع لها صوت
و الحوريات تفرقن
" أيا نهر التيمز الحلو فلتجر في رقة ريثما أنهي أغنيتي "
النهر لا يحمل زجاجات فارغة ، أو أوراق شطائر
مناديل حريرية .. صناديق كرتون .. أعقاب سجائر ..
أو أي من شواهد أمسيات الصيف
الحوريات تفرقن
و رفاقهن المتسكعون من أبناء أثرياء المدينة
رحلوا ..
ولم يتركوا عناوينا
و بالقرب من مياه ليمان .. جلست ، و بكيت
"أيا نهر التيمز الحلو فلتجر في رقة ريثما أنهي أغنيتي"
"أيا نهر التيمز الحلو فلتجر في رقة فلن يرتفع صوتي و لن يطول حديثي"
لكن ، ومن وراء ظهري مع انبثاق موجة برد
صوت طقطقات العظام ، واحتكاك الأجساد ينتشر من أذن لأذن
و جرذ انسل بنعومة بين النباتات ساحبا بطنه الموحلة على الشاطيء
بينما كنت أصطاد في القناة الراكدة ذات أمسية شتائية خلف خزان الغاز
سارحا في الملك .. حطام أخي
و في مصرع أبي الملك من قبله
بينما العظام ترقد في علية المنزل الجافة ، الواطئة قليلا
لا يقلقلها سوى أقدام الجرذان من عام لعام
و لكن عند عودتي من وقت لآخر
عادة ما أسمع أصوات آلات التنبيه ، و الموتورات
التي قد تحمل " سويني" إلى مدام "بورتر" في الربيع
آه .. لقد سطع القمر لمّاعا على مدام " بورتر" و على ابنتها
أنهما تغسلان أقدامهما في ماء الصودا
دعاني بفرنسية ديموتيقية
لتناول العشاء في شارع " كانون "
متبوعا بعطلة نهاية أسبوع في "الميتروبول"
ساعة ارتفاع العيون و الظهر عن المكتب
ساعة توقف الآلة البشرية كسيارة أجرة تهدر منتظرة
أنا تريسياس
عبر العمى .. خافقا بين حياتين
رجل مسن ذو أثداء أنثوية ضامرة
أستطيع أن أرى
في الساعة البنفسجية
- ساعة المساء التي تكافح عائدة إلى الديار
و تعيد البحّار من البحر إلى وطنه -
عاملة الآلة الكاتبة في منزلها في وقت استراحة الشاي
تنظف بقايا فطورها .. توقد مدفأتها ..
تفرغ الطعام المعلب
و خارج النافذة انتشرت بإهمال
قمصانها الداخلية التي لفحتها آخر آشعة الشمس
و على الأريكة - وهي سريرها في المساء -
تكومت الجوارب ، الخف ، الصديريات ، المشدات
و أنا تريسياس
رجل مسن ذو صدر جعد
استوعبت المشهد
و تنبأت بالبقية ...
فأنا أيضا انتظرت الزائر المتوقع
هو - الشاب المعتل أياه - قد وصل
كاتب صغير عند سمسار منازل ، له بقعة صلعاء في رأسه
أحد الأدنياء الذين تستقر عليهم الثقة
كاستقرار قبعة من الحرير على مايونير من برادفورد
" الوقت مناسب الآن " - كما خمن هو -
فالوجبة انتهت .. وهي مملولة و تعبة
يحاول أن يشركها في المغازلة
- التي لم تلاقي صدا ، برغم خلوها من الرغبة -
أندفع وقرر .. أنقض عليها في الحال
الأيدي المستكشفة لا تواجه ردعا
غروره لا يحتاج لتجاوب
ويصنع قبولا من اللامبالاة
و أنا تريسياس
سبق وعانيت كل شيء حدث على هذه الأريكة أو السرير
أنا الذي جلست إلى حوائط طيبة
وسرت بين أحقر الموتى
يهبها قبلة واحد و أخيرة للوداع
و يتحسس طريقه على السلم المطفأ تستدير هي و تنظر للحظة في المرآة
بالكاد واعية لعشيقها المنصرف
وعقلها لا يسمح إلا لفكرة واحدة - نصف مكتملة - لتمر :
" حسنا .. لقد تم ذلك ، وأنا سعيدة لأنه انتهى "
عندما تذل أمرأة جميلة للحماقة
و تعود لتذرع حجرتها مرة أخرى .. وحيدة
فتسوي شعرها بحركة آلية
و تضع اسطوانة على الجرامافون
تلك الموسيقى تنساب من خلالي إلى ما فوق المياه
و بطول " الاستراند " ، وحتى شارع "الملكة فيكتوريا"
آه أيتها المدينة .. أيتها المدينة
أستطيع أحيانا أن أسمع
بالقرب من حانة عامة في شارع " التيمز السفلي"
الأنين العذب للمندولين
و ضجيج وثرثرة آتيان من الداخل
حيث يتسكع صائدي الأسماك في الظهيرة
وحيث تحمل حوائط "ماجنس مارتير"
روعة لا يمكن وصفها للأبيض و الذهبي "الأيوني
زيتا وقارا
والمراكب تنجرف
مع تقلب التيار
الأشرعة الحمراء
عريضة
في مهب الريح تتمايل على الصاري الثقيل
المراكب تدفع
الألواح المنجرفة
إلى قرب جرينيتش
مارة بجزيرة الكلاب
"إليزابث" و " ليستر "
المجاديف الضاربة
مؤخرة السفينة تشكلت
كمحارة مطلية مطلية بالذهب
الأحمر و الذهبي
الموجة المنعشة
تترقرق على كلا الشاطئين
الريح الجنوبية الغربية
حملت عبر التيارات المائية
رنين الأجراس
للأبراج البيضاء
" هيبوري " .. تحملتني
" ريتشموند " و " كيو " .. حطمتاني
بالقرب من " ريتشموند " رفعت ركبتاي
منهارة على أرضية زورق صغير
قدماي في " مورجييت "
و قلبي تحت قدماي
بعد الحادث بكى
ووعدني ببداية جديدة
فلم أعلق
ماذا لدي لأخسره !!
على رمال " مورجات "
لا أستطيع ربط
أي شيء .. بأي شيء
الأظافر المقلمة من الأيدي القذرة .. قومي
القوم الأذلاء
الذين يتوقعون
لا شـــــيء
ثم أتيت إلى " قرطاج "
أحترق .. أحترق .. أحترق .. أحترق
آه يا إلهي .. انتزعني من هنا ...
آه يا إلهي .. انتزعني ...
أحترق
" فليباس" - الفينيقي -
وقد مات منذ أسبوعي
نسى صياح النوارس ، وأمواج البحر العميق
و الربح و الخسارة
تيار تحت الماء ...
ألتقط عظامه في بنعومة
و بينما هو يعلوا و يهبط
أستعرض مراحل هرمه و شبابه
داخلا إلى الدوامة
و ثني كنت أو يهودي
أنت يا من تدير الدفة - ناظرا ناحية الريح -
تذكر "فليباس"
الذي كان ذات مرة
وسيم ، و فارع ..
مثلك
بعد أن خيم الصمت الجليدي على الحدائق
بعد أهوال الموت في الأماكن الحجرية
الصراخ و النحيب
السجن و القصر
و هزيم رعد الربيع فوق الجبال البعيدة
هو " الذي كان حيا .. الآن ميتا "
نحن " الذين كنا نحيا .. نموت الآن "
بقليل من الصبر
هنا لا توجد مياه ، و إنما صخر
صخر بلا ماء ، و الطريق الرملي
الطريق الرملي الذي يتلوى صاعدا بين الجبال
- جبال الصخر التي بلا ماء -
- إذا كان هناك ماء يجب أن نتوقف و نشرب -
بين الجبال
المرء لا يستطيع التوقف أو التفكير
فالعرق جاف و الأقدام في الرمال
فقط إن كان هناك ماء بين الصخر
تلك الأسنان النخرة لفم الجبل الميت ، التي لا تستطيع البصاق
هنا المرء لا يستطيع الوقوف ، أو الرقاد ، أو الجلوس
لا يوجد حتى صمت في الجبال
وإنما الرعد الجاف الخالي من المطر
لا توجد حتى عزلة في الجبال
و إنما الوجوه المتجهمة تزدري ، و تزمجر
من أبواب منازلها الطينية المتصدعة
إذا كان هناك ماء و لا صخر
إذا كان هناك صخر و كذلك ماء
ماء
نبع
بركة بين الجبال
إذا كان هناك فقط صوت المياه
و ليس الجراد
و غناء الحشائش الجافة
فقط صوت المياه فوق الصخر
حيث يغني "الطنان الناسك" #24 فوق أشجار الصنوبر
"دريب دروب" .. "دريب دروب" .. "دريب دروب"
لكن .. ليس هناك ماء
صخر بلا ماء ، و الطريق الرملي
الطريق الرملي الذي يتلوى صاعدا بين الجبال
- جبال الصخر التي بلا ماء -
- إذا كان هناك ماء يجب أن نتوقف و نشرب -
بين الجبال
المرء لا يستطيع التوقف أو التفكير
فالعرق جاف و الأقدام في الرمال
فقط إن كان هناك ماء بين الصخر
تلك الأسنان النخرة لفم الجبل الميت ، التي لا تستطيع البصاق
هنا المرء لا يستطيع الوقوف ، أو الرقاد ، أو الجلوس
لا يوجد حتى صمت في الجبال
وإنما الرعد الجاف الخالي من المطر
لا توجد حتى عزلة في الجبال
و إنما الوجوه المتجهمة تزدري ، و تزمجر
من أبواب منازلها الطينية المتصدعة
إذا كان هناك ماء و لا صخر
إذا كان هناك صخر و كذلك ماء
ماء
نبع
بركة بين الجبال
إذا كان هناك فقط صوت المياه
و ليس الجراد
و غناء الحشائش الجافة
فقط صوت المياه فوق الصخر
حيث يغني "الطنان الناسك" #24 فوق أشجار الصنوبر
"دريب دروب" .. "دريب دروب" .. "دريب دروب"
لكن .. ليس هناك ماء
من هو ذلك الثالث الذي يسير دائما بجوارك ؟ "
عندما أعد لا يكون هناك سوانا أنا و أنت معا
لكن عندما أنظر للأمام على الطريق الأبيض
أشعر دائما بأن هناك شخص آخر يسير بجوارك
ينساب متدثرا بعباءة سمراء .. مغطى الرأس ..
لا أعرف إن كان رجلا أو امرأة ، لكن
من ذلك الذي يسير على الجانب الآخر منك ؟!"
عندما أعد لا يكون هناك سوانا أنا و أنت معا
لكن عندما أنظر للأمام على الطريق الأبيض
أشعر دائما بأن هناك شخص آخر يسير بجوارك
ينساب متدثرا بعباءة سمراء .. مغطى الرأس ..
لا أعرف إن كان رجلا أو امرأة ، لكن
من ذلك الذي يسير على الجانب الآخر منك ؟!"
ما ذلك الصوت الذي يرتفع عاليا في الهواء ؟
وكأنه أنين أم تنوح
من هؤلاء القوم الملثمين ، المحتشدين فوق السهول اللا نهائية
متعثرين في الأرض المتصدعة ، لا يحوطهم إلا الأفق المسطح
أي مدينة تلك التي وراء الجبال
تتصدع .. و تتشكل ، وتنفجر في الهواء البنفسجي
تلك الأبراج المتداعية
لأورشليم .. أثينا .. الأسكندرية
فيينا .. لندن . . . وهم
وكأنه أنين أم تنوح
من هؤلاء القوم الملثمين ، المحتشدين فوق السهول اللا نهائية
متعثرين في الأرض المتصدعة ، لا يحوطهم إلا الأفق المسطح
أي مدينة تلك التي وراء الجبال
تتصدع .. و تتشكل ، وتنفجر في الهواء البنفسجي
تلك الأبراج المتداعية
لأورشليم .. أثينا .. الأسكندرية
فيينا .. لندن . . . وهم
ثم عزفت موسيقى هامسة على هذه الأوتار
فأخذت الخفافيش ذات الوجوه الطفولية في الضوء البنفسجي
تصفر و تضرب بأجنحتها
و رؤوسها المتوحشة المقلوبة أسفل الحائط المسود
ترى الأبراج مقلوبة في الهواء
و هي تدق فيها أبراج الذكريات .. تلك التي تحتفظ بالساعات
بينما كانت الأصوات تغني منبعثة من الأحواض الاخاوية والآبار المجهدة
و في هذا الثقب البالي بين الجبال
وتحت ضوء القمر الباهت .. كانت الحشائش تغني
فوق القبور المنبوشة ، بالقرب من الكنيسة
فهناك الكنيسة الخاوية .. هي فقط مأوى للريح
ليس لها نوافذ ، والباب يتأرجح
"العظام الجافة لا تؤذي أحدا" #25
وحده كان الديك يقف على الشجرة العالية يصيح
"كوكو ريكو" .. "كوكو ريكو"
وفي ومضة برق .. تفجرت الرطوبة
جالبة ً المطر
انتظرت المطر ، بينما السحب السوداء
اجتمعت فوق "هيمافانت"
و الغابة جثت .. و احدودبت في صمت
و عندها .. تكلم الرعد ...
داتا.. ماذا أعطينا ؟
أيا صديقي .. الدماء تهز قلبي
و اجتراءنا الشنيع على الإستسلام للظروف
الذي لا يستطيع عمر كامل نحياه بشرف أن يمحوه من تارخنا
به .. و به وحده
عـشـــنـا
تلك الذلة التي لا يمكن أن تتواجد في نعينا
و لا في الذكريات التي ينسجها عنكبوت المصالح
و لا تحت المغاليق التي يفضها المحامي الهزيل
في غرفنا الخاوية
دا ..
دا يادهافام .. لقد سمعت المفتاح
يدور في الباب مرة .. يدور مرة واحدة فقط
نحن نفكر في المفتاح .. كل في سجنه
مفكرين في المفتاح .. كلٌّ يثبت سجنه
فقط عند حلول الليل .. تنتشر الإشاعات الأثيرية
فتحيي للحظة "كوريولانوس" #29 محطم
دا ..
دامياتا القارب استجاب
فرِحاً .. بالأيدي الخبيرة بالشراع و المجداف
البحر كان هادئا .. وقلبك قد يكون استجاب
فرحا - عندما دعي - نابضا بالطاعة للأيدي المسيطرة
أصطاد .. و السهل المجدب من خلفي
"أما كان يمكنني - على الأقل - أن أبعث بعض النظام في أرضي ؟ "
هذه هي الشذرات التي جمعتها قبالة خرائبي
فلماذا قد أروقك الآن
- جنون "هيرونيمو" مرة أخرى -
داتا .. دايادهافام .. دامياتا
انتهى