البهجة ((تقرت)) عروسة الواحات

البهجة ((تقرت)) عروسة الواحات

الخميس، 23 يناير 2014

اللغات السامية (الأفروآسيوية)

مُساهمة  
تقديم الباحث : محمد شلياح:

أفرزت الدراسات المقارنة للغات الإنسانية مجموعات لغوية، ووضعت يدها على وشائج متينة من التشابه بيت لغات كل مجموعة، مما جعلها أسرا لغوية مختلفة. ومن بين المجموعات اللغوية التي أفرزتها هذه الدراسات نجد المجموعة الأفرو أسيوية التي تتفرع عنها هي الأخرى مجموعة اللغات السامية.هذه الأخيرة خضعت عبر التاريخ لدراسة واهتمامات العلماء. فاعتمدوا المنهج الوصفي في وصف هذه اللغات، والمنهج المقارن للمقارنة بين هذه اللغات. والذي يجعل الباحث يواجه الصعوبات في هذا المجال، هو كون هذه اللغات ليست حلقات متصلة في سلسلة لغوية واحدة يمكن أن تعد إحداها أقدم اللغات (اللغة الأم) والثانية أحدث منها وهكذا.
و من خلال هذا العرض سنحاول الاشتغال على بعض إشكاليات هذا الموضوع من خلال التساؤلات الآتية: ماذا نقصد باللغات السامية ؟ وما هي الخصائص المشتركة بينها؟ وماذا عن تقسيمها؟ وما هي آراء العلماء فيما يخص اللغة السامية الأم وموطنها الأول؟ : 


أولا:

تعريف اللغات السامية و الخصائص المشتركة بينها


تعتبر اللغات الأفرو أسيوية واحدة من أكبر الأسر اللغوية في العالم القديم والوسيط والحديث. وتضم هذه الأسرة عدة أفرع لغوية، هي الفرع السامي، والفرع المصري القديم، والفرع البربري، والفرع التشادي، والفرع الكوشي. 
والذي يهمنا في هذا العرض هو الفرع السامي. وأول من أطلق هذه التسمية على هذا الفرع هو العالم الألماني لودفيك شلوتزر في بحث نشره سنة 1781م، ثم شاعت هذه التسمية. وقد اعتمد على ما ورد في الإصحاح العاشر من سفر التكوين. الآيات: 20-32. ومن الملفت للانتباه أن التوراة بنت هذا التقسيم خاصة على اعتبارات سياسية لا إثنوغرافية، إذ نجد فيها أقواما كالعيلاميين والليديين ذكرتهم التوراة على أنهم من أبناء سام رغم أن لغتهم لا رابطة لها باللغات السامية. وغيبت أقواما تكلموا لغات سامية ككنعان الذي ألحقته التوراة بحام وليس بسام، بالرغم من أن النص التوراتي ذكر أن اللغة العبرية هي في الأصل لهجة كنعانية. (أشعياء 18-19). 
وأول من تنبه إلى هذه العلاقة بين الأمم السامية هم علماء اليهود الذين كانوا في الأندلس في القرون الوسطى، ثم جاء المستشرقون بعدهم فأخذوا يبحثون في علم اللغات السامية بعناية وتوسع حتى وضحت هذه العلاقة وضوحا تاما. 
وتتفق اللغات السامية في مجموعة من الخصائص الصوتية والصرفية والنحوية والدلالية. وتظهر هذه الخصائص بشكل أوضح في اللغات السامية القديمة، ويمكن تفسير أي خروج عن هذه السمات المشتركة في أية لغة مفردة بأنها خالفت باقي لغات الأسرة السامة في أحد الجوانب المذكورة. ومن أهم الخصائص المشتركة في اللغات السامية نذكر مايلي:
أ‌- نجد في اللغات السامية مجموعة أصوات الحلق : العين والحاء والغين والخاء والهاء والهمزة.
ب‌- توجد في اللغات السامية مجموعة أصوات مطبقة، تشترك هذه الأصوات من الناحية النطقية في ارتفاع اللسان درجة في أثناء النطق بها مع اتخاذه شكلا مقعرا. والأصوات المطبقة في اللغة العربية هي : الصاد والضاد والظاء. أما في اللغات السامية الأخرى فتوجد أصوات الإطباق بعدد أقل.
ت‌- يقوم بتاء الكلمة في اللغات السامية على أساس الصوامت والوزن. ومعنى هذا أن المعنى الأساسي يرتبط بالصوامت. فمثلا : الكلمات : فعل ، وفاعل ، يرتبط معناها الأساسي بالكاف والتاء والباء. أما الوزن مثل وزن فاعل فيحدد المعنى الدقيق للكلمة بأن يدل مثلا : على من قام بالفعل.
ث‌- تصنف الصيغ في اللغات السامية من ناحية الجنس النحوي إلى مذكر ومؤنث. ومن ناحية العدد إلى مفرد ومثنى وجمع. باستثناء بعض اللغات السامية كالعبرية مثلا التي قل فيها استعمال المثنى.
ج‌- هناك عدد كبير من المفردات الأساسية المشتركة في كل اللغات السامية، ويمكن تقسيم هذه المفردات إلى المجموعات التالية:
-
ألفاظ خاصة بجسم الإنسان: رأس، عين...
-
ألفاظ خاصة بالنبات والحيوان: قمح ، كلب...
-
الأعداد الأساسية : من اثنين حتى عشرة.
-
بعض الأفعال الأساسية: ولد، مات، زرع...
-
حروف الجر الأساسية : من، على، في. 
بعد أن تطرقنا لتعريف اللغات السامية وذكر بعض الخصائص المشتركة بينها، سننتقل إلى الحديث عن اللغة السامية الأم (المفترضة).

ثانيا:

اللغة السامية الأم:

إن الحديث عن اللغة السامية يدفعنا لطرح مجموعة من التساؤلات مثل: أين وجدت هذه اللغة؟ ما هي خصائصها؟ ومن كان يتحدث بها؟ 
فبالنسبة للساميين الأوائل، لم يبق أثر لهؤلاء يساعدنا على معرفة المستوى الحضاري الذي وصلوا إليه. كما أنه ليست لدينا نصوص مكتوبة تشهد بالشكل العام الذي كانت عليه لغتهم السامية الأم. ولكن الذي لا شك فيه الآن أنهم أقوام عاشوا فيما قبل التاريخ في شبه الجزيرة العربية عندما كانت خصيبة خضراء، ثم دهمهم القحط ، فتفرق من تفرق منهم بالهجرة. ومع ذلك يمكن من خلال مقارنة الأساطير الموغلة في القدم أن نستشف بعض معلومات عن بيئتهم. كما أنه من الممكن بمقارنة اللغات السامية الباقية استخلاص صفات عامة للغة السامية الأم. 
ومن بين هذه الصفات يمكن أن نذكر ما يلي:
-
مميزات صوتية: 
_
احتواؤها على: حروف الحلق ولاسيما الحاء والعين، وحروف التفخيم أو الإطباق، والحروف بين السنانية مثل الثاء والذال.
-
مميزات صرفية : تمتاز باعتمادها على الحروف الساكنة،واستعمال الحركات لتنويع المشتقات، كما تنطلق المشتقات من الجذر الثلاثي المجرد على المزيدات بحروف الزيادة. 
واختلفت آراء العلماء في ما يخص موطن اللغة السامية الأم، وخاصة المستشرقين منهم. فبعضهم يزعم بأن المهد الأصلي للسامية الأم هو أرض أرمينية بالقرب من حدود كردستان. وبعضهم يقول إن هذه المنطقة هي المهد الأصلي للأمم السامية والأمم الآرية جميعا. وللتوراة نظرية خاصة عن أقدم ناحية عمرها بنو نوح وهي أرض بابل. وقد تكون هذه النظرية أقرب إلى الحقيقة لأن البحوث التاريخية أثبتت أن أرض بابل هي المهد الأصلي للحضارة السامية. من كل هذا يتبين أنه من العسير الجزم برأي في المهد الأصلي للأمم السامية.
أما فيما يتعلق باللغة السامية القريبة من اللغة السامية الأصلية، فيذهب إسرائيل ولفنسون إلى القول بأن الطريقة المثلى للبحث عن أقرب لغات الساميين إلى اللغة السامية الأصلية، هي أن نبدأ باستخلاص القديم من كل اللغات السامية، ثم نكون من هذا القديم لغة واحدة تعتبر كأنها أقرب صورة للغة السامية. ثم نوازن بينها وبين جميع اللغات السامية، فالتي تكون منها أقرب إلى هذه الصورة تكون منها أقرب إلى السامية الأصلية.

ثالثا:

 تقسيم اللغات السامية.


درج الباحثون في اللغات السامية على اعتماد تقسيمات مختلفة لها، اعتمادا على معايير خاصة. وهناك من اهتدى إلى تقسيم هذه اللغات إلى ثلاث مناطق : 
-
شرقية، وفيها اللغة البابلية الأشورية. 
-
وغربية شمالية، وتشتمل على الكنعانية، والأوغاريتية، والعبرية، والآرامية.
-
وغربية جنوبية ، وتشمل اللهجات العربية في جميع بلدان الجزيرة العربية، واللهجات الحبشية .
وجعل المستشرقون المنطقتين الأوليتين (الشرقية والغربية) منطقة واحدة كبرى تسمى الكتلة الشمالية. تقابلها الكتلة الجنوبية ، وهي المنطقة الثالثة (الجنوبية). ونود الإشارة إلى مسألة أساسية تعترض الباحث في اللغات السامية، ويتعلق الأمر بمدى وصول كل هذه اللغات إلينا، أم أن هناك لغات سامية فقدت قبل أن نعرف عنها شيئا. وهي مسألة يصعب الإجابة عنها بأدلة قاطعة لا خلاف فيها.و بذلك انقسم العلماء إلى فريقين: يرى أحدهما أن جميع اللغات السامية قد وصلت إلينا. في حين تحدث الفريق الثاني عن وصول بعض منها فقط.
1-
لغات شرقية : اللغة الأكادية - البابلية الآشورية 
ترتبط اللغة الأكادية بالساميين الأوائل الذين استوطنوا العراق، والذين استمر وجودهم اللغوي والحضاري والسياسي بعد ذلك في الإمبراطوريتين البابلية والأشورية ، ثم في دولة الكلدانيين أخيرا. لذلك فقد أخذ هؤلاء الساميون الكتابة من السكان الأصليين السومريين. وقد كان من العسير على البابليين الأوائل الذين لا تصل لغتهم بلغة السومريين أن يوفقوا بين لغتهم وبين الخط السومري، لذلك اضطروا إلى استعمال اللغة السومرية في جميع كتاباتهم، لأنهم لم يكونوا يعرفوا الخطوط سواه. ويعرف هذا الخط في اللغة العربية بالخط المسماري، لاعتماده على وحدات كل منها تشبه المسمار، وعند الإفرنج يعرف بالخط ذي الشكل المثلث((Ecriture cuniforme . فهذا الخط المسماري الأكادي كان متفرق الحروف، وكان يقرأ غالبا مستعرضا من الشمال إلى اليمين، وقديما كان يقرأ عموديا من أعلى إلى أسفل. . كما أنه يوضع على شكل عمودي أو أفقي حسب ما تقتضيه العلامة المراد كتابتها، وحسب المعنى المقصود من تلك العلامة.
ولم تكن اللغة البابلية تشتمل على كثير من الحروف السامية، إذ لم تكن فيها حروف التضخيم والتفخيم العربية كالطاء والظاء والضاد، وحروف الحلق كالحاء والعين والغين، والهاء. وفقدان هذه الحروف من اللغة البابلية، وبالتالي فقدان النطق الصحيح للكلمات السامية مرده إلى استعمال البابليين للخط السومري، واختلاطهم بالطوائف السومرية، فتأثرت لغتهم ونطقهم باللغة السومرية. ورغم ذلك بقيت اللغة البابلية تشمل على ألفاظ سامية قديمة كثيرة غير مألوفة وغير معروفة بالعربية، بينما نجد هذه الألفاظ باللغة العبرية.
بقيت الإشارة إلى التساؤل حول سبب منشأ القلم المسماري في بلاد العراق دون غيرها من البلدان ذات الحضارات القديمة كمصر مثلا، وعدم اقتباس العراقيين القلم الهيروغليفي؟ ومرد ذلك إلى كون العراقيين لم تكن لديهم الأدوات الكتابية التي استعملها المصريون مثل أوراق البردي والمداد المصري الذي اخترعه علماء النيل، ليكتبوا به على الأوراق والجلود. 
2-
لغات سامية غربية شمالية:
أ -اللغة الكنعانية:
هي لغة شعب سامي قطن الهلال الخصيب الذي يشغل أقاليم سوريا ولبنان وفلسطين والأردن. فقد اخترع هذا الشعب أبجدية الكتابة المختزلة بالنسبة للخط المسماري والهيروغليفي، ليصبح أساسا لجميع خطوط العالم في الشرق والغرب. هناك تشابه شديد بين اللغة الكنعانية واللغة البابلية، مرده إلى تلك العلاقات المتينة والتأثير الشديد الذي كان متبادلا منذ أقدم الأزمنة. فضلا عن وجود تشابه بين اللغة الكنعانية واللغة العبرية. إذ دلت آثار اللغة الكنعانية سواء ما وجد منها في وطنهم الأصلي أو ما وجد في مستعمراتهم على عظم قرب ومشابهة للغة العبرية . فأقدم آثار اللغة الكنعانية ألفاظ واصطلاحات، وردت في رسائل مسمارية موجهة من بعض الأمراء الكنعانيين في نواحي فلسطين إلى الملك أمون حوطف المصري في القرن 14 ق.م. وهذه الرسائل مكتوبة باللغة البابلية، ومشوبة ببعض الكلمات الكنعانية، ويستدل من هذه الألفاظ الكنعانية على أنها تشبه مادة اللغة العبرية شبها كبيرا . ووصلتنا وثيقة هامة عن لغة إقليم الأردن، وهي عبارة عن نقش جنائزي يذكر فيه تاريخ أحد ملوك مملكة مؤاب، وهو "مشيع بن كموس". وهذا النقش مكتوب بالأبجدية الفينيقية، ولغته فينيقية كنعانية في جوهرها، وهي قريبة الشبه باللغة العبرية .
ب‌- اللغة الأوغاريتية:
هي اللغة السامية الثانية من ناحية تاريخ تدوين أقدم النقوش. فقد دونت نقوشها حوالي 1400 ق.م وقد اكتشفت هذه النقوش في أطلال مدينة قديمة وهي أوغاريت، وتوجد بالقرب من رأس شمرة على ساحل الشام. واللغة الأوغاريتية أقدم لغة سامية عرفتها منطقة الشام. 
ت-اللغة العبرية :
كان بعض المستشرقين يطلقون على العبرية مصطلح "لهجة كنعانية"، ما يدل على أن العبرية مشتقة من اللغة الكنعانية، وهذا خطأ صريح، لأن العبريين من بني إسرائيل وغيرهم جاؤوا بلغتهم من موطنهم الأصلي، ولم يقتبسوها من الكنعانيين بعد اتصالهم بهم. وكل ما حدث هو أن اللغة العبرية واللغة الكنعانية كانتا لغة واحدة تكلمت بها الأمم التي كانت تسكن فلسطين وطور سينا في مدى قرون معينة فلما فرقت تلك الأمم، وتباعدت، اختلفت لغتها، فكانت إحداهما العبرية، وكانت الأخرى الكنعانية .
وتنسب اللغة العبرية إلى الأمة العبرية التي تتألف من بني إسرائيل وجملة شعوب أخرى تصلها بها صلة القرابة الدموية كبني إسماعيل، وبني مدين، والعمالقة، وآل أدوم وأهل مؤاب وعمون، وهذه الأقوام كلها من ذرية إبراهيم. وقد ذكر إرنست رينان أنه يبدو من كل القصص الخاصة بإبراهيم وإسحاق ويعقوب، أن العبريين كانوا أميين تماما، بدليل أنهم كانوا إذا أرادوا أن يخلدوا ذكرى حادث أو أن يعقدوا حلفا أو يميزوا قبرا لميت من عظمائهم، عمدوا إلى إقامة حجر أو اختيار كهف طبيعي أو شجرة مقدسة أو نبع ماء للقيام به.
وقد بحث العلماء المحدثون في تراث العهد القديم عند اليهود بما فيه توراة موسى، وكتب الأنبياء، وكتب الحكمة، والذي غطى أزيد من ألف سنة، وخرج هؤلاء العلماء من ذلك بأن اللغة العبرية التي حفظها العهد القديم تتضمن ثلاثة أدوار :
1 -
دور عتيق جدا سابق على جمع هذا الكتاب.
2 -
دور فصيح وصلت فيه العبرية قمة أوجها في عهد سليمان، وعهد أبيه داوود فقد استقرت فيه صيغ الصرف في العبرية.
3 –
وهو عصر الانحطاط . عندما خرب بختنصر بيت المقدس سنة 586 ق . م . وكان هذا من أهم الأسباب التي أدت إلى حدوث تغيير خطير وانقلاب كبير في اللغة العبرية. إذ اتصل اليهود بالبابليين والفرس، واختلطوا بهم. فتسربت إلى العبرية كثير من الألفاظ الأجنبية، لتموت بذلك اللغة العبرية على ألسنة اليهود، وتصبح لغة دينية فقط. ورغم محاولة الأمراء المكابيين الذين تولوا الزعامة الدينية منذ فتح الإسكندر الأكبر لفلسطين إنهاض اللغة العبرية من جديد، لكن نجاحهم لإعادة هذه اللغة لغة شعبية لليهود كان محدودا جدا،مما قصر اللغة العبرية على المجامع العلمية والدينية، وأصبحت منذ القرن 3 ق.م لهجة مغايرة في جرسها وتركيبها للغة العهد القديم. وقد كتب المشنا بهذه اللغة. ومع ظهور الإسلام، عاودت العبرية علنيتها، بعد أن تركت لليهود الحرية الكاملة في الدين والثقافة. فقامت نهضة لغوية وأدبية على يد يهود العالم العربي في العصور الوسطى عن طريق دراسة النحو على طريقة النحاة العرب. وقد أشار محمود فهمي حجازي إلى ذلك بقوله :
هي محاولة لإحياء اللغة العبرية الحديثة بعناصرها الموروثة مع تطويرها لتعبر عن الحضارة الحديثة. 
ث- اللغة الفينيقية:
اللغة الفينيقية هي بالمعنى الصحيح للكلمة لهجة مدينتي صور وبيبلوس والمواقع المجاورة لهما. وهي لغة سامية تنتسب إلى المجموعة الكنعانية. ويمكن التمييز بين ثلاث مراحل على صعيد تاريخ اللغة الفينيقية: - مرحلة اللغة الفينيقية وتمتد حتى القرن التاسع قبل الميلاد، وتنسب إلى هذه المرحلة عدة كتابات من بينها: كتابات أحيرام وأزرو بعل.
-
مرحلة اللغة الفينيقية المتوسطة: وتمتد من القرن الثامن إلى القرن الخامس قبل الميلاد، وتعود إلى هذه المرحلة نصوص مقتضبة عثر عليها في مواقع استعمرها الفينيقيون. ونص أشمون عزر ينسب إلى هذه الفترة.
-
مرحلة اللغة الفينيقية الحديثة وتمتد من القرن 5 ق.م إلى مطلع العصر الميلادي وما يليه. 
ج– اللغة الآرامية :
هي لغة من أبسط اللغات السامية، وأكثرها مرونة وملاءمة للحياة الحضارية والعلمية. وهي لغة لم تتأثر بالانهيار السياسي والعسكري للأمة التي تتكلمها. وبالعكس، كان نفي الآراميين وتشردهم بعيدا عن موطنهم سببا في انتشار لغتهم حيثما ذهبوا. وهكذا ومنذ أواخر القرن 9 ق . م بدأت الآرامية بالتدرج في رقعة شاسعة امتدت من الهند شرقا إلى البحر الأبيض المتوسط غربا. وقسم المستشرقون هذه اللغة إلى كتلتين تشمل أولاهما على لهجات بلاد العراق الجنوبية والشمالية، وتعرف بالآرامية الشرقية. وتشتمل ثانيها على اللهجات الآرامية في سوريا وفلسطين، وتعرف بالآرامية الغربية. فالآرامية الشرقية تنقسم إلى :
-
آرامية النقوش : وجدت النصوص ، منها نص ورد من مملكة شمأل، ويعرف بنقش زبجيرلي نسبة إلى الاسم التركي الحديث لهذه المنطقة الأثرية، ولغته كانت متأثرة باللغة الكنعانية.
-
آرامية الكتاب المقدس : وأشهر نصوصها ما جاء في سفر عزرا، وسفر دانيال.
-
آرامية اليهودية : منها الترجوم وهو ترجمة آرامية للكتاب المقدس اليهودي.
-
الآرامية الفلسطينية المسيحية : وهي لغة المسيحيين الملكانيين في فلسطين الذين كتبوا ترجمة للكتاب المقدس بلهجتهم الآرامية.
-
الآرامية النبطية : هي لغة النبط الذين استقروا شرق الأردن وجنوب سوريا. وقد أخذوا الأبجدية عن الفينيقيين، ثم طوروها وحولوها من كتابة منفصلة الحروف إلى كتابة متصلة الحروف، ومنها أخذ العرب الكتابة التي مازلنا نستعملها الآن.
-
الآرامية التدمرية : تشبه كثيرا اللهجات الغربية الآرامية. وقد تضمنت ألفاظا كثيرة في نطقها قريبة من النطق المألوف في الآرامية الشرقية. وأكثر الكتابات التدمرية هي نقوش القبور والقرابين، وأقلها كتابات الصكوك والطلاسم.
-
أما الآرامية الشرقية، فتنقسم إلى :
-
آرامية التلمود البابلي : وهو شرح المشنا الذي تعاقبت عليه أجيال من الرواة والأحبار اليهود في مدارسهم بالعراق.
-
آرامية الصابئة : التي تسمى اللغة المندعية أو المندائية. وتنسب للصابئة الذين يوجدون في جنوب العراق في مناطق البصرة وواسط على الخصوص.
-
اللغة السريانية : هي لهجة آرامية قديمة، وكان مركزها في مدينة أوديسا Edessa التي تبعد عن حران بنحو ثمان ساعات. وتعد هذه اللغة من أغنى أخواتها في الإنتاج العلمي والأدبي. وأصبحت لغة الحضارة المسيحية بعد أن ترجمت إليها الكتب المقدسة في القرن الثاني الميلادي.ويظهر في هذه اللغة تأثير يوناني وعبري بعد نقل الكتب المقدسة إليها. 
3-
لغات جنوبية غربية :
هذا القسم من اللغات الساميين يحتوي شطرين : أحدهما لغة العرب، والثاني يضم لغة موجة الساميين التي دفعتها شبه الجزيرة من أقصى جنوبها الغربي عبر مضيق باب المندب نحو قلب إفريقيا. فظهر أثرها واضحا في كثير من لغات الحبشة ولهجاتها.
وتفترق هذه المجموعة عن السامية الشمالية الغربية( اللهجات الكنعانية و الآرامية) بالأصوات الأصلية الغنية على الأخص بأصوات الحلق وأصوات الصفير المختلفة الدرجة، كما أنها تفترق عنها كذلك في احتفاظها التام بالحركات القديمة وطريقة بناء الصيغ في السامية القديمة.
ويفرق في الجزيرة العربية نفسها بين مجموعتين كبيرتين من اللهجات : العربية الجنوبية والعربية الشمالية. 
أ- العربية الجنوبية:
هي مجموعة من المستويات اللغوية التي وصلت إلينا في النقوش التي يسميها الباحثون باسم النقوش المعينية والسبئية والحميرية وتؤرخ هذه النقوش من القرن السادس الميلادي تقريبا، وقد وجدت هذه النقوش في النصف الجنوبي من جزيرة العرب وعلى طرق التجارة التي كان الجنوبيون يقفون في محطاتهم الموجودة حتى أقصى الشمال.
ب- العربية الشمالية:
بعد انهيار سد مأرب هاجرت قبائل جنوبية إلى الشمال قبيل الإسلام تنتشر في جنوب الجزيرة العربية، وزاد معدل التعريب بشكل واضح بعد دخول اليمن في الإسلام. ولم يبق من العربية الجنوبية اليوم إلا مجموعة من اللغات في مناطق منعزلة نسبيا اهمها المهرية في اليمن الشعبية على حدود عمان. 
وقد انتشرت اللغة العربية، عن طريق القران الكريم انتشارا واسعا، لم يسبق أن انتشرته لغة أخرى. فهي اللغة الوحيدة الجائزة لكل المسلمين في العبادة ولهذا السبب تفوقت على كل اللغات التي كان يتكلمها المسلمون وقد أصبحت هي اللغة الأدبية المشتركة لكل العرب. 
ت-اللغات السامية في الحبشة:
نشأت اللغات السامية في الحبشة نتيجة لهجرة عربية جنوبية من جزيرة العرب على شرق إفريقيا. وأقدم لغة سامية عرفتها الحبشة هي لغة الجعز. وهي لغة ذات ارتباط مسيحي واضح، وتشبه من هذا الجانب اللغة السريانية وكذلك اللغة القبطية. وقد ترجمت إلى لغة الجعز مجموعة من الأسفار المكونة للعهد المقدس لدى المسيحيين وظلت ذات ارتباط كنسي واضح، ولا تزال لغة الطقوس الدينية في الحبشة.
وقد ماتت هذه اللغة منذ قرون لتترك المجال لظهور لغات سامية حديثة أبرزها الأمهرية وهي اللغة الرسمية في الحبشة. 


خاتمة:
نخلص في النهاية إلى كون البحث في اللغات السامية هو بحث متشعب وعميق لم يخرج العلماء فيه بعد بنتائج تعطينا صورة واضحة عن هذه المجموعة اللغوية. كما أن البحث في بعض إشكالات هذا الموضوع يبدو الخروج فيها بنتائج من ضرب المستحيل كالبحث عن موطن نشأة الساميين الأوائل واللغة السامية الأم. والملاحظ أيضا أن اختلاف وتعدد النتائج التي استقر عليها رأي العلماء مرده إلى اختلاف المرجعية التي استند عليها كل عالم وتعدد المناهج العلمية المعتمدة في هذا الإطار. وتبقى جهود المستشرقين في هذا الميدان أكبر بكثير من جهود الساميين أنفسهم رغم أن الموضوع يهمهم. وأكيد لو أنه وظف الساميون معرفتهم بخصوصيات ثقافتهم وتاريخهم لتوصلوا إلى نتائج أهم مما توصل إليها غيرهم.

لائحة المصادر والمراجع
:
-
تاريخ اللغات السامية. إسرائيل ولفنسون. مطبعة الاعتماد: مصر. ط:1. 1929. 
-
دروس في اللغة العبرية القديمة من خلال نصوص التوراة. سلوى غريسة مركز النشر الجامعي 2004.
-
فقه اللغات السامية.كارل بروكلمان.ترجمة: رمضان عبد التواب.1977 . 
-
الساميون ولغاتهم . حسن ظاظا. دار القلم دمشق. ط: 2 . 1990. 
-
مدخل إلى علم اللغة لمحمود فهمي الحجازي. دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع. ( القاهرة)
-
معجم الحضارات السامية. هنري س عبودي. طرابلس- لبنان. ط: 2 . 199