الرواية
الجزائرية بين الأزمة و فاعلية الكتابة
الأستاذ : عبد اللطيف حني
أستاذ بمعهد اللغة العربية و آدابها – المركز الجامعي
الطارف.
الملخص :
عرف الأدب الجزائري المعاصر تطورا ملحوظا سنوات التسعينات ، غير منفصل عن
الأحداث الاجتماعية و السياسية التي
عاشتها البلاد، لذلك تأمل هذه المداخلة دراسة ملامح أحد أجناس هذا الأدب و هو
الخطاب الروائي ، و محاولة القبض على ما
تفرد به من تشخيص للأزمة بصراعها و ظروفها ، و امتطاء فاعلية الكتابة في رصد مرحلة
مهمة من تاريخ الجزائر .
كما تحاول المداخلة تعريف الأزمة الجزائرية بصفة عامة، و تسعى إلى ضبط رؤية
لها من خلال الرواية المعاصرة، و تسليط
الأضواء على مزايا الكتابة الروائية من خلال مساءلة بعض النصوص التي تؤرخ لهذه
المرحلة و تعبر عن العلاقة بين الأزمة و لغة الرواية الجزائرية المعاصرة .
Abstract:
Since the 1990’s , the Algerian modern
literature has seen a significant evolution .This evolution is closely linked to
the social and political events the country has undergone . So, we hope this
study would reveal one of genres of this kind of literature which is : "Novel discourse , trying
to understand the specificities of novel writing and its depiction to the
crisis , its conflicts and
, circumstances . Equally
important , we try to scrutinize the efficiency of novel writing in describing one of the most
important periods of the Algerian history .
Meanwhile , the study tries to
describe the Algerian
crisis as a whole, aiming at
giving it a clear view through the modern Algerian novel .Besides, the study
overshadows the advantages of novel writing by asalysing some meaningful texts
that narrate that period of the Algerian history and shows the close link between the crisis and the language of the modern Algerian novel
.
بسط منهجي
:
شهد الأدب الجزائري
المعاصر تغيرا ملحوظا سنوات التسعينات، متأثرا بالأحداث السياسية و الاجتماعية التي
شهدنها الجزائر ، فتشكل و تمظهر بخصائص و مميزات طبعت الأدباء في هذه الفترة بطابع
خاص ، و في المقابل أفرزت الساحة الأدبية الجزائرية أقلاما تعاكس النقد التقليدي و
تبحث عن مقاليد جديدة لتخطيه ، غير أنها لم تتجاوز المجال النظري و حصرت نفسها في
الملاحظة و تسجيل الموصفات، و لم تتجرأ كثيرا على مساءلة النصوص التي تعج بها مدينة الأدب الجزائري المعاصر الذي استجاب
طواعية لما يعيشه و يشهده من أحداث ، عاكسا بكل صدق تجارب الأفراد و آلام المثقفين
، و جراح الصامتين ، لكن يحمد للناقدين ذلك الاطلاع الواسع و الكبير على مختلف
النظريات و المقاربات النقدية الحديثة كالبنيوية و الأسلوبية و التداولية مثلا و
حاولت تحليلها و بسطها لكنها لم تدفعها إلى ساحة الأدب الجزائري المعاصر و بقيت حبيسة التنظير ، ماعدا بعض الجهود التي
حاولت التطبيق و العمل على التوجه بنقد تطبيقي لهذا الإنتاج المولود من رحم الجائر
العميقة .
لذلك تأمل هذه المداخلة دراسة ملامح أحد
أجناس هذا الأدب و هو الخطاب الروائي ، و محاولة القبض على ما تفردت به الكتابة
الروائية من تشخيص للأزمة بصراعها و ظروفها ، و امتطاء فاعلية الكتابة في رصد
مرحلة مهمة من تاريخ الجزائر ، مرحلة تصادم و مواجهة و أزمة حقيقية .
كما
تحاول المداخلة التطرق إلى أدب الأزمة التي مرت بها الجزائر و التي تسمى بالعشرية
السوداء، و ذلك من خلال الإنتاج الروائي الذي شخص الوضع و عبر عن الآلام التي مر
بها الجزائريون ، فالأديب جزء من هذا المجتمع الأبي، و لسان حاله لأنه ابن له منه
و إليه يعود من خلال الرواية المعاصرة على اعتبار أن النص ليس داخلا معزولا عن
الخارج فهو مرجعه، و الخارج هو حضور في النص ينهض به عالما مستقلا ، و تسليط أضواء
الأزمة على مزايا الكتابة الروائية من خلال مساءلة بعض النصوص المثقلة بالمعاني التي تؤرخ لهذه المرحلة و تعبر عن العلاقة بين الأزمة و لغة الرواية
الجزائرية المعاصرة .
على هذا الأساس ستعتمد
مداخلتي على ثلاثة محاور هي :
1-مفهوم الأزمة
الجزائرية
2-الرواية الجزائرية و
أزمة المثقف .
3-أثر الأزمة على
فاعلية الكتابة الروائية .
1-مفهوم الأزمة
الجزائرية :
إذا
أردنا أن نضبط مفهوما للأزمة فعلينا الرجوع إلى المعاجم لتحديد مفهومها لغويا فقد ورد في لسان العرب في
مادة (أزم) بمعنى الشد و العض بالفم كله و
بالأسنان و الأنياب بشدة و قوة حيث
يقول : " الأَزْمُ شدَّةُ العَضِّ
بالفَمِ كلِّه وقيل بالأَنْياب والأَنْيابُ هي الأَوازِمُ وقيل هو أَنَ يَعَضَّه ثم
يكرِّر عليه ولا يُرْسِله وقيل هو أَن يَقْبِض عليه بفيه أَزَمه وأَزَمَ عليه يَأْزِمُ
أَزْماً وأُزُوماً فهو آزِمٌ وأَزُومٌ وأَزَمْت يَد الرجُل آزِمُها أَزْماً وهي أَشدُّ
العَضِّ " (1) و يظهر أن الأنياب تسمى أوازم بفهوم الشدة و القوة
الشد العنيف و نقول "أَصابتنا أَزْمة وآزمةٌ أَي شدّة " (2) و يذهب على نفس التفسير صاحب أساس البلاغة حيث
يقول :" ومن المجاز: أزم الدهر علينا، وأزمتنا أزمة، وسنة
آزمة وأزوم، وسنون أوازم، وأصابتهم أزمة، وتتابعت عليهم الأزمات" (3)
و يتبعه صاحب القاموس المحيط في معنى الشدة و القوة و الضيق فيقول :" وسَنَةٌ أَزْمَةٌ، بالفتح وكفرِحَةٍ ومَلولةٍ: شديدةٌ. ومآزِمُ الأرض
والفَرْجِ والعَيْشِ: مَضايِقُها. الواحِدُ: كمَنْزِلٍ. والمَأْزِمُ، ويقالُ: المَأْزِمانِ:
مَضِيقٌ بين جَمْعٍ وعَرَفَةَ، وآخَرُ بين مكَّةَ ومِنًى. والأَزْمةُ: الأَكْلَةُ الواحِدةُ،
و الشِّدَّةُ" (4)
و نجد نفس الشرح اللغوي عند أبي عمر الشيباني فيقول : " والأوزام. السنون الشداد،
واحدتها أزمة.الجيم" (5) .
إن
هذه الشروح اللغوية قربت بين المعنى اللغوي و الاصطلاحي لكلمة أزمة ، و ساعدتنا
على كشف المعنى الاصطلاحي لها و الذي يصب في الشدة على الناس و عسر الظروف التي تمر
عليهم ، و على جميع الميادين التي تخص حياتهم و تمس معيشتهم ، و هي تغير إلى
الأسوأ و تغير مفاجئ ينتاب المجتمعات فتتحول من حالة الاستقرار إلى اللاستقرار و
الفوضى، يسود فيها قانون لم تألفه الأمة يسمى
قانون الغاب و الغلبة للأقوى ، و هذا يكون على الصعيد الاقتصادي و قد شهد أحداثها
في الشهور الماضية و كيف توجس العالم خيفة من أثارها و نتائجها على العالم أجمع، و
أضحى حديث الإعلام و الناس كله هو الأزمة الاقتصادية، و تكون أيضا على الصعيد السياسي
مثلما نشهده في مختلف الأماكن من العالم ،
و تسمى بالأزمة السياسية ، و التي للأسف مرت بها الأمة الجزائرية، و عانت من
أحداثها و خسرت فيها الكثير من دمائها الطاهرة و أولادها و مست أمنها و قد سميت بالعشرية
السوداء أو الإرهاب، و
الواقع أن الصحافة تعد أول شاهد على
الإرهاب في الجزائر، فهي الصخرة التي ينحت منها، لأنها
تكشف أحداثه و تبرز أعماله اليومية ، و تطالعنا كل يوم بأحداث
القتل والجريمة والإرهاب، المفزعة و الجديدة على طبيعة المجتمع الجزائري، الذي
تآلف و تعايش مع بعضه البعض بود و سلام ، هذه المعالم الدامية تشكلت في ذاكرة الشعراء
و الفنانين فأبدعوا أدبا سمي بمسميات عديدة تعكس مفهومه مثل أدب الأزمة و أدب المحنة
و الأدب الاستعجالي و غيرها من الأسماء العاكسة للوضع المتأزم، والشعر
و المسرح ليس في مقدورهما أن يستوعبا كل
هذه التحولات الدرامية والسريعة فلا يمكن تغطيتها
كلها، الأمر الذي وجهه نحو الرواية، التي استطاعت أن تسع الحدث و تجند له كل آلياتها
المختلفة و توظف وسائلها المتنوعة لاستعاب
الأزمة ، فالموضوعات ثرية ومتنوعة؛ لأنها قمينة باستيعابها، و
تمنحها القدرة على الظهور بمظهرها الروائي المحنك ، و تشكله بكل
المظاهر ، متطرقة إلى مختلف ألوانها و مفاهيمها
و أسبابها و آثارها .
و
تجدر بنا الإشارة إلى أن الكثير من الدارسين و الملاحظين يسمي أدب التسعينيات أو
العشرية السوداء في الجزائر بالأدب الاستعجالي لأنه ولد نتيجة الظروف المفاجئة
التي طبعت المجتمع الجزائري في مجال الإرهاب، حيث الأحداث متتالية
ومتتابعة و متسارعة و مفاجئة على نمطية لم يعهدها المجتمع وبأحداث لم يخبرها، مما يتطلب أدباً استعجالياً يعبر عنها، و
يؤرخ لها و يكشف أسبابها و نتائجها، و يتخذ موقفاً منها، غير أن هذا الأدب اتسم
بطابع الذاتية، لأنه نقل لأحداث ذاتية خبرتها النفس و مرت بها و تأثرت بها أشد
تأثير، و لأنها أساس المرجعية الروائية للمغرب العربي من حيث
الكتابة والإبداع، حيث السيرة و الرواية متجاوران، يتفاعلان
فينتج النص الأدبي " لأنهما تنطلقان من التجربة الذاتية لتتجاوزاها بعد ذلك إلى
مسالك التخيل و فضاءاته" (6) فإذن ضمير المتكلم يتجلى
عبر هذا
النص وبوضوح بالتشخيص و الممارسة، حتى كاد أن يقترب مما يعرف بكتابة المذكرات أو
اليوميات.
عالجت الرواية الجزائرية في فترة التسعينات
مختلف التحولات الطارئة على المجتمع بوصفها الفن الذي استوعب كل المضامين
الاجتماعية، و تكفل بنقلها بعمق شديد فوظيفة " الفن هي دائماً أن يحرك
الإنسان بكليته، وأن يسمح "للأنا" بالتماثل بحياة الآخرين، وأن يمكنها
مما لم تكنه، وما هي جديرة بأن تكونه ... فالفن ضروري لكي يستطيع الإنسان أن يفهم
العالم ويغيره، ولكنه ضروري أيضاً بسبب السحر الذي يلازمه" (7) و
يجعل منه ممتعا باعتباره نافذا في
التغيير للأحسن بواسطة القول الأدبي الذي لا يقتصر على " صياغة تركيبية أو
تطبيقية لقواعد لغوية أدبية جاهزة، ليس القول الأدبي إنشاء يحفظ أو يتوارث أو يلقن
شأن التلقين في تعليمنا المدرسي، تحفيظ تراكيب وصيغ جميلة تعادل الثقافة والقدرة
على الكتابة. وليس القول الأدبي رصفا قواعدياً للمفردات، أو توالياً خطياً
للألفاظ. بل هو حجم وفضاء، حجمه في الدلالات التي يولدها انتظامه، الدلالات تتولد
في حركة الانتظام فتشكل بالعلاقات بينها، فضاء هذه الحركة " (8) .
2-الرواية الجزائرية و أزمة المثقف :
ساهمت الرواية الجزائرية كثيرا في رصد
عديد الظواهر الاجتماعية التي أفرزتها الأزمة أثناء العشرية السوداء، و
حاولت تسجيل انطباعات كتابها و حديثهم النفسي ، و آرائهم و مواقفهم اتجاه ما يقع
في الجزائر ، و بذلك نحت الرواية الجزائرية إلى تتبعها تاريخيا من خلال ما سجله
الروائيون ، فعالجت موضوع المثقف الذي طالته يد الأزمة بالدرجة الأولى، لأنه يمثل
صوت الحق الرافض لأي تغير سلبي على المجتمع ، المثقف الذي كان له رأي مناهض و مندد لما يحدث في الجزائر ، و الممثل
في الكتاب و الأدباء و الفنانين و الصحافيين، و نتيجة لمجاهرته برأيه و فضحه للجرائم ، قوبل برد عنيف و عوقب بأشد
مما كان يتوقع ، و لقد بلورت الرواية الجزائرية موقف المثقف الجزائري و صورت الأحداث
التي مر بها ، و الآلام التي ألمت به، و
هذا ما نجده في رواية ( المراسيم
والجنائز) "لبشير مفتي" التي
طبعت سنة 1988 ضمن منشورات رابطة الاختلاف ، فلابد لنا من قراءة العنوان لأنه القائد المسيطر الدال على النص إذ هو " كالاسم
للشيء ، به يعرف و بفضله يتداول، و يشار به و يدل عليه ، بجمل و رسم كتابته "
(9) .
فهو كالاسم للنص به يعرف و يشتهر عند كل
القراء، و يصبح موسوما منعوتا به ملخصا له
، إنه البنية اللغوية الأولى التي تصطدم بالقارئ فتخالطه و تغريه، فيحاول من
خلالها الدخول إلى العوالم الخفية للنص، و استكشاف حقائقها الفكرية و الأدبية، و يكون
القارئ اثر هذه الوضعية في مكانة الوسيط بين العنوان و النص .
إن العنوان فاتحة الخطاب و عتبته النصية الأولى
، فهو يمثل ملفوظ ما قبل الحكي الأول ، و ما بعد الحكي الأخير ، كونه علامة
سيميائية تنفتح على دلالات شتى، و إيحاءات متعددة؛ تبحر في عالم الفكر و الأدب، و لأهميتها و قيمتها يعبر عنها محمد
مفتاح بالجملة المفتاح فيقول : " أول مفتاح إجرائي تفتتح به مغالق النص، كونه
علامة سيميوطيقية ، تضمن لنا تفكيك النص و ضبط انسجامه فهو المحور الذي يتوالد و
يتنامى، و يعيد إنتاج نفسه"(10) .
فالعنوان
يتضمن علامات دالة تغلب عليها الصورة الإيحائية ، فلابد على الباحث مساءلة العناوين
و كشف دلالاتها؛ يقول رولان بارت (R . BARTHES ) : " إذا قرأت ما تحت العنوان ستدرك السبب ، و كلها
قراءات على قدر كبير من الأهمية في حياتنا ، إنها تتضمن قيما مجتمعة أخلاقية و
إيديولوجية كثيرة ، لابد للإحاطة بها، من تفكير منظم . هذا التفكير هو ما ندعوه
هنا على الأقل سيميولوجيا " (11)
.
على هذا الأساس فالعنوان
مكون لغوي يعمل على انسجام النص وفق حقول دلالية، و فكرية تتكاثر و تتوالد و
تتناسل بشكل لا نهائي و غير محدود ، و في المقابل تعمل على إعادة إنتاج دلالات
النص وفق المحاور الفكرية المتاحة في نسقية العنوان ، و نستطيع القول " أن
هذه النسقية الفكرية للعنوان تمنح إضاءة من نوع خاص للقارئ تضمن له تأويل النص وفق
وظائفه الإيحائية المختلفة التي تكون وفق مستويين أساسين هما : مستوى القراءة
الظاهرة التي تحتمها قراءة المستويات المعجمية و التركيبية، و مستوى القراءة
المعنوية العميقة التي تحتمها القراءة التفسيرية و التأويلية للنص " (12) .
فمن خلال عنوانها توحي لنا الرواية بجو
كئيب و حزين ، فهو مكون من كلمتين تتعانقان بأداة العطف الواو، فكلمة المراسيم تستقبلنا بنغمة حزينة مغرقة في الأنين و التوجع،
لتتبع بكلمة الجنائز التي ترسم في الأذهان مشهد الموت و البكاء و النواح و الفقد،
فتشعرنا بالحزن و الانكسار الضارب في النفس .كما يشكل توافق الكلمتين في الصيغة
الصرفية و النحوية جرس الإنذار للدخول في المأساة المنتظرة التي عاشتها الجزائر ،
أزمة التسعينات الدموية على جميع الأصعدة .
فهذا العنوان يصف فاعلية الكتابة
الروائية في توصيف الأزمة ، فالكاتب بانكبابه على فترة العشرية السوداء " يؤكد الموت
ويعمق طبيعة المأساة التي بدأت بالعنوان ولا داعي لأن نبحث عن سر الخلود، لا معنى
لأن نكرر تجربة جلجامش الفاشلة /الناجحة، وهي فاشلة لأنه تعب بلا جدوى حين كان
يطارد خيط دخان، وهي ناجحة لكونها تختصر المسافة على اللاحقين من البشر" (13)
.
تزدحم الرواية بالأحداث العنيفة و الصور
المحزنة تتناوب في ظهورها على ساحات الرواية ، لتعكس فعل الكتابة الجرئ الذي
استطاع أن يتغلب على وقع الأزمة و يمارس حقه في التعبير و البوح و توصيف واقعه ،
فعل الكتابة الروائية في الجزائر خاض تجربة صعبة لكنه استطاع أن يتغلب على هواجسه
و مخاوفه ، و ما رواية المراسيم و الجنائز إلا مثل من عديد الأمثلة التي صورت
المأساة الوطنية التي سنأتي على ذكرها .
في الرواية قصص عديدة كلها تصور العنف بشتى أنواعه كقصة "وردة
قاسي" التي لا تستطيع مقاومة عنف المال و سلطته عليها ، و هي التي كانت نشأتها
فقيرة معدمة و كم حاولت الانفلات من ذلك الماضي الأليم التعيس ، لكن حياتها انتهت
بالانتحار ، و قصة المجاهدة "رحمة" التي انفجرت بالقرب منها قنبلة وضعت
حدا لحياتها التي عاشتها مهمشة، فكانت
ضحية بدون ذنب ذنبها أنها مثقفة تكتب الشعر و تمارس طقوس الكتابة .
و يظهر العنف في قصة "صالح بوعنتر"
المجاهد الشريف المخلص أثناء و بعد الثورة ، يعاني من الغبن و الهوان و التهميش من واقعه الذي ظلمه كثيرا ، لكنه
كان يأمل أن يعوض ما فاته في ابنته "منيرة" لتصبح في المستقبل طبيبة
ناجحة لكنها خيبت أمله بالتحاقها بصفوف الظلاميين ، و تقتل برصاصة .
كما يظهر الألم و العنف أيضا في قصة "حميد
ناصر" الذي يلتحق بالخدمة الوطنية، و يرى من الفجائع ومظاهر الرعب ما لا يطاق،
فيصاب بانهيار عصبي، و غيرها من القصص التي تملأ مشاهد الرواية المشحون بعنف
" عنف الخطب النارية والسيارات المفخّخة والذبح والرؤوس المقطوعة وأشلاء
الأجساد المتطايرة وكثرة الجثث المشوّهة، وعنف يترجمه عويل الثكالى وصراخ اليتامى،
ولكنه أيضاً عنف قانون المال الذي لا يرحم وعنف التهميش والمضايقة الدائمة" (14) .
لقد عدد الكاتب في صور
العنف، ليسأل نفسه و من حوله ما موقع المثقف منه الذي لا يطمع إلا بعيش هانئ رغيد
و بحب و سلام ، لكن أصداء الوقائع الصاخبة و الأحداث المفزعة ، تجمعت في نفسه و
أثقلت كاهله و نغصت حياته التي تشغلها امرأة تسمى "فيروز" التي يتوق
للقائها في الموعد المحدد بينهما .
لقد حاول صاحب "المراسيم"
أن ينقل لنا مظاهر الأزمة من خلال الرواية التي سخرت لغتها و صورها للواقع المملوء
بالصراع القائم بين الإسلاميين و السلطة، فلكل شرعة و نظام و اتجاه ، و نظرة
للديمقراطية ، يطرح الكاتب العديد من الأسئلة لكنه "عندما يسائل التاريخ
يزداد حيرة ونقمة على هذا الواقع الموبوء، ولكنه يجد عزاءه في مجاهدين أنقياء
مهمّشين من أمثال "رحمة وصالح بوعنتر" حيث لا يزال النبع صافياً وفّياً للقيم
التي ضحى من أجلها الشهداء "
(15) فهو يعبر عن المثقف الذي أربكه
حال الوطن ، و اشتعلت فيه حرب لم يكن يتوقعها و لم تمنحه فرصة التفكير و التحليل و
الدراسة بل ولدت من زمن مفاجئ جاء بكل المتناقضات لذلك نسمعه يقول :" لو تحاوروا قليلاً.. لو تنازلوا قليلاً.. لو تفاهموا
قليلاً.. لما حدث كل هذا الشيء"(16) .
تتعرض الرواية كثيرا إلى خوف و قلق و
حيرة المثقف الجزائري و تشخص حاله في الأزمة ، كما تصف حيرته و وقوعه أيضا في أزمة
كتابة و إنتاج النص الذي يرضي كل الأطراف فهو " دائماً بين نارين نار السلطة
ونار التغيير الفوضوي، بينهما لا مكان للتنفيس والحياة " (17) و يتطرق
النص إلى مسألة الانتماء الحزبي الذي شكل هاجسا محيرا و سؤالا منبوذا مقلقا للمثقف الجزائري أثناء العشرية
السوداء، لما يحمله من تبعات و التزامات في الرأي و الفعل، و يظل الكاتب في حيرة من أمره بين البقاء و
الهروب " وقد عرض عليه أحد العناصر وظيفة في إحدى دول الخليج كطريقة لإبعاده،
ولم يبق لـه أمام حصار الدماء والدموع والأسئلة المقلقة غير الكتابة ملاذا، ولكن
الكتابة أيضاً ما عساها تنفع أمام المجازر الرهيبة وهل بإمكانها أن تخفّف برك
الدماء والدموع ؟" (18) .
هل بإمكان كتاباته أن تغير
الواقع ؟ هل باستطاعته تقديم أكثر مما قدم الآخرون قبله ؟ إنها حال تكشف عن هموم
المثقف " الذي
كلّما انهالت عليه الأسئلة المصيرية كلما ازداد تأزماً. هل ينتحر؟ أم يبقى قابعاً
في البيت وإذا سمع طرقاً على الباب أصابه الذعر والفزع؟ هل ينتظر الموت إلى أن يقال قد اغتيل فلان، ثم يطويه النسيان كما
طوى غيره من قبل.؟ وهل الحل في الهرب؟" (19) .
يعود الكاتب ليوضح عدم الجدوى من الهرب يقول :"لقد هرب
الكثيرون. ماذا فعلوا للقضية.. لا شيء بل بالعكس لقد تورطوا جميعاً مع جهات
أجنبية.. وأحرقوا أوراقهم النظيفة التي كان يمكنهم الافتخار بها أمام المعارضة
والسلطة على السواء"(20).
اضطر الكاتب أن يحكي
لحبيبته "فيروز" عن الواقعة و الألم الذي قاساه في الطريق ، فقد أجبرته
كوابيس الجزائر التي أخرته كثيرا عن موعد لقائه مع "فيروز" أن يسرد
عليها فضاعة الأحداث ، و كيف حالت بينه و بينها، إنها الفوضى، الموت، الاغتيال، الانتحار، العنف ، التفجيرات ، والسعي وراء المال و شبح الفقر والمرض وعنف الأسئلة
المتزاحمة الضاغطة، ذاكرة من الفوضى أو فوضى الذاكرة .
لقد صور النص الروائي الواقع الجزائري ،
الذي شهد حدة الأزمة ، و تفاعل معها مدققا في الأحاسيس و المشاعر الداخلية للمثقف الجزائري الذي
يعول عليه في التغيير، كما مالت لغته إلى التقريرية و التسجيل " ولكن ماذا يضيف "بشير مفتي" لو غلّف
ذلك كله بعوالم من التخيل، هل سيكون النص أشد وقعاً وفظاعة من الوقائع؟ هل سيكون
أكثر عجائبية من مشهد أُمّ تُذبح أمام بناتها ثم يحزّ الرأس ويرمى في الشارع فتجري
إحدى البنات لتلتقطه وتعيده إلى جسد أمها؟
أو يكون أكثر عجائبية من مشهد رضيع يُقطّع أو يشوى في الفرن؟؟" (21) .
لقد حولت الأزمة يوميات الأديب
الجزائري إلى مآسي مهولة تفوق التصور و
الخيال ، مما دفعه إلى أن يكون متابعا مسجلا، و راصدا و طارحا لكثير من الأسئلة
التاريخية ، كما توجست لغته الأدبية خيفة ، لمعاصرتها هول و عنف الأزمة ، فنجدها تخضبت
بالدماء و تبللت بالدموع و اعتاد على مشاهد القتل و التعذيب و التنكيل ، لقد عكست
ذلك الواقع المريع يقول بشير مفتي : " أعوام من الأزمة.. لقد تعودنا على ذلك
لم يعد يهمنا كثيرا أن يموت شخص بذبحة صدرية أو سكتة قلبية أو بأي مرض مزمن.. لم
يعد يثيرنا خبر سرقة حانوت وقتل صاحبه.. تلك الأخبار لم تعد تثير حتى الصحافة "
(22) .
و تعد رواية المراسيم و الجنائز شهادة صادقة على الواقع ، و على ذات اكتوت
بنار الألم و العنف ، ذات " معذّبة ومتميزة في رؤيتها وعذابها وفي
تعاملها مع الشخصيات التي تتحرك على الرقعة الروائية. وهي تجسد في وجه من وجوهها
محنة المثقف وتترجم – أيضاً- ثقافة الوطن الممحون." (23) .
3-أثر الأزمة
على فاعلية الكتابة الروائية :
إن علاقة
الأدب بالأحداث و الثورات و الأزمات وطيدة، بحيث لا يمكن أن نجد حدثا بدون أدب
يؤرخ لأسبابه، و ظواهره، و أحداثه، و نتائجه، فقد ذهب الدكتور طه حسين إلى أن"
هناك أدبا يسبق الثورة و يمهد لها وآخر يعقبها و يكون من ثمارها ، و لذلك يأتي
ظهوره أطول و أبطأ" (24) لكنه مثقل بالحقيقة، و معبر عن الحدث بكل
حيثياته، و لا يعتبر كلاما عابرا أو لحظة وصف؛ إنما أدب يخالط الأحاسيس و المشاعر،
و يغوص في خبايا الأنفس التي خبرت الأزمة و اكتوت بنارها، فما الأدب إلا امتداد
معبر و جميل في حلقات الزمن، يرصد مادته مما هو ظرفي و يعلو عليه بكل معايير الجمال و الفن .
يشكل الواقع الذي يسعى الخطاب الروائي إلى
نقله و تفسيره و الاندماج معه في كثير من الأحيان ، المرجعية الأساسية له " بمفهومه
العام وتتفاوت قوة هذا بين روائي وآخر وبين رواية وأخرى وفق رؤية الكاتب للعالم
ونظرته إلى الإنسان وأخص الرواية بالذكر لأنّ إسهامها الخاص يقرن عادة بتطورها كشكل أدبي يهدف إلى
وصف الحياة وصفاً صادقاً واقعياً، ومن المفترض تقليدياً بالروائي أن يكون أشد
الناس اهتماماً بما هو واقعي، حتى وهو يستعمل الأسطورة أو الرمزية فإنه يوظف مثل
هذه المحسنات ليوسع فهمنا للعالم" (25) و نظرتنا إليه فيجعلنا بكل
طواعية نلتصق به و نحسه و نعايشه ، فهنا تكمن قيمة الفن و تظهر مهارة الروائي
الحذق فالواقع عندما يكون بعده اجتماعي تتأتى له السلطة و يكون قادرا على فرضها و تمريرها فالأدب
" يمثل الحياة والحياة في أوسع مقاييسها حقيقة اجتماعية معينة لا يمكن أن
تكون فردية صرفاً" (26) .
من عناصر الواقع المجتمع؛ إذ يعد المرجع
الرئيسي للخطاب الروائي ، يتلون فيه الأدب بلون الاجتماعية عند إنجازه ليضاف إلى
الحركة الاجتماعية ، لأنه ولد في رحابها و من أجلها وجد ، و الرواية شكل أدبي
اجتماعي " لأنّ إسهامها الخاص يُقرنُ عادة بتطورها كشكل أدبي يَهدف إلى وصف
الحياة وصفاً صادقاً أو واقعياً. ومن المُفتَرضَ تقليدياً بالرّوائي أن يكون
أشدّ الناس اهتماماً بما هو واقعي، حتى
وهو يستعمل الأسطورة أو الرّمزية، فإنه
يُوظف مثل هذه المحسنات ليوسع من فهمنا
للعالم" (27) .
لقد عصفت الأزمة بالجزائر و المتمثلة
بحدث الإرهاب الذي كان حدثا مميزا في تاريخ الجزائر بعد الاستقلال لم يشهده المجتمع
من قبل لما أتى عليه من دمار و فساد أهلك الحرث و النسل و بالنظر إلى تلك الجرائم
الشنيعة و الفظيعة التي ارتكبت في مدة قصيرة ، لذا كان أزمة حقيقية أثرت على جميع
المستويات و منها الكتابة الأدبية بنوعيها الشعر و النثر .
إن أثر الأزمة الأمنية ظهر جليا في وجوه
الناس لأن وقعها في القلوب والعقول قد
يعادل وقع الثورة التحريرية في التأثير و الخراب و الدمار إن لم يفقها، ولكن
انشغال الناس بحياتهم اليومية و ما تعانيه من متاعب كسب الرزق و السعي وراءه، لم يمنع بعض الكتاب من
تسجيله و تصويره في مدونات روائية ، بل إن ثقله الدامي المتعب هو الذي يفرض على
الكاتب حالة من الحضور و واجبا مقدسا لا يستطيع أن يتنصّل
منه. اهتمت الكتابة الروائية بظاهرة الإرهاب منذ السبعينات، حيث تطرقت رواية
الطاهر وطار (العشق والموت في زمن الحراشي) بشكل مباشر ؛ إذ تصوّر أحداث هذه
الرواية الصراع القائم بين حركة الإخوان
المسلمين الذين كانوا ينكرون التوجه الاشتراكي وبين المتطوعين لصالح الثورة
الزراعية والذين كانوا مدعومين –سرياً- من حزب الطليعة الاشتراكية، لتعقب مجموعة من
التطورات التي تشابه الظاهرة في التسعينات .
و ظهرت في هذه الرواية خطوط الصراع بين
المتطوعين من أجل إنجاح الثورة الزراعية و بين جماعة الإخوان الذين يسعون إلى
إفشالها بواسطة خطبهم المسجدية، و توظيف الدين كوسيلة أساسية لمهاجمة خصومهم و
رميهم بالكفر و الإلحاد و يعدون أنفسهم بجنة " خضراء عرضها السماوات والأرض،
ربي لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً إنك إنْ تذرهم يضلّوا عبادك ولا يلدوا
إلا فاجراً كفّار" (28) .
رصدت هذه الرواية وقائع سائدة في عصرها
و هي صدى لما كان يسمع من المنابر السياسية و أنواع الاتجاهات السائدة آنذاك ، و
كأن الطاهر وطار قد تنبأ بالأزمة الحقيقية و الكبرى في جل كتاباته (29)
التي كانت تستجمع قواها منذ سنين ماضية ، و تجمع لنفسها الأسباب و المسوغات حتى
تنفجر في وجوه الأبرياء و المساكين ، إن الرواية الجزائرية في السبعينات قد سايرت البذور الأولى للأزمة و حاولت استشراف أحداثها
من خلال تلوين شخصية "مصطفى" في
رواية الطاهر وطار بمواصفات الإرهابي الذي يقوم بتطبيق الشريعة على حسب نظرته و
تصوره و يستعمل المسجد في تسريب خطابه و يعتبر نظرته و
تفسيره للدين هو الرأي الصواب، لذلك يلجئ إلى كل الوسائل لتبرير أعماله و أفعاله
كما يوظف " الدين لأغراض سياسية، لأن
القناعة الدينية عندما تأخذ امتداداً سياسياً أو القناعة السياسية عندما ترتدي
ثوباً دينياً، فإن أصحابها يصعب جداً أن يتقبلوا الرأي الآخر، وينتهوا بالتالي إلى
ممارسة العنف، ينتقلون من استعمال المصحف إلى الديناميت." (30)
لذلك نجد الخطاب الروائي يتصدى لها بالتدوين و الرصد و تلوى مع أوجاعها و ردد
أصدائها رغم عظمها و هولها و عتو موجها .
رغم عنف الأزمة و شدتها و ضراوتها إلا
أن الرواية الجزائرية تفاعلت مع الحدث، و طوعت لغتها ، و عاصرت أوضاع الأزمة، بقدر صخبها كان السرد قويا متدفقا إلى أعمق
الحدود بل و غاص في بؤر الإحساس و الشعور الذي يساور الكاتب لأنه فرد من المجتمع
الجزائري ، و قد مثلت رواية تيميمون للروائي "رشيد بوجدرة " تأقلم
الرواية الجزائرية مع الأزمة و خاصة أنها ظهرت في أتونها و ولدت من رحمها ، و شخصت
شدتها أثناء الفترة القاسية للإرهاب بالجزائر سنة 1994 .
تدور أحداث "تيميمون " حول
مشروع سردي بسيط يتمثل في الكشف عن العلاقة الانفصالية – الاتصالية بين السارد –
البطل و حيزين مكانيين مهيمنين : قسنطينة ، الصحراء ، و سرعان ما يتفرع هذان
الموضوعان إلى موضوعات ثانوية مشمولة على رغبات و ذوات صغرى ، تشكل مجتمعة الحكاية
الإطار." (31) و هي رحلة
وسط الصحراء الشاسعة بمختلف تضاريسها و سمائها الصافية ، فيهيم الكاتب مع هواجسه و
حديثه الداخلي مع نفسه عن ذكرياته و ماضيه ، في هذا العالم الصحرواي البعيد عن
ضوضاء الإرهاب و عنفه و لكنه يعيش في الجزائر و كل خبر عن الأزمة يصله في حينه،
لذلك تعرض الرواية بأسلوبها السردي مختلف المشاهد المرعبة في صيغة أخبار مسموعة من
المذياع من الكاتب فيسمع : " اغتيل الأستاذ بن سعيد هذا الصباح على
الساعة الثامنة بمنزله من طرف عصابة إرهابية من الإسلاميين وحدث ذلك بمرأى ابنته
البالغة عشرين عاماً " (32) يتعكر مزاج الكاتب بهذا الخبر الذي قطع عليه كل
تأمل و تعمق في ذاته لأنه خبر ملون بالدماء و الحزن و الألم " إن الذي اغتيل
هو أستاذ، رمز التربية ومصدر العلم، والإرهاب يصوّب رصاصه نحو أهل العلم والتنوير
ليفرض حالة من الظلامية، ثم إنه يغتال أمام ابنته بلا رحمة ولا شفقة، إشارة إلى ما
يصل إليه العمل الإرهابي من فظاعة و وحشية." (33) .
يحاول الكاتب تخطى الخبر لكن هناك خبر
آخر أفضع يفرض نفسه عليه " صحافي فرنسي يغتال من طرف إرهابيين
إسلاميين بالقصبة في الجزائر العاصمة " (34) فالضحية من أسرة
الإعلام الذين ينقلون الأخبار للناس فهم رمز التعبير و الحرية
و الديمقراطية ، و يصله خبر آخر عن طريق الجريدة التي تقدم له في الفندق فيقرأ :
" تسبب انفجار قنبلة وضعها الأصوليون في مطار الجزائر العاصمة في مجزرة خلفت
تسعة قتلى وأكثر من مائة جريح في حالة خطيرة…" (35)
و تواصل الكتابة الروائية في صفحات أخرى لكي تسمعنا من خلال الكاتب خبرا آخرا عن
فضاعة الموت " شغالة منزلية في السادسة والأربعين من عمرها وأم لتسعة أطفال
تغتال رمياً بالرصاص وهي عائدة إلى بيتها…" (36)
إن العنف يضرب بقوة و هو حاضر عند مختلف
الفئات الجزائرية ، و خاصة أنه استهدف امرأة تعول تسعة صغار أخذها عنهم ، لتتواصل
سلسلة الأخبار المفزعة بإعلان اغتيال الكاتب "الطاهر جعوط " الذي يمثل
الثقافة و الفن : " الكاتب الكبير طاهر جعوط يغتال برصاصتين في رأسه من طرف
ثلاثة إرهابيين وهو يقود ابنتيه إلى المدرسة " (37) و يمتد العنف
إلى اغتيال أشخاص من جنسيات أجنبية فتسوق
الرواية هذا الخبر " اثني عشر كرواتياً يذبحون بطريقة وحشية بالقرب من مدينة
المدية " (38) أما الخبر
الأخير الذي تضيفه الرواية إلى سلسلة الموت و العنف يمثل ذروته " الإرهابيون
الإسلاميون يضرمون النار في مدرسة ابتدائية بمدينة البليدة " (39) .
لقد جسدت "تيميمون" بالأخبار
الثمانية المبثوثة على مساحتها فاعلية
الكتابة الروائية الجزائرية؛ فأبرزت
" الأحداث التي تميز الساحة،
لأنها بالقياس إلى ما عداها في النص، تمثل بقعاً سوداء من الحزن والقتامة والظلام.
إنها تشكل نتوءات يصطدم السيل بها و يتعثر، ولكنه لا يلين ولا يتوقف، والقارئ يشعر
بهذا الاصطدام، لأن "بوجدرة" يحمله على أن يندمج في النص ذاتياً، وقد
يزعزع الخبر كيانه ويفسد عليه التمتع بالقراءة ولكن يستمر في القراءة لأن ما يشده
إليها أقوى من خبر عابر ولو كان فظيعاً، ولو كان مكتوباً بخط أسود بارز" (40)
.
إن الأزمة قد اقتحمت عالم الكتابة؛ لأن
الإرهاب في الجزائر حدث فرض نفسه على كل
الأذهان و العقليات و على جميع الأصعدة ، فترك بصماته الواضحة على الكتابة
الفنية بشقيها الشعرية و النثرية " علماً بأن أثر الإرهاب في رواية
"تيميمون" لم يجعل منه محرك التاريخ، بل ظاهرة طارئة على التاريخ، حدثاً
عارضاً، قد يعيق الحركة كما يقطع حبل التسلسل في القراءة، وسيبقى محطة سوداء في
طريق التاريخ، كما تظهر الأخبار بقعاً سوداء في جسد الرواية، ولكنها عقبات لا تحول
دون قراءة الرواية كما لم تحل دون كتابتها." (41) كما يتعبر هذا
النص الروائي شاهدا على موقف الإرهاب؛ لأنه يتكئ على سند تاريخي مفاده أن التاريخ
لا يسير في الماضي أو يتوقف مهما حاولت أي قوة
جره لمساره المعاكس أو تعطيله فإن محاولاتها ستبوء بالفشل .
و يساير المشهد الروائي الجزائري الأيام
الحالكة للأزمة، و يظهر ذلك في رواية "سيدة المقام" لوسيني الأعرج
الصادرة سنة 1996 في طبعتها الأولى عن دار
الجيل بألمانيا ثم ظهرت بطبعتها الثانية سنة 1997 عن المؤسسة الوطنية للفنون
المطبعية، وحدة الرغاية ، و يعد موقع
" (سيدة المقام) من النصوص السابقة التي أنتجها الروائي واسيني الأعرج منذ
نهاية السبعينات تتقاطع كلها عند الهاجس المركزي للكاتب، وهو الهاجس السياسي.
لكنها تستقل بعضها عن بعض في حدود ما تسمح به استراتيجيات الخطاب الروائي الذي
يكتسب موقعه وفاعليته كل مرة انطلاقاً من الرواية والموقف" (42) .
تعج الرواية بالحركة و
التنقل و المتابعة بحرية كحرية "مريم" التي تتجول في شوارع العاصمة، و
تغمرها السعادة و الحب لكن هناك من
يراقبها و لا يفارقها، إنهم حراس النوايا الذين يحكمون عليك حسب ما تنوي أو ما
ينوون أنك تنوي " أعرف بل صار مألوفاً أن حراس النوايا لا يتدخلون عادة بعنف
إلا عندما يكون الرجل مصحوباً بامرأة أو يشمون رائحة الأجساد التي تعيش لحظة
عنفوان شائقة، من صفاتهم أنهم يقرؤون في عينيك ما تفكر به، ولا يهم إن كان صحيحاً
أو غير صحيح. المهم أنهم فكروا أنك على خطأ، فيجب أن تكون على خطأ بدون ثرثرة،
عندما يكفّرونك، وعادة يفعلون ذلك عندما يختلفون معك، عليك أن تقبل، لأن أي نقاش
سيقودك إلى تعميق الأزمة، المحاكم لا يناقش الحاكم ينفذ أمره ثم تقبّل يده البيضاء
السخية ويطلب غفرانها " (43)
إن حراس النوايا يمثلون البدائية
و الهمجية الظلامية في الرواية فهم
يصاحبون القارئ في كل أجزائها، إنهم يقصدون مدرسة
الفنون الجميلة التي ترمز عند الكاتب إلى الحرية و الفن و الجمال ، يريدون
أن يغلقونها ويحوّلونها إلى مساكن للمواطنين، فلا نفع فيها في رأيهم كما يهددون
الأستاذة "أناطوليا" التي تشتغل فيها، فتضطر إلى مغادرة البلاد هربا من
عنفهم الذي اقتاد الكاتب إلى مخفر الشرطة الإسلامية و ضربوه و رموه في مزبلة .
إن الرواية لا تهتم بهول الحدث بقدر ما
تركز على تفسير عقليات ورثة "بني كلبون"، و طبيعة تفكيرهم و نظرتهم
للمثقف الذي حكم عليه بالشيوعية
واللائكية والكفر والإلحاد، فينتهي إلى الحكم عليه بالإعدام ،كما أن الأزمة في
سيدة المقام لا تقف عند الخبر المسموع أو المقال المقروء بل تعد أحد المكونات
الأساسية للمدينة ( الرواية) فهي عنصر فعال
يجوب متنها و حاضر في كل أطرافها ، و قد أعطتها الكتابة حجمها الطبيعي و عبرت عنها
، إذ لم يكتف واسيني بتسجيلها و تصويرها ، إنما أعطى للأزمة بعدها التاريخي و
الإيديولوجي و السياسي و الاجتماعي مراعيا خصوصية الكتابة الفنية الأدبية ، و
قدرتها الفائقة على استيعاب الحدث و معالجته من جميع جوانبه .
لقد تحدت علاقة الحب التي جمعت بين
الكاتب و "مريم" زمن الإرهاب، زمن الرصاص، لأنه حب المدينة الثائرة حب الحياة الصارخة حب
الانعتاق إلى زمن جميل تسوده الحرية و الجمال هذه العلاقة هي منبت
أحداث الرواية، و منه انتشرت و توزعت ، و تشعب في تداعيات نحو الماضي لتعود إلى
الحاضر، ويبقى المستقبل محفوفاً بالمخاطر
و الآلام ، فإذا كان "واسيني" لا يهتم بتصوير الجرائم الشنيعة التي
ارتكبها الإرهابيون في حق الضعفاء، فلأنه مهموم و مشغول بما هو أكثر هولاً، إنه
يخشى على المدينة التي تمثل رموزا عديدة في نفسه أن تؤول إلى الزوال و الدمار .
لذلك نلحظ فاعلية
الكتابة الطيعة المنسابة خلال السرد في "سيدة المقام" و التي تشعرنا
بمتعة فنية "تتموج مع التداعيات،
وتلملم شتات الذكريات وتنقلك في يسر بين الجوانية والبرانية، وتشدك ببراءة الوصف
وحسن التصوير إلى أن تتعاطف مع مريم وتتألم لحالها، وتقدر مقاومتها وتحديها وتدرك
عظمتها. كما ترثي حال المدينة البيضاء التي اسودّ وجهها، وتهزك الغيرة على ما آلت
إليه أوضاعها وبعد أن يفرغ المرء من قراءة "سيدة المقام" تبقى مريم سيدة
النص وسيدة المقام، بشموخها وعشقها الأبدي، رمزاً للهيبة والوقار، ويبقى بنو كلبون
وحراس النوايا مثالاً للقمع والخداع، صورة للبؤس والشقاء، عقبة في وجه التاريخ،
نموذجاً لمعاداة الإنسانية، على أن الإرهاب –في الحكم النهائي- يمثل جمرة الأصولية الملتهبة. وإنها وإن
انطفأت إلا أن رماد الأصولية في عمومها، يخفي جمرات أخرى، وتستعر –لا محالة- يوم تهب الريح." (44) .
و تتطور فاعلية الكتابة الروائية في
معالجة الواقع الجزائري، و يظهر في رواية " وادي الظلام" للروائي عبد
المالك مرتاض الصادرة عن دار هومه بالجزائر سنة
2005 ، فقد عالجت موضوع الأزمة الجزائرية بكل جرأة و شفافية على جميع المستويات، سواء على المستوى
اللغوي الذي حشد له مرتاض الكثير من الألفاظ التي ولدت مع هذه العشرية السوداء و
كثر استعمالها، و التي عبرت عن تغيير واضح في الذهنية و الأفكار أو على مستوى الأحداث
المفزعة الدموية التي أرقت الذاكرة الفردية و الجماعية ، و ارتسمت في مخيلتها صور
الدماء و الأشلاء و جثث الأبرياء و الضحايا، فقد نالت رواية "وادي
الظلام" وسام الشهادة مع الكتابات التي شهدت " على التمزق و العذاب الذي
عاشته جزائر التسعينات من القرن الماضي ،
حيث حاول فيها مرتاض – و بحسه الروائي المتيقظ – أن يجعل الحقيقة الروائية منسجمة
مع الحقيقة التاريخية إلى حد كبير، طبعا مع وجود بعض الفوارق التي تحول دون التطابق التام بينهما و قد برز هذا الانسجام في استمداد الحقيقة
الروائية لمعظم موادها و تفاصيلها من الحقيقة التاريخية " (45) .
و تقوم أحداث الرواية على الحرب التي شنتها
قبيلة بني فرناس على قبيلة الجلولية لأنها تملك ثروات و خيرات كثيرة ، و قد رمز
الكاتب بالجلولية للجزائر التي تملك الثروات الطبيعية و ببني فرناس لفرنسا التي
احتلتها قادمة من وراء البحار، متخذة مسألة الديون و شدة لهجة شيخ الجلولية "حسونة"
القاسية مع ممثل بني فرناس سببا في الاحتلال و شن الحرب، و هو أيضا تمثيل لسبب احتلال
الجزائر من فرنسا و هكذا كان الغزو عن طريق البحر كما يقول شيخ بني فرناس (شال )
مخاطبا الجنود قبل الغزو : " لا تقولوا : إني رميت بكم البحر كالأيتام ، لا
تقولوا : إني أرمي بكم في الفيافي و القفار، بل قولوا : إني أرمي بكم إلى أرض خصبة
كالجنة أو إلى مدينة فيها الكنوز التي لا يصدقها العقل ... صدقوني.... سترون
بأعينكم ، و ليس الخبر كالعيان "(46) .
و تسير أحداث الرواية موازية بما حدث في
الثورات الشعبية المقاومة للاستعمار، و تخليص البلاد من هذا الغزو الذي همه فقط
نهب الخيرات و تدمير القبيلة، و لا يمكن التغلب عليه إلا بالقوة و الاتحاد ، كل
هذه الأحداث تهمز في أذن الذاكرة لكي تراجع الماضي و تستدعيه بالمقارنة مع الحاضر
الأليم، لينفتح النص الروائي على التحولات التي حدثت على البنية الاجتماعية، و
تشكلت في انتشار أحداث الاغتيالات و التفجيرات العشوائية التي تطال الأطفال و
المواطنين الأبرياء و عمليات الخطف للنساء و المثقفين من طرف الجماعات المسلحة،
التي تمركزت في قمة جبل السباع و تتخذه
حصنا منيعا لتنظيمها .
و تخلص الرواية إلى أن ما آلت إليه
الجزائر من أزمة في التسعينات من القرن الماضي، ما هو إلا امتداد و تواصل لذلك
الماضي المشحون بمختلف الصراعات و الاختلافات الكثيرة و السقيمة، التي لم تحقق غير
الانقسام و الشتات لأن الحاضر هو ناتج عن الماضي؛ فبقدر كثرة الأخطاء المرتكبة في الماضي تظهر
نتائجه في الحاضر بشكل فظيع .
لقد
نجحت رواية وادي الظلام في وصف الأزمة و النظر إليها بطريقة روائية يغلب عليها
العجائبية فقد حاك مرتاض لغتها بالسرد
العجائبي فوقف بنا على جبل قاف و كهف الظلمات و العطر العجيب و النهر العجيب
و عين بار و العفاريت و التحولات العجيبة
التي تحدث لبعض الشخصيات ، إلا أن الرواية " رغم العجائبية التي تلفها إلا أنها
محاولة جادة من صاحبها لتعرية الواقع و استجلاء بعض ملامح المسكوت عنه ، فهل كان
ذلك إيمانا من الروائي بأن العجائبي هو النص الممحض" (48) الذي
يمتلك القدرة " للإطاحة بالواقع و تمريغه في لوثة رماد الانهيار من أجل
اغتساله قصد تحريره من سكونيته " (49) .
كشفت لنا رواية "وادي الظلام"
عن فاعلية الكتابة الروائية التي تخطت
الوصف و التصوير إلى الوعي بالأزمة، و ربطها بالماضي و البحث عن ما يتعلق بها في
التاريخ الجزائري ، فهي معالجة تنم عن وعي و خبرة لدى السارد، و
تكيف أدوات و آليات الرواية طبقا لمقتضيات الواقع ، بل إن الرواية الجزائرية اتخذت
من العجائبية سبيلا و طريقا لمعالجة الأزمة فقد تميزت عن رواية التسعينات بمستويات
عديدة منها " على مستوى الشخصيات المركزية لتجعل الناس الذين يطالهم الاغتيال
من الطبقة الفقيرة من رعاة (راعي الشيخ زعبان ) و مثقفين ( أحمد الفيلسوف ) ، لا
قصرا على فئة المثقفين كما أكدت ذلك أكثر من تجربة روائية نشير إلى بعضها على سبيل
المثال لا الحصر " مزاج مراهقة " لفضيلة الفاروق التي يتعرض فيها مدير
الجريدة يوسف عبد الجليل لمحاولة اغتيال على أيدي إرهابيين ، و " الشمعة و الدهاليز " للطاهر وطار التي تروي
حياة شاعر يغتال في ظروف غامضة مرعبة " (50) .
تبوح أفكار الرواية بهول يلفنا يعكس أثر
الأزمة على العقول و القلوب ، وجع الظلام الذي يبثه مرتاض في متن الخطاب و لعل هذا
ما أعطته لنا سيميائية العنوان المعبرة على الفضاء الروائي فالعنوان له وشائج عميقة بالنص حسب رأي جون كوهن (J. COHEN) ـ إذ يقول "نلاحظ مباشرة
أن كل خطاب نثري علمياً كان أم أدبياً، يتوفر دائماً على عنوان، في حين الشعر
يقبل الاستغناء عنه" (51) و نلمس
ذلك من
خلال كلمة "وادي" التي توحي عادة بالخير و البركة و هي رمز العطاء لما
فيه من ماء، و جريانه يعني جريان الحياة و العكس صحيح و هو يرمز إلى الجزائر وطن
الخيرات و الثروات و الجمال، أما الظلام فتوحي بالخوف و الرعب و عدم الرؤية و ظهور
الطريق الصحيح، و يرمز به الكاتب للإرهاب الذي لف الجزائر فالعنوان أفضى "
إلى السنين التي عاشتها الجزائر في التسعينات القرن الماضي، فالروائي استطاع و
بمهارة فائقة استيعاب زمن الوقائع بصراعاته الحادة التي أحدثت هزة قوية في سلم
القيم و الأفكار ، و هو ما يجعلنا نجزم أن
الأزمة لم تكن أزمة واقع مرير فرضته المرحلة بقدر ما هي أزمة عقول يعاد تشكيلها من
جديد ، و ذلك بصهرها في الدواخل و الأعماق " (52) .
إن
الكتابة الروائية الجزائرية قد اجتهدت كثيرا في احتواء الأزمة و التعبير عن مخاوفها
و هواجسها من خلال الأعمال التي تطرقنا إليها و أعمال أخرى لم يسع المجال
لاقتحامها و استجلاء مظاهر أخرى للأزمة منها ، و على العموم أغلبها يشترك في كشف
ملامح وجه الأزمة الجزائرية و إماطة اللثام عن كل دقائقها و تقاسيم وجهها بفاعلية فنية تعكس عمق التجربة و جمالية التعبير و الاحتواء من خلال السرد
الروائي المحكم و المتقن .
الهوامش :
1- محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري ، لسان العرب ، دار صادر ، بيروت ، ط1 ، ج 12، ص 16.
2-المصدر نفسه
، ج 12 ، ص 16.
3-الزمخشري جار الله ، أساس البلاغة ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ،
ط 3 ، 1985 ،ج1 ، ص 7 .
4-الفيروزبادي
، القاموس المحيط ، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، ج 3 ، ص 188 .
5-أبو عمرو الشيباني، كتاب
الجيم ، تحقيق عبد العليم الطحاوي و محمد مهدي علام ، طبعة مجمع اللغة العربية،
1975 ، ج1 ، ض99 .
6-بوشوشة بوجمعة، مراجع
الكتابة الروائية في المغرب العربي، مجلة الآداب، عدد 2، جامعة قسنطينة، 1995، ص181 .
7-فيشر أرنست ، ضرورة الفن ، ترجمة ميشال
سليمان ، دار الحقيقة ، بيروت ، 1965، ص16.
8--أحمد الزعبي ، في الإيقاع الروائي- نحو
منهج جديد في دراسة البنية الروائية ، دار الأمل ، عمّان، 1986، ص227 .
9-روبرت شولز، سيمياء النص الشعري - اللغة والخطاب الأدبي-،
ترجمة واختيار سعيد الغانمي، المركز الثقافي العربي، الدار
البيضاء، المغرب، ط1، 1993، ص 159 .
10-محمد مفتاح، دينامية النص، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، المغرب،
ط1،
1987، ص
72.
11-رولان بارث ، المغامرة السيميولوجية ، ترجمة عبد الرحيم حزل، مراكش ،
المغرب، ط 1، 1993، ص 38.
12-عبد الرحيم الكردي ، السرد في الرواية العربية المعاصرة،
دار الثقافة، القاهرة، ط1، 1992، ص52 .
13-مخلوف عامر، الرواية والتحولات في الجزائر- دراسات
نقدية في مضمون الرواية المكتوبة بالعربية ، اتحاد الكتاب العرب ، دمشق ، سوريا ، 2000
، ص 63 ، 64 .
14-المرجع
نفسه ، ص 64 .
15-المرجع
نفسه ، ص 65 .
16-بشير
مفتي ، المراسيم و الجنائز، منشورات
الاختلاف، ط 1 ، 1998، ص83 .
17-المرجع
نفسه ، ص 76 .
18-مخلوف
عامر ، الرواية والتحولات في الجزائر ، ص 65 .
19-المرجع
نفسه ، ص 65 .
20-بشير
مفتي ، المراسيم و الجنائز، ص 84 .
21-مخلوف
عامر ، الرواية والتحولات في الجزائر ، ص 66 .
22-بشير
مفتي ، المراسيم و الجنائز، ص 88 .
23-مخلوف
عامر ، الرواية والتحولات في الجزائر ، ص 66 .
24-طه
حسين، خصام و نقد، دار العلم للملايين ، بيروت ، لبنان ، ص 45 .
25- جون
هالبرن ، نظرية الرواية- ترجمة محي الدين صبحي- ، وزارة الثقافة والإرشاد القوميّ ،
دمشق، 1981، ص 309 .
26- رينيه
ويلك- أوستن وارن ، نظرية الأدب ، ترجمة محي الدين صبحي مراجعة د.حسام الخطيب،
وزارة الثقافة، ص 119 .
27- محمود
سليمان ياقوت ، اللغة والرؤيا والحلم، دار المعرفة الجامعيّة، القاهرة ، 1992 ، ص
62 .
28-الطاهر وطار،
العشق والموت في الزمن الحراشي، دار ابن رشد للطباعة والنشر ، 1980 ، ص 31.
29-ينظر الطاهر وطار ، الزلازل .
30-مخلوف
عامر ، مظاهر
التجديد في القصة القصيرة بالجزائر-دراسة-، اتحاد الكتاب العرب ، دمشق ، سوريا، 1998
، ص 26 .
31-السعيد
يوطجين ، تيميمون رواية رشيد بوجدرة –مقاربة سردية ، مجلة اللغة و الأدب، معهد اللغة العربية و
آدابها ، جامعة الجزائر ، العدد 12 ، شعبان 1418 هـ ديسمبر 1997 م ، ص 400 .
32-رشيد
بوجدرة ، تيميمون ، دار الاجتهاد ، 1994، ص 27
.
33-مخلوف
عامر ، الرواية والتحولات في الجزائر ، ص 68 .
34-رشيد
بوجدرة ، تيميمون ، ص77.
35-المرجع
نفسه، ص 92 .
36-
المرجع نفسه، ص 102 .
37-المرجع
نفسه ، 111 .
38-المرجع
نفسه ، 130 .
39-المرجع
نفسه ، 149 .
40-مخلوف
عامر ، الرواية والتحولات في الجزائر ، ص 70 .
41-المرجع
نفسه ، ص 70 .
42-بوشليحة عبد الوهاب، الإيقاع الروائي في رواية (سيدة المقام) ،
مجلة
الموقف الأدبي ، اتحاد الكتاب العرب، دمشق ، العدد 370 شباط ، 2002 ، ص 22 .
43-واسيني الأعرج، سيدة المقام ، المؤسسة الوطنية للفنون
المطبعية، وحدة الرغاية ، الجزائر ، 1997، ص 220.
44-مخلوف
عامر ، الرواية والتحولات في الجزائر ، 75 .
45- الخامسة علاوي ، قراءة في رواية وادي
الظلام لعبد المالك مرتاض ، مجلة الناص و النص، قسم اللغة و الأدب العربي ، جامعة
جبجل ، العدد7 ، مارس 2007 ، ص 256 .
46-عبد المالك مرتاض ، وادي الظلام ، دار هومه
، الجزائر، 2005 ، ص 43 .
48-وغليسي يوسف ، المسار و المنعطف - قراءة في
تجربة عبد المالك مرتاض الروائية ، مجلة عمان ، الأردن، العدد 122 ، 2005 ، ص 59 .
49-حليفي شعيب ، شعرية الرواية الفانتاستيكية ،
المجلس الأعلى للثقافة ، الرباط ، 1997 ، ص 20 .
50-الخامسة علاوي ، قراءة في رواية وادي الظلام
لعبد المالك مرتاض ، ص 260 .
51-روبرت شولز ، سيمياء
النص الشعري - اللغة والخطاب الأدبي، ترجمة سعيد الغانمي
، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء ، المغرب ، ط1، 1993 ، ص 161 .
52-الخامسة علاوي ، قراءة
في رواية وادي الظلام لعبد المالك مرتاض ، ص 258 .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق