كتاب (( في مناهج تحليل الخطاب السردي ..))
للدكتور : عمرو عيلان
المركز الجامعي خنشلة ـ الجزائر ـ
بأسلوب مبسط ولغة سهلة يقدم لنا الأكاديمي والناقد الجزائري عمرو عيلان نظرة تكاد تكون شاملة لأهم مدارس النقد الجديد، وأهم المشتغلين به عالمياً وذلك في كتابه الهام (في مناهج تحليل الخطاب السردي) الذي يعد بحق إضافة مهمة للمكتبة العربية، وعلى الرغم من أنه تمت ترجمة الكثير من الكتب
إلا أنها ترجمة انتقائية تتحكم بها، إما الأهواء المزاجية وإما الإيديولوجية، وهي أقرب إلى ملاحقة الموضة منها إلى الإحاطة الموضوعية بكل ما ينتج في هذا المجال، ما يضع أسماء مهمة كثيرة في الظل رغم أهمية أطروحاتها. مع هذا فقد شهد النقد الروائي العربي تطوراً سريعاً خلال الأربعين سنة الماضية. ويأتي هذا الكتاب ضمن هذا السياق ليتناول بشكل دقيق مكونات مناهج النقد الأدبي في مجال السرد، أو ما اصطلح على تسميته بالنقد الجديد.
اتسم عمر عيلان في هذا الكتاب بحيادية الباحث، فاستعرض أهم المدارس التي سادت في النصف الثاني من القرن الماضي غير ناسٍ بداياتها التأسيسية التي قد ترجع إلى بدايات القرن، فتناول في الفصل الأول البنيوية، وفي الثاني مدرسة التحليل النفسي، وفي الثالث استعرض البنيوية التكوينية، وذلك من منطلق الدراسة المقارنة لتلقي أفكار وطروحات هذا النقد. فقد تناول الفصل الأول الأفكار والأطروحات التي قدمها ممثلو التيار البنيوي في النقد الجديد الذي تناول النصوص السردية بالدراسة، ووضع الجهاز المفاهيمي المتكامل للنظرية البنيوية للسرد وهم:
1- كلود ليفي شتراوس الذي انطلق من رؤية تفيد بأن الثقافة هي نظام يسير وفق النظام اللساني، والهندسة التي يبنى وفقها النظام الثقافي شبيهة بهندسة النظام اللغوي، ويرى شتراوس «أن كل ثقافة يمكن اعتبارها بالدرجة الأولى مجموعة من الأنظمة الرمزية، مثل اللغة وقوانين الارتباط العائلي ونظم القرابة، العلاقات الاقتصادية، العلوم والفنون، والديانة. وكل هذه الأنظمة تهدف إلى التعبير عن مظاهر الواقع المادي والاجتماعي، كما يمكن أن تكشف عن طبيعة الصلة التي تحكم هذه الأنظمة الرمزية فيما بينها. وهذا يؤسس لرؤية تقوم على إلغاء المفاضلة بين الثقافات، ورفض كل منهج يبنى على مفهوم التطورية والتفوق العرقي.
2- رولان بارت بأفكاره الجريئة التي قدمها في مسار المفاهيم المتعلقة بالكتابة، والنقد الأدبي، والعلاقات الوطيدة بين المسارات المختلفة للوجود الأدبي والتواصلي، والجماليات اللغوية وإنتاجية النص من زوايا جديدة، تبحث في آفاق الممكنات الأدبية، ومستندة إلى أولية اللغة والبنيات النصية، فكانت بذلك مسعى يعمل على نقد النقد التقليدي، ويطرح بدائل موضوعية لحقيقة اللغة ومنطلقاتها النفسية وانسجام بنيات الأجناس الأدبية، فيتم بذلك إعطاء تحديد لمفاهيم الجمال واللذة الجمالية والوضوح، بهدف صياغة ضوابط وأسس لما يمكن تسميته بعلم الأدب.
بأسلوب مبسط ولغة سهلة يقدم لنا الأكاديمي والناقد الجزائري عمرو عيلان نظرة تكاد تكون شاملة لأهم مدارس النقد الجديد، وأهم المشتغلين به عالمياً وذلك في كتابه الهام (في مناهج تحليل الخطاب السردي) الذي يعد بحق إضافة مهمة للمكتبة العربية، وعلى الرغم من أنه تمت ترجمة الكثير من الكتب
إلا أنها ترجمة انتقائية تتحكم بها، إما الأهواء المزاجية وإما الإيديولوجية، وهي أقرب إلى ملاحقة الموضة منها إلى الإحاطة الموضوعية بكل ما ينتج في هذا المجال، ما يضع أسماء مهمة كثيرة في الظل رغم أهمية أطروحاتها. مع هذا فقد شهد النقد الروائي العربي تطوراً سريعاً خلال الأربعين سنة الماضية. ويأتي هذا الكتاب ضمن هذا السياق ليتناول بشكل دقيق مكونات مناهج النقد الأدبي في مجال السرد، أو ما اصطلح على تسميته بالنقد الجديد.
اتسم عمر عيلان في هذا الكتاب بحيادية الباحث، فاستعرض أهم المدارس التي سادت في النصف الثاني من القرن الماضي غير ناسٍ بداياتها التأسيسية التي قد ترجع إلى بدايات القرن، فتناول في الفصل الأول البنيوية، وفي الثاني مدرسة التحليل النفسي، وفي الثالث استعرض البنيوية التكوينية، وذلك من منطلق الدراسة المقارنة لتلقي أفكار وطروحات هذا النقد. فقد تناول الفصل الأول الأفكار والأطروحات التي قدمها ممثلو التيار البنيوي في النقد الجديد الذي تناول النصوص السردية بالدراسة، ووضع الجهاز المفاهيمي المتكامل للنظرية البنيوية للسرد وهم:
1- كلود ليفي شتراوس الذي انطلق من رؤية تفيد بأن الثقافة هي نظام يسير وفق النظام اللساني، والهندسة التي يبنى وفقها النظام الثقافي شبيهة بهندسة النظام اللغوي، ويرى شتراوس «أن كل ثقافة يمكن اعتبارها بالدرجة الأولى مجموعة من الأنظمة الرمزية، مثل اللغة وقوانين الارتباط العائلي ونظم القرابة، العلاقات الاقتصادية، العلوم والفنون، والديانة. وكل هذه الأنظمة تهدف إلى التعبير عن مظاهر الواقع المادي والاجتماعي، كما يمكن أن تكشف عن طبيعة الصلة التي تحكم هذه الأنظمة الرمزية فيما بينها. وهذا يؤسس لرؤية تقوم على إلغاء المفاضلة بين الثقافات، ورفض كل منهج يبنى على مفهوم التطورية والتفوق العرقي.
2- رولان بارت بأفكاره الجريئة التي قدمها في مسار المفاهيم المتعلقة بالكتابة، والنقد الأدبي، والعلاقات الوطيدة بين المسارات المختلفة للوجود الأدبي والتواصلي، والجماليات اللغوية وإنتاجية النص من زوايا جديدة، تبحث في آفاق الممكنات الأدبية، ومستندة إلى أولية اللغة والبنيات النصية، فكانت بذلك مسعى يعمل على نقد النقد التقليدي، ويطرح بدائل موضوعية لحقيقة اللغة ومنطلقاتها النفسية وانسجام بنيات الأجناس الأدبية، فيتم بذلك إعطاء تحديد لمفاهيم الجمال واللذة الجمالية والوضوح، بهدف صياغة ضوابط وأسس لما يمكن تسميته بعلم الأدب.
3- تودروف تزفيتان الذي اقترح لدراسة النص الأدبي جملة من المظاهر والمستويات التي يرى أنها الأكثر ثباتاً واستقراراً في الخطاب الأدبي، وهي المستوى الدلالي والمستوى اللفظي، والمستوى التركيبي، حيث يتمظهر المستوى الدلالي من خلال: المظهر المرجعي والمظهر الحرفي والمظهر المادي، بينما يتعلق المستوى اللفظي بدراسة سجلات الكلام التي يعبر من خلالها السارد عن القصة وطبيعة اللغة المستعملة، في حين يتخذ المستوى التركيبي طابعاً تأليفياً لإنجاز تراكيب مختلفة من العلاقات بين مختلف المكونات النصية، سواء أكانت جملاً، أم مقاطع، أم مكونات زمانية أم مكانية.
4- جيرار جينيت الذي «أسس للنظرية البنائية كأطروحة نظرية، ومنهج يركز على الخصوصيات الجمالية والبلاغية لمكونات شعرية النص، من خلال سعيه إلى إقامة نظرية عامة في الأشكال الأدبية تستكشف إمكانات الخطاب.. وبهذه الصفة يمثل التيار النقدي الطامح إلى توضيح فعل الكتابة ذاتها». ويؤكد جينيت نزعته «الشعرية» الهادفة إلى البحث في مقومات النص الداخلية بعيداً عن الإكراهات الخارجية مهما كانت.
أما في الفصل الثاني فقد عرض عمرو عيلان للنقد النفسي كما قدمه شارل مورن، الذي اقترح مصطلح النقد الاجتماعي بديلاً لدراسات التحليل النفسي. كما تناول بالعرض الأسس المنهجية لجاك لاكان حول اللاوعي وعلاقته باللغة، فقد أسس لاكان لنظرية «اللغة اللاشعور» من خلال اتكائه على أطروحات فرويد حول الأحلام ودراسة خطاب اللاشعور من حيث تركيباته وبنياته وقوانينه من جهة، واستحضاره من جهة أخرى مبدأ دوسوسير وجاكبسون حول اللغة، وعلاقات الأدلة بالمدلولات. وتوظيف العمليات التواصلية في إدراك وصياغة نظام رمزي محكوم بقواعد المجاز والاستعارات والألاعيب اللغوية الأخرى، وكذلك تناول الرواية العائلية واللاوعي لدى مارت روبير، التي صاغت نظريتها الأساسية في كتابها «رواية الأصول وأصول الرواية» الصادر (1972) منطلقة من أطروحات فرويد عن العصابيين العائلية (1901) التي ربط فيها السرد والقص بمجموعة من التصورات والاستيهامات المستثارة في شكل أحلام اليقظة. وهي وسيلة يلجأ إليها الخيال الإنساني في مرحلة نموه عند الطفل، ليجد من خلالها حلاً لهويته بعدما يصطدم بحقيقة واقع الأسرة وعلاقته بوالديه التي يرى فيها ينبوع الرعاية والحب المطلق، لكن سرعان ما تتراجع هذه الصورة ويكتشف أن والديه ليسا بتلك المثالية المركزية الموجهة له، وخاصة في حال قدوم ولد جديد. وفي نهاية الفصل قدم أفكار جون بلمان نويل المتعلقة بلاوعي النص وأهمية القارئ في إنتاجية النص الأدبي.
أما في الفصل الثالث فقد خصصه للحديث عن المكون الثالث «النقد البنيوي التكويني»، كما قدمه لوسيان غولدمان، والمفاهيم الأساسية لهذا التوجه الذي يعد تنويعاً بنيوياً للنقد الاجتماعي الكلاسيكي، فمن خلال البحث عن البنية المجتمعية داخل النص، حدد غولدمان جملة من المقولات هي: البنية الدالة، رؤية العالم، الفهم، التفسير، والوعي بأنواعه وأشكاله. كما أشار الكاتب في هذا السياق إلى مقترحات ميخائيل باختين التي تعد إسهاماً بنيوياً في تغيير مسار النقد الاجتماعي، وإعطائه دفعاً نحو الاهتمام بالمقومات البنائية والجمالية للنص الروائي عبر مفاهيم: الحوارية، الرواية المناجاتية، والرواية متعددة الأصوات، الأسلبة. كما قدم أفكار بيار زيما حول سوسيولوجية النص الأدبي، وأطروحاته حول العلاقة بين الإبداع الأدبي والحياة المجتمعية.
أخيراً يمكن القول إنه لا يمكن لعرض صحفي أن يفي الكتاب حقه، وخاصة أن الكاتب بقدر ما أراد لكتابه أن يكون شاملاً لأهم مدارس النقد الجديد، بقدر ما لجأ إلى الاقتصاد اللغوي كي لا يتضخم البحث كثيراً ويفلت الموضوع من عقاله، يبقى الكتاب إضافة مهمة للمكتبة العربية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق