تأليف
عبد الله بن سُليمان العُتَيِّق
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ، و الصلاة و السلام على رسول الله ، و على
آله و صحبه و من والاه .
أما بعد :
( فإن النحو علم يُعرف به حقائق المعاني ، و يوقف به
على معرفة الأصول و المباني ، و يحتاج إليه في معرفة الأحكام ، و يستدل به على
الفرق بين الحلال و الحرام ، و يُتوصل بمعرفته إلى معاني الكتاب ، و ما فيه من
الحكمة و فصل الخطاب )([1])
و لابد له مع ذلك من أصول تُحكمه ، و ضوابط تضبطه حتى
يكون الاستدلال ، و الاحتجاج على أصول و قواعد محكمة.
و قد كتب في ذلك الجلال السيوطي ( الاقتراح في أصول
النحو و جدله ) فنثر فيه درراً ، و غرراً ، و فوائد بديعة ، و شوارد رفيعة .
و مما زاده جمالاً على جماله شرح ابن الطيب الفاسي (
فيض نشر الانشراح من روض طي الاقتراح ) عليه ، فجلى فيه غوامضه ، و أبان مشكلاته .
و قد اعتراهما حشوٌ يُورث الملل و السآمة على المشتغل
بالقراءة فيهما .
و قد صحَّ العزم باختصار و تهذيب لكتاب السيوطي
مقتصراً فيه على المهم من تلك الأصول ، وزائداً عليه المهم _ من غيـره _ ، مجانباً
للحشو فيه .
و سميته بـ ( النحو إلى أصول النحو ) .
و الله أسأل أن ينفع به كما نفع بأصله .
مقدمات
أصول النحو : علم يُبحث
فيه عن أدلة النحو الإجمالية من حيث هي أدلته ، و كيفية الاستدلال بها، و حال
المستدل بها .
حد النحو : علم بأصولٍ يُعرف بها أحوال أواخر الكلم العربية إعراباً و بناءً .
و قيل : انتحاء سمْتِ كلام العرب ليلحق مَنْ ليس مِنْ
أهل العربية بأهلها في الفصاحة .
حد اللغات : اللغة أصوات يُعَبِّر بها كل قوم
عن أغراضهم .
فصل
في
مبدأ اللغة
اختلف أهل العربية في ذلك على أقوال ثلاثة :
الأول : أنها من وضع الله تعالى . وهو الأرجح .
الثاني : أنها اصطلاحية .
الثالث : التوقف .
فصل
في
المناسبة بين الألفاظ و المعاني
أطبق أهل اللغة على
التناسب بين الألفاظ و المعاني ، بل الألفاظ قوالب للمعاني .
و هي شرط في الألفاظ لأنها إن كانت من وضع الله تعالى
فهي لازمة لحكمته ، أو كانت من وضع البشر فهي ظاهرة لمرادهم لمعناها .
و دلالة الألفاظ على المعاني إما :
(1) بذواتها .
(2) أو بوضع الله تعالى .
(3) أو بوضع الناس .
(4) أو بكون البعض بوضع الله ، و البعض بوضع الناس .
فصل
في
الدلالات النحوية
الدلالة هي ما يقتضيه اللفظ عند إطلاقه .
و هي ثلاث دلالات :
الأولى : دلالة لفظية : وهو ما
يعود إلى القول و الكلام .
الثانية : دلالة صناعية : و هي ما
يعرف بالمصطلح .
الثالثة : دلالة معنوية : وهو ما
يفهم من الملابسات المحيطة بالمتكلم من غير استعانة بكلام كـقولك للمسافر : سفرا
سعيدا أي تسافر سفرا سعيدا .
فصل
في
الحكم النحوي
الحكم النحوي ستة أقسام :
الأول : الواجب ؛ كـ ( رفع
الفاعل ) و تأخره عن الفعل .
الثاني
: الممنوع
؛ كعكس ما سبق .
الثالث
: الحسن
؛كرفع المضارع الواقع جزاءً بعد شرط ماضٍ .
الرابع
: القبيح ؛
كرفع المضارع بعد شرط مضارع . وهو ضعيف أو ضرورة .
الخامس
: خلاف الأوْلى ؛كتقديم الفاعل على المفعول نحو ( ضرب غلامُهُ زيداً )
بدلاً من ( ضرب زيداً غلامه ) .
السادس
: جائز على السواء ؛ كحذف المبتدأ أو الخبر أو إثباته حيث لا مانع
من الحذف و لا مقتضى له .
و
منه رخصة : وهو ما جاز استعماله لضرورة الشعر .
فصل
في
طرق معرفة العجمة
الكلام العجمي هو كلُّ ما ليس بعربي ، و لو نقل إلى العربية
.
و لمعرفة العجمة في
الاسم طرائق سبعة :
الأولى
: أن
يُعرف بالنقل عن إمام من أئمة العربية .
الثانية
: أن
يكون خارجاً عن أوزان الأسماء العربية .
الثالثة
: أن
يكون أوله نون ثم راء كـ ( نرجس )، فإنه لا يعرف في العربية اسم هذه حاله .
الرابعة
: أن
يكون آخره دالٌ بعدها زاي كـ ( مهندز )، أو دالٌ بعدها ذال كـ ( بغداذ ) .
الخامسة
: أن
يجتمع فيه :
(1) الجيم
و الصاد كـ ( الصولجان ) .
(2) الجيم
و القاف كـ ( المنجنيق ) .
(3) الجيم
و الكاف كـ ( جنكيز ).
(4) الجيم
و الطاء كـ ( الطاجن ) .
(5) السين
و الذال كـ ( السذَّاب ) .
(6) الصاد
و الطاء كـ ( صراط ) ([3]).
(7) الطاء
و التاء كـ ( طست ) .
السادسة
: أن
يكون خماسياً أو رباعياً عارياً من الحروف الذلاقية _ و هي : الباء ، و الراء ، و
الفاء ، و اللام ، و الميم ، و النون _ .
فإذا
كان الاسم كذلك _ أي رباعي أو خماسي وهو خالٍ من تلك الحروف _ فهو أعجمي([4]).
السابعة
: أن
يأتي الاسم و فيه لام بعدها شين ، فإن الشينات في العربية كلها قبل اللام .
الأدلة
تثبت النحويات بأمور
هي :
الأول
: السماع : و المحتج به منه :
القرآن
:
فكلُّ ما ورد أنه قريء جاز الاحتجاج به في العربية سواءً كان :
(1) متواتراً
وهو ما قرأ به السبعة .
(2) آحاداً
وهو ما روي عن بعضهم و لم يتواتر .
(3) شاذاً
: وهو ما كان عن غير السبعة .
و
الإجماع على الاحتجاج بالقراءات الشاذة .
و
ليس فيه لغة ضعيفة و لا شاذة و فيه لغات قليلة .
و ليس فيه ما ليس من
لغة العرب ، و إنما يتوافق اللفظُ اللفظَ و يقاربه و معناهما واحد . و أحدهما
بالعربية و الآخر بغيرها . و كل ما فيه فهو أفصح مما في غيره إجماعاً .
الحديث
: الصحيح
الاحتجاج به ، و هو أولى من غيره عدا القرآن .
و
يستدل منه بما ثبت عن النبي e نقله على
اللفظ المروي به ، و سواء فيه :
(1) المتواتر
.
(2) الآحاد
.
كلام
العرب : و
يحتج منه بما ثبت عن الفصحاء الموثوق بعربيتهم ، حتى و لو كانوا كفاراً .
و
يحتج بكلام قبائل قلب الجزيرة : قريش ، قيس ، تميم ، أسد ، ثم هذيل ، و بعض كنانة
، و بعض الطائيين .
و
لا يؤخذ عمن جاور غير العرب لفساد ألسنتهم .
و
لا يحتج بكلام المولّدين و المُحدَثِيْن .
و
فرقٌ بين المولَّد و المصنوع ، فإن المصنوع يورده صاحبه على أنه عربي فصيح ، و
المولَّد بخلافه .
فصل
في
أقسام المسموع
ينقسم المسموع عن
العرب
إلى قسمين :
(1) مُطّرِد
: وهو الكلام المنقول عن العرب ، مستفيضاً ، بحيث يُطْمَأَن إلى أنه كثير كي يقاس
عليه .
(2) شاذ
: وهو كلُّ كلام عربي أصيل ، لم تذكر له قاعدة كلية ، و لم يحظَ بالشيوع و الكثرة
، و لا يقاس عليه .
و
هما على أربعة أضرب :
الأول
: مطرد
في القياس و الاستعمال معاً و هذا هو المطلوب و الغاية : و هو الكلام :
(1) الذي
لا يخرج عن القواعد العامة المبنية على الأعم و الأشمل .
(2) و
الذي كثر استعماله في العربية .
الثاني
: مطرد
في القياس شاذ في الاستعمال : و هو الكلام :
(1) الذي
لا يخرج عن القواعد العامة المبنية على الأعم و الأشمل .
(2) و
ندر استعماله .
الثالث
: مطرد
في الاستعمال شاذ في القياس : و هو الكلام :
(1) الذي
خرج عن القواعد العامة المبنية على الأعم و الأشمل .
(2) الذي
كثر استعماله .
الرابع
: شاذ
في القياس و الاستعمال معاً : و هو الكلام :
(1) الخارج
عن القواعد العامة المبنية على الأعم و الأشمل .
(2) و
لم تستخدمه العرب . وهو مجمع على رفضه .
فصل
في
حكم اللغات
جميع لغات العرب حجة
على اختلافها ، و يقاس عليها .
و
يستعمل الأقوى و الشائع منها .
فائدة
: اختلاف
اللغات من وجوه :
الأول
: الاختلاف
في الحركات .
الثاني
: الاختلاف
في الحركة و السكون .
الثالث
: الاختلاف
في إبدال الحروف .
الرابع
: الاختلاف
في الهمز و التليين .
الخامس
: الاختلاف
في التقديم و التأخير .
السادس
:الاختلاف
في الحذف و الإثبات .
السابع
: الاختلاف
في الحرف الصحيح يُبْدَل حرفاً معتلاً .
الثامن
: الاختلاف
في الإمالة و التفخيم .
التاسع
: الاختلاف
في الحرف الساكن يستقبله مثله فمنهم من يكسر الأول ، و منهم من يضم .
العاشر
: الاختلاف
في التذكير و التأنيث .
الحادي
عشر : الاختلاف
في الإدغام .
الثاني
عشر : الاختلاف
في الإعراب .
الثالث
عشر : الاختلاف
في صورة الجمع .
الرابع
عشر :الاختلاف
في التحقيق و الاختلاس .
الخامس
عشر :الاختلاف
في الوقف على هاء التأنيث .
السادس
عشر :الاختلاف
في الزيادة ، نحو : انظر و انظور .
و
من اختلاف اللغات ما هو اختلاف تضادٍّ .
و
قد يكون في الكلمة لغتان ، أو ثلاث ، أو أربع ، أو خمس ، أو ست ، و لا يكون أكثر
من ذلك .
الثاني : الإجماع :
وهو اتفاق علماء النحو و الصرف على مسألة أو حكم .
و المراد بالعلماء أئمة البلدين
_ الكوفة و البصرة _ ، أو أكثر النحاة ، لا كلّ العلماء في العصور .
و إجماع العرب إن وقف عليه .
و هو حجة إذا لم يخالف :
(1) المنصوص
.
(2) المقيس
على المنصوص .
و يعمل بالمجمع عليه عند تعارضه مع المختلف فيه .
و إحداث قولٍ من تركيب للمذاهب شبيه بتداخل اللغات .
مسألة : هل يعتبر الإجماع
السكوتي ؟
التحقيق على اعتباره .
الثالث : القياس : وهو حمل
غير المنقول على المنقول إذا كان في معناه .
وهو معظم أدلة النحو ، و التعويل عليه في أغلب المسائل
النحوية .
و لا يتحقق إنكاره لأنه أغلب النحو ، و إنكاره إنكار للنحو
.
و ينقسم إلى :
(1) حمل فرع على أصل .
(2) حمل
أصل على فرع .
(3) حمل
نظير على نظير .
(4) حمل
ضد على ضد .
و الأول و الثالث هو قياس المساوي : وهو أن تكون العلة في
الفرع و الأصل على سواء .
و الثاني قياس الأولى : و هو أن تكون العلة في الفرع أقوى
منها في الأصل .
و الرابع قياس الأدون : و هو أن تكون العلة في الفرع أضعف
منها في الأصل .
وهو ينقسم _ أيضاً _ :
(1) قياس
جلي : أي واضح ظاهر لوضوح جامعية علته للأصل و الفرع .
(2) قياس خفي : وهو ترك القياس و
الأخذ بما هو أوفق للناس ، و هو الاستحسان .
والقياس
أنواع ستة :
الأول
: القياس الأصلي : وهو إلحاق اللفظ بأمثاله في حكم ثبت لها
باستقراء كلام العرب ، حتى انتظمت منه قاعدة عامة .
الثاني
: قياس التمثيل : وهو إعطاء الكلم حكم ما ثبت لغيرها من الكلم
المخالفة لها في نوعها ، و لكن توجد بينهما مشابهة في بعض الوجوه .
الثالث
: قياس الشبه : وهو حمل العرب لبعض الكلمات على أخرى ، و إعطاؤها حكمها
لشبه بينهما من جهة المعنى .
الرابع
: قياس العلة : وهو اشتراك المقيس و المقيس عليه في العلة التي يقوم الحكم
عليها . و يأتي الكلام على العلة إن شاء الله تعالى .
الخامس
: قياس الطرد : وهو الذي يوجد معه الحكم للاطراد .
السادس
: إلغاء الفارق : وهو بيان أن الفرع لم يفارق الأصل إلا فيما لا يؤثر ،
فيلزم اشتراكهما .
و
شروطه :
الأول
: أن
لا يكون المقيس عليه شاذاً .
الثاني
: أن
يكون المقيس قد قيس على كلام العرب .
الثالث
: أن
يكون الحكم قد ثبت استعماله عن العرب .
و
أركانه أربعة :
الأول
: الأصل : و
هو المقيس عليه .
و من شرطه : أن لا يكون شاذاً خارجاً عن سَنَنِ
القياس .
و
ليس من شرطه الكثرة ؛ إذ قد يقاس على القليل لموافقته للقياس ، و لا يقاس على
الكثير لمخالفته إياه .
و
يجوز تعدد الأصول المقيس عليها .
الثاني
: فرع :
وهو المقيس .
و
هو من كلام العرب إذ القياس على كلامهم .
الثالث
: الحكم : وهو
ما يكتسبه الفرع من الأصل .
و
يقاس على حكم ثبت استعماله عن العرب ، و على ما ثبت بالقياس و الاستنباط .
و
هل يجوز القياس على أصل مختلف في حكمه ؟
يجوز
عند إقامة الدليل ، و يمنع عند عدمه .
الرابع
: العلة الجامعة بين الأصل و الفرع .
اعتلالات
النحويين صنفان :
الأول
: علة
تطرد على كلام العرب و تنساق إلى قانون لغتهم ، و هي الأكثر استعمالاً ، و أشد
تداولاً .
الثاني
: علة
تُظهر حكمة العرب ، و تكشف عن صحة أغراضهم و مقاصدهم في موضوعاتهم .
و
العلة قد تكون :
(1) بسيطة : و هي التي يقع التعليل
بها من وجه واحد .
(2) مركبة
: وهي
التي يقع التعليل بها من عدة أوجه .
و
أكثر العلل على الإيجاب .
و
ثبوت الحكم في محل النص ثبوت بالعلة لا بالنص .
من
شرط العلة : أن تكون هي الموجبة للحكم في المقيس عليه .
و
يجوز :
(1) التعليل
بعلتين .
(2) تعليل
حكمين بعلة واحدة .
(3) التعليل
بالأمور العدمية .
فصل
في
مسالك العلة
الأول
: الإجماع : وهو أن يجمع أهل
العربية على أن علة هذا الحكم كذا .
الثاني
: النص : وهو
أن ينصَّ العربي على العلة .
الثالث
: الإيماء : وهو الإشارة إلى العلة بخفاء .
الرابع
: السبر و التقسيم : و هو ذكر الأقسام المحتملة ، ثم يختبر ما يصلح
منها و ينفي ما عداه بطريقه .
الخامس
: المناسبة : و هو أن يحمل الفرع على الأصل بالعلة التي علّق عليها الحكم
في الأصل .
و
هل يجب لإظهار المناسبة عند المطالبة ؟
قيل
يجب ، و قيل لا يجب .
السادس
: الشبه : وهو
أن يحمل الفرع على الأصل بنوع من الشبه غير العلة التي علّق عليها الحكم في الأصل
.
و
قياسه قياس صحيح يجوز التمسك به كقياس العلة على الصحيح .
السابع
: الطرد : وهو
الذي يوجد معه الحكم وتفقد المناسبة في العلة .
الثامن
: إلغاء الفارق : و هو بيان أن الفرع لم يفارق الأصل إلا فيما لا يؤثر فيلزم
اشتراكهما .
فصل
في
القوادح في العلة
الأول
: النقض :و
هو أن توجد العلة و لا يوجد الحكم .
و
هذا عند من لا يرى التخصيص ببعض الأفراد لوجود اطّرادها ، فإذا وُجدت وجد الحكم فتخلفه
عنها مع وجودها نقض لها .
الثاني
: تخلف العكس : أي كون العلة غير منعكسة .
و
العكس شرط في العلة وهو : أنه إذا فقدت العلة فقد الحكم .
الثالث
: عدم التأثير : وهو أن يكون الوصف لا مناسبة له _ أي لا أثر له في الحكم _
.
و
الأوصاف في العلة مفتقرة إلى شيئين :
أولهما
: أن
يكون لها تأثير .
ثانيهما
: أن
يكون فيها احتراز .
الرابع
: القول بالموجب : و هو أن يسلم للمستدل ما اتخذه موجباً للعلة مع
استبقاء الخلاف ، و متى توجه الخلاف كان المستدل منقطعاً ، فإن توجه الخلاف في بعض
الصور المختلف فيها مع عموم العلة لتلك الصور لم يعد المستدل منقطعاً .
الخامس : فساد الاعتبار : وهو أن
يستدل بالقياس في مقابلة النص عن العرب .
السادس
: فساد الوضع : و هو كون الجامع في القياس ثبت اعتباره بنصٍ أو إجماع في
نقيض الحكم .
و
هو أيضاً : تعليق العلة على ضد المقتضى .
السابع
: المنع للعلة : أي عدم قبولها _ و قد يكون في الأصل و الفرع _ .
و
عدم قبول العلة مكابرة ، و موجب لقطع المناظرات .
الثامن
: المطالبة بتصحيح العلة : أي أن يطالب المعترضُ المستدلَّ بثبوت العلة .
التاسع : المعارضة : وهو أن
يعارَض المستدل بعلة مبتدأة .
فصل
في
الأسئلة
السؤال مبناه على
أربعة أركان :
الأول
: السائل و
هو الطالب للجواب .
و
ينبغي له أن يقصد قصد المستفهم ، و يسأل عما ثبت فيه الغموض .
الثاني
: المسؤول به : و هي أدوات الاستفهام المعروفة .
و
يكون السؤال مفهوماً غيرَ مبهمٍ .
الثالث
: المسؤول منه : و هو المطلوب منه الجواب على السؤال .
و
شرطه
أن يكون من أهل الفن المسؤول فيه كالنحوي عن النحو .
و
يستحب له : أن يجيب بعد تعيين السؤال ، و سكوته بعده قبيح ، إلا إذا
كان سكوته لما رآه من الحاضرين ما لا يليق بالأدب .
و
قبيحٌ سكوته عن ذكر الدليل بعد الجواب زمناً طويلاً ؛ إلا إذا كان سكوته بحثاً عن
أقرب الطرق إيفاءً بالغرض ، و ينبغي له أن يتحرى في الفتوى ما لا يتحرى بالمذاكرة
.
و له أن يزيد في
الجواب إذا اقتضى ذلك .
و
النقص فيه _ أي الجواب _ عيب لما فيه من الإخلال بالجواب ، و عدم استيفائه .
و
إذا كان السؤال عاماً كان الجواب عاماً .
الرابع
: المسؤول عنه : وهو الأمر المتطلب
جواباً .
وينبغي
أن
يكون مما يمكن إدراكه و الإحاطة به .
و
الجواب : هو
المطابق للسؤال .
فصل
في
اجتماع الأدلة
قد تجتمع الأدلة
السابقة _ السماع و الإجماع و القياس _ دليلاً على مسألة .
فصل
في
الاستصحاب
وهو استمرار الحكم و بقاء
ما كان على ما كان .
و
هو من الأدلة المعتبرة ، و من أضعفها .
و
لا يجوز التمسك به حال وجداننا لدليل .
و
إذا تعارض مع دليلِ سماعٍ أو قياسٍ فلا
عبرة به .
فصل
في
أدلة متفرقة شتى
اعلم أن أدلة النحو
كثيرة جداً لا تحصر ، و ما مر ذكره فهو منضبط بضابط ، و هناك أدلة لا ضابط خاص لها
تندرج تحته ، منها :
الأول
: الاستدلال بالعكس :وهو أن يعكس دليل على حكم مّا لإبطال هذا الحكم
.
الثاني
: الاستدلال ببيان العلة : و هو تبيان علة الحكم للاستدلال بوجودها على
وجوده، و بعدم وجودها على عدم وجوده .
وهو
نوعان :
الأول
: أن
يبيِّن علة الحكم و يستدلَّ بوجودها في موضع الخلاف ليوجد بها الحكم .
الثاني
: أن
يبين العلة ث يستدل بعدمها على عدم ذلك الحكم في موضع الخلاف .
الثالث
: الاستدلال بعدم الدليل في شيء على نفيه : وهو نفي الدليل لعدم
وجوده ، لأنه يلزم من فقد العلة فقد المعلول .
و
هذا يكون في أي أمر ثبت فإن دليله يظهر ظهوراً لا خفاء فيه .
الرابع
: الاستدلال بالأصول : وهو إبطال دليل بالرجوع إلى الأصل .
الخامس
: الاستدلال بعدم النظير : وهو النفي لعدم وجود دليل على الإثبات .
فإن
وجد الدليل على الإثبات لم يلتفت إليه .
السادس
: الاستحسان : وهو ترك القياس و الأخذ بما هو أوفق للناس .
وهو
القياس الخفي .
و
دلالته ضعيفة غير محكمة .
ومنه
:
(1) ترك
الأخف إلى الأثقل من غير ضرورة .
(2) ما
يخرج عن أصل قاعدته كـ ( استحوذ ) .
(3) ما
يبقى الحكم فيه مع زوال علته .
(4) إذا
اجتمع التعريف العلَمي و التأنيث السماعي أو العجمة في الثلاثي الساكن الوسط ،
فالقياس منع الصرف ، و الاستحسان صرفه لخفته .
مثال
المؤنث : هند . العجمة
: نوح .
السابع
: الاستقراء : و هو تعرُّف الشيء
الكلي بجميع جزئياته .
أو
إثبات الأمر الكلي بتتبع الجزئيات .
الثامن
: الدليل المسمى بـ ( الباقي ) : و هو بقاء الدليل على حكمه الأصلي في
جانب معيَّن بعدما خولفت الجوانب الأخرى لعلة اقتضت ذلك .
بيان
ذلك :
أن الإعراب لا يدخل
منه شيء في الفعل ، لأن الأصل البناء لعدم وجود علة تقتضي الإعراب .
و
لكن هذا الحكم قد خولف في دخول الرفع و النصب في المضارع . لوجود العلة المقتضية
للنصب و الرفع .
و
هذا الحكم لم يُخالَف في الجر ، و هذا هو الدليل الباقي من أن الأصل عدم دخول
الإعراب على الفعل .
التعارض
و الترجيح
إذا تعارض نقلان أخذ
بأرجحهما :
و
الترجيح إما أن يكون في :
(1) الإسناد
: و ذلك بأن يكون رواة أحد النقلين أكثر من الآخر ، أو أعلم و أحفظ .
(2) المتن
: و ذلك بأن يكون أحد النقلين على وَفْق القياس ، و الآخر على خلافه .
إذا
تعارض ارتكاب شاذ و لغة ضعيفة فارتكاب اللغة الضعيفة أولى من الشاذ .
إذا
تعارض قياسان أخذ بأرجحهما و هو ما وافق دليلاً آخر من : نقلٍ أو قياس .
و
إذا تعارض القياس و السماع نُطِقَ بالمسموع على ما جاء عليه لأنه نص الأصل .
و
إذا كان التعارض في قوة القياس و كثرة الاستعمال قُدِّم ما كثر استعماله .
و
إذا تعارض أصل و غالب فالعمل بالأصل ، و قد يعمل بالغالب على قلة .
و
إذا تعارض قبيحان أُخذ بأقربهما ، و أقلهما فحشاً .
و
إذا تعارض قولان عن عالم أحدهما مرسل _ أي لم يقيَّد بدليل _ ، و الآخر معلل _ أي
مقيَّد بدليل _ أخذ بالثاني لقيام حجته .
أحوال
مستنبط هذا العلم
من شرطه :
(1) أن
يكون عالماً بلغة العرب .
(2) أن
يكون محيطاً بكلامها .
(3) أن
يكون مطلعاً على نثرها و نظمها .
(4) أن
يكون خبيراً بصحة نسبة ذلك إليهم .
(5) أن
يكون عالماً بأحوال الرواية .
(6) أن
يكون عالماً بإجماع النحاة .
و إذا أدى المجتهدَ
القياسُ إلى شيء ثم سمع العرب نطقت بغيره على قياسٍ غيره فإنه يدع ما كان عليه .
قال
مقيده _ عفا الله عنه _: وافق الفراغ من رَقْم هذه الوجيزة الأصولية النحوية مغرب يوم
الثلاثاء العشرين من شهر ربيع الأول عام اثنين و عشرين و أربعمائة و ألف في رياض
نجد .
و
الحمد لله رب العالمين .
النحو في
لغة قصد كذا مثل و
جانبٌ وقريب بعض مقدار
نوع و مثل
بيان بعد ذا عقب عشر معانٍ لها في الكل
أسرار
انظر : فيض نشر
الانشراح 1/229 ، حاشية الخضري على شرح ابن عقيل 1/10 .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق